إن العناق هو من أروع الأمور التي يمكن أن نقدمها لشخص آخر، على الإطلاق. ويُعد العناق في حد ذاته، شكلاً خاصًا من أشكال العلاج.
إن تلقي العناق يمنحنا شعورًا بالراحة والتشجيع والاهتمام والمحبة والتفهُم، والعديد من المشاعر التي لا توصف. حيث يتضمن العناق ما هو أكثر بكثير من مجرد المظهر السطحي الخارجي التي تبدو عليه. فهناك تفاعلات حقيقية ذات معنى تحدث بداخلنا عندما نتلقى عناقًا أو نمنحه لشخص آخر.
ويمكن اعتبار التغيرات الفسيولوجية التي نختبرها عميقًا أثناء العناق على أنها أحد الأشكال الأساسية لكوننا بشرًا وعلى قيد الحياة[1].
ألا توافقون على أن عناق بعضكم البعض كل يوم سيكون فكرة جيدة؟
١- تحقيق الاتزان في الجهاز العصبي:
يحدث هذا التوازن في الجهاز العصبي بمجرد أن يقوم الشخص بمعانقة شخص آخر.حيث ترتبط مجسات استشعار الضغط الدقيقة، والتي يُشار إليها باسم جُسيمات باتشيني[2]Paciniciancorpuscles بالمخ Brain، وذلك عن طريق العصب الحائر[3]Vagusnerve.
يتمحور هذا كله، بشكل أساسي، حول إحساس البشر باللمس. فما يحدث أثناء العناق؛ أي عندما يشعر الجسم بالدفء ونبضات اللمس التي تسري في الأوصال كالكهرباء[4]، من شأنه أن يخلق حالة توازن في الجهاز العصبي التلقائي اللاودي/الباراسمبثاوي[5]parasympathetic nervous system، وهو ما يتحقق عن طريق حالة التماسك والالتئام والاتساق coherence الفسيولوجي النفسي التي تتحقق عندما نعانق شخصًا ما بحرارة!
٢- تقليل مستويات الضغط النفسي والإجهاد:
إن معانقة شخص ما يمكنها أن تخفف من حدة الإجهاد الذي يشعر به هذا الشخص[6]، على الفور وبشكل فعَّال. وكثيرًا ما نستخف بقوة المُعانقة. لكن ما يحدث عند المُعانقة هو انخفاض كبير في مستوى هرمون الكورتيزول[7] الذي يسري في جميع أنحاء الجسم عبر الدورة الدموية.هذا يعني أن عقولنا حينئذ يمكنها أن تهدأ وتفكر دون ضغوط.
في المرة القادمة التي تكون فيها مع شخص مهم بالنسبة لك، امنحه أكبر عناق يمكنك أن تتشجع وتبادر لتمنحه!
٣- تحسين المزاج العام:
عندما تعانق شخصًا ما، يبدأ المخ في زيادة إفراز السيروتونين[8]، والذي يعتبر المادة الكيميائية الأساسية التي قد تحتاج إليها من أجل أن تكون في مزاج إيجابي أو أن تتخذ موقف إيجابي تجاه الأحداث. من شأن هذا أيضًا أن يُعزز من ثقتك في نفسك.
ومن الأمور الهامة التي يجب مراعاتها عندما نبحث في أمر الاكتئاب أو نفكر في أولئك الذين يعانون من الوحدة، هي أنهم يعانون فعلاً من مستويات منخفضة من السيروتونين.
فعندما تعانق شخصًا ما، يبدأ المخ في إطلاق المزيد من السيروتونين والاندروفين[9] في الدورة الدموية، مما يخلق الرضا والسرور ويطرد الحزن[10].
٤- استرخاء الجسم:
تعمل المعانقة على جعل جسمك يسترخي بأفضل طريقة ممكنة. عندما ننال عناقًا، تبدأ عضلات الجسد في التحرر من الشد والتوتر والضغط.
بجدية، لماذا لا نُعانق بعضنا البعض أكثر؟
٥- تعزيز صحة القلب/يقلل من معدل ضربات القلب:
إن المعانقة لديها قدرة مذهلة على خفض معدل ضربات قلب الإنسان.وقد أشارت دراسة كشفت عنها جامعة كارولينا الشمالية[11]North Carolina - Chapel Hill، إلى أن المتطوعين -في تلك الدراسة- الذين كان بينهم وبين شركائهم اتصالا[12] ضئيلاً أو لم يكن هناك اتصالاً على الإطلاق قد سجلوا معدل أسرع لضربات القلب مقارنة بأولئك الذين قد عانقهم شركاؤهم طوال الوقت أثناء فترة التجربة.
بشكل أساسي، كلما قل معدل ضربات القلب كلما قلت الإصابة بأمراض القلب وقلَّ الاضطراب الذي قد تتسبب فيه الأمراض القلبية.
باختصار، نحن بحاجة إلى معانقة بعضنا البعض كل يوم من أجل صحتنا النفسية والبدنية، والأهم من ذلك، من أجل بهجتنا وسعادتنا.
ترجمة د. مريم ميلاد
ترجمة خاصة لموقع الخدمة
___________________
المصدر:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ