"سيكون من المستحيل كليّةً على المسيحيين الأوائل
التعرف على المسيحية في تشوهها الحالي..
فالتشابه بين كونك مسيحياً اليوم وما كان عليه في زمنهم
هو ذات التشابه بين السير على أرجلك والسير على رأسك"
(سورين كيركجارد)
تقرير حديث حقيقي و خطير.. وبحث ميداني أكثر خطورة
(ألا ينطبق هذا علينا هنا أيضاً؟!)
ملاحظة هامة:
هذه مجموعة مقالات أكاديمية غير قصيرة، وليست مقال واحد، (أطولهم الرابع) حول الدراسة والبحث الميداني المطروح هنا. قد يكون من الصعب عليك عزيزي القارئ متابعة كل هذه المقالات دفعة واحدة. إن كان كذلك، نقترح عليك قراءة مقال واحد في المرة الواحدة
*****
المقال الأول
مزيد من الشباب الصغير يصبحون مسيحيين "مزيفين"
تقرير: جون بليك، شبكة سي إن إن
27 أغسطس 2010
. إذا كنت أباً لشاب مسيحي في سن المراهقة فإن "كيندا كريزي دين Dean Kenda Creasy" لديها تحذير لك، وهو
إن ولدك يتبع شكل "مُحوّر ممسوخ mutant " للمسيحية، وقد تكون أنت المسئول عن ذلك:
تقول "دين" أن المزيد من الشباب الأمريكي صغار السن يعتنقون ما أطلقت عليه "الربوبية الأخلاقية العلاجية moralistic therapeutic deism"، وهو ما يعني: الإيمان المخفف الذي يصور الله كأنه "معالج إلهي" هدفه الرئيسي هو تعزيز الثقة والتقدير الذاتي للبشر.
"دين" خادمة، وهي أستاذ في الثقافة الكنسية بكلية اللاهوت ببرينستون، وهي أيضاً مؤلفة كتاب "تقريباً مسيحي Almost Christian"، وهو كتاب جديد يناقش فكرة أن العديد من الآباء والرعاة، عن غير عمد، ينقلون هذه النبرة المسيحية التي تخدم مصالحهم الشخصية.
وتقول "دين": إن هذا الإيمان "المزيف" هو سبب من الأسباب التي تجعل الشباب صغار السن يهجرون الكنائس. كما تقول: إن كان هذا هو الله الذي يرونه في الكنيسة، فلهم الحق في أن يتركونا في ضياعنا، فالكنائس لا تمنحهم ما يكفي لإثارة الشغف فيهم".
ما هي سمات هؤلاء الشباب؟
جاءت "دين" باستنتاجاتها مما أطلقت عليه أكثر فصول الصيف إحباطاً في حياتها، حين اشتركت في إجراء مقابلات مع شبابٍ صغار بخصوص إيمانهم، بعد إجراء بحث سلوكي لدراسة مثيرة للجدل تُسمى "الدراسة القومية للشباب والدين NSYR".
وقد شملت الدراسة مسيحيين من جميع الطوائف - من الكاثوليك إلى البروتستانت - من المحافظين أو الليبراليين على حدٍ سواء. وعلى الرغم من أن ثلاثة من بين كل أربعة من هؤلاء الشباب الأمريكيين ادعوا بأنهم مسيحيون، إلا أن أقل من النصف هم الذين يقومون بممارسة شعائرهم الدينية، نصفهم فقط يعتبرونها هامة، والغالبية لا يستطيعون التحدث بشكل متماسك عن معتقداتهم. هذا ما وجدته الدراسة.
كثير من هؤلاء الشباب انحصر اعتقادهم في أن الله ببساطة كل ما يريده لهم هو أن يشعروا بأحسن حال وأن يفعلوا الخير، وهذا ما أطلق عليه الباحثون في هذه الدراسة اسم "الربوبية العلاجية الأخلاقية".
وقد أخبر بعض النقاد "دين" أن معظم الشباب صغار السن بصفة عامة لا يستطيعون الحديث بشكل مترابط عن أي موضوع عميق، لكن "دين" تقول بأن البحث الكثير أثبت عدم صحة ذلك. وجدت الدراسة، التي شملت مقابلات متعمقة مع ما لا يقل عن 3300 شاب صغير ما بين الثالثة عشر والسابعة عشر، أن معظم هؤلاء الشباب الذين يدعون بأنهم مسيحيون كانوا غير مبالين وغير قادرين على شرح إيمانهم.
وأضافت "دين" قائلة: "إن لديهم الكثير ليقولوه، يمكنهم الحديث بدقة عن المال، الجنس، علاقاتهم الأسرية. ومعظم من يعملون مع الشباب الصغير يعرفون أنهم ليسوا بالطبيعة عاجزين عن التعبير".
في كتاب "تقريباً مسيحي" تتحدث "دين" إلى الشباب الذين يعبرون عن إيمانهم، والذي يأتي معظمهم من طائفة المورمون والكنائس الإنجيلية، التي تميل إلى القيام بعمل أفضل بغرس العاطفة الدينية في الشباب الصغير، هكذا تقول "دين". كما تقول أيضاً أنه بغض النظر عن خلفيتهم، فإن المراهقين المسيحيين الملتزمين يشتركون في أربع سمات، حيث لديهم قصة شخصية عن الله يمكنهم المشاركة بها، ارتباط عميق بمجتمع مؤمنين، شعور بالهدف، وشعور بالأمل من نحو المستقبل.
تقول "دين" بأن هناك عدد لا يحصى من الدراسات التي تُظهر أن الشباب المتدينين يكون أدائهم أفضل بالمدرسة، وتكون علاقاتهم على نحوٍ أفضل مع والديهم، ولا يشتركون في السلوك الذي قد يعرضهم للخطر، وهم يفعلون الكثير من الأشياء التي يصلي من أجلها الآباء.
"دين"، الخادمة بالكنيسة الميثودية المتحدة (الإصلاح) Methodist والتي تقول بأن الآباء لهم أهم تأثير على إيمان أبنائهم، تضع اللوم في النهاية على البالغين بسبب الفتور الديني لدى الشباب الصغير. بعض الكبار لا يتوقعون الكثير من الرعاة وقادة الشباب. فهم لا يريدون منهم سوى الحفاظ على أبنائهم من المخدرات ومن ممارسة الجنس قبل الزواج.
وتقول "دين": البعض الآخر يمارس "إنجيل اللطافة Gospel of niceness"، حيث يعنى الايمان ببساطة فعل الخير وعدم إزعاج الآخرين. أما عن دعوة المسيحية إلى تحمل المخاطر، والشهادة والتضحية من أجل الآخرين فلا صوت لها.
كتبت "دين" "إن كان هناك نقص لدى الشباب الصغير في التعبير عن إيمانهم، فربما سبب ذلك هو أن الإيمان الذي نُظهره لهم ضعيف وبلا قوام للدرجة التي لا تستحق الحديث عنه".
تقول "إليزابيث كوري Elizabeth Corrie" التي كانت تُدرِّس الدين في المدارس الثانوية وتدير الآن برنامج يُسمى "المبادرة اللاهوتية للشباب YTI" بجامعة "إيموري" في جورجيا، أنها لا ترى أي نقص في عدد المراهقين الذين يرغبون في أن يكونوا ملهَمين وأن يجعلوا العالم مكاناً أفضل. ولكن المسيحية التي قد تعلمها بعضهم لا تمنحهم الإلهام "لتغيير أي شيء مكسور في العالم".
تقول "كوري": يرغب المراهقون في التحدي، ويحتاجون إلى إجابات لأسئلتهم الصعبة. نحن نظن أنهم يريدون كعكة سهلة، ولكنهم في الحقيقة يريدون شريحة لحم وبطاطس، ونستمر نحن في تقديم الكعك لهم".
ديفيد ويتون David Wheaton، الذي يعمل كمدرس أول بمدرسة أتلانتا الثانوية، يقول أن العديد من أقرانه ليسوا متحمسين بشأن المسيحية لأنهم لا يرون مردود ذلك. فعندما لا يستطيعون رؤية فوائد لها في الحال، يبتعدون عنها. فهم لا يرغبون في تقديم تضحيات".
كيف يقوم الآباء الثوريونبغرس العاطفة الدينية في أبنائهم؟
تقول "كوري" بأن الكنائس، وليس الآباء فقط، يقع عليها بعض اللوم من أجل الفتور الديني لدى الشباب الصغير. وتضيف قائلة بأن الرعاة كثيراً ما يعظون بالرسائل الآمنة التي من شأنها أن تأتي بأكبر عدد من المصلين إلى الكنيسة. والنتيجة: المزيد من الحاضرين والمزيد من التثاؤب في المقاعد.
وتضيف "كوري" قائلة: "إذا كانت كنيستك لا تستطيع أن تحيا بدون عدد معين من الأعضاء، قد لا ترغب في أن تعظ برسالة من شأنها أن تتسبب في إثارة غضب الناس. فنتفق جميعنا حول أننا ينبغي أن نكون صالحين وأن الله يكافئ أولئك الذين هم لطفاء."
وتردد "كوري" كلمات "دين" مؤلفة كتاب "تقريباً مسيحي" عندما تقول بأن "إنجيل اللطافة" لا يستطيع أن يُعلم المراهقين كيفية مواجهة المأساة. "لا يمكنه أن يتحمل عبء الأسئلة العميقة: لماذا يسعى والديَ للحصول على الطلاق؟ لماذا أَقدَم أفضل صديق لي على الانتحار؟ لماذا، في ظل هذا الاقتصاد، لا أستطيع الحصول على الوظيفة الجيدة التي وُعِدت بها إن كنت ولد صالح؟"
إذاً ما الذي يستطيع الوالدين فعله؟
تقول "دين": كن "ثورياً". الآباء الذين يقومون بفعلٍ واحدٍ للإيمان الثوري أمام أبنائهم إنما يعطونهم ما هو أفضل من العديد من العظات والرحلات التبشيرية. والعمل الواحد للإيمان الثوري من قِبَل الأهل قد يتضمن شيء بسيط مثل قضاء الصيف في العمل في مشروع التجديد الزراعي بدولة فقيرة كبوليفيا، أو رفض عرضاً للعمل أكثر ربحاً للبقاء في كنيسة مناضلة.
ولكن لا يكفي أن تكون ثورياً وحسب – يجب على الآباء شرح "أن هذا هو الأسلوب الذي يعيش به المسيحيون". إذا كنت لا تقول أنك تفعل ذلك بسبب إيمانك، سيقول طفلك إن أبي وأمي أشخاص لطاف حقاً". فلا يتم تسجيل أن هذا الإيمان من المفترض أن يجعلك تعيش بشكل مختلف ما لم يساعد الآباء أطفالهم على ربط النقاط بعضها البعض".
*****
المقال الثاني
وصف لكتاب "كندا كريزي دين" بعنوان "تقريباً مسيحي"
ما يقوله إيمان المراهقين للكنيسة الأمريكية استناداً إلى الدراسة القومية للشباب والدين NSYR ذات البيانات الهامة والتي سُجلت بكتاب " البحث عن الروح: الحياة الروحية والدينية للمراهقين الأمريكيين"، يبحث كتاب "كندا كريزي Kenda Creasy" الجديد المُقنع بعنوان "تقريباً مسيحي" في السبب الذي يجعل المراهقين الأمريكيين سريعاً يكونون في غاية الإيجابية من جهة المسيحية وفي ذات الوقت يكونون في غاية الفتور من جهة الممارسات الدينية الحقيقية.
في "البحث عن الروح"، وجد كلاً من "كرستيان سميث Christian Smith" و"ميلندا لاندكويست دنتون Melinda Lundquist Denton" أن الشباب الأمريكيين الصغار قد اعتنقوا "ربوبية علاجية أخلاقية" -- وهي مزيج من المعتقدات التافهة، التي تخدم المصالح الذاتية، والتي تمنح الشعور بالراحة، وهي معتقدات لا تشبه المسيحية التقليدية. ولكن بعيداً عن خطأ هؤلاء الشباب، تضع "دين" اللوم في هذا الاستخفاف اللاهوتي على الكنائس نفسها. فبدلاً من إعلان إله يدعو المؤمنين إلى حياة المحبة والخدمة والتضحية، تمنح الكنائس دين مساوم، سهل الاستخدام، سهل النسيان، يقدم القليل ويطلب الأقل. ولكن ما الذي يجب عمله؟ تقول "دين": من أجل إنتاج شباب شغوف بالمسيحية، يجب على الكنائس أن تعيد اكتشاف وعيها بالإرسالية وأن تشكل فهماً للشخص عما يعني أن تكون مسيحياً؛ كأمر يدعوك إلى مشاركة محبة الله، بالقول والفعل، مع الآخرين، لا كشيء تقوم به من أجل فائدتك الشخصية. وقد وجدت "دين" أن معظم الشباب المسيحي الملتزم يشترك في أربع سمات هامة: باستطاعتهم أن يحكوا قصة شخصية وقوية عن الله، ينتمون إلى مجتمع ديني حقيقي، يظهرون إحساس بالدعوة، ويمتلكون شعوراً عميقاً بالأمل. وبناءً على هذه النتائج، تقترح "دين" نهجاً للتعليم المسيحي تكون فكرة "الإرسالية" موضوعة في جوهره، كما تقدم الكثير من المقترحات الملموسة لإلهام الشباب للعيش بانغماس حقيقي في الحياة المسيحية.
*****
المقال الثالث
عن مفهوم "الربوبية الأخلاقية العلاجية " – من موسوعة ويكيبيديا الإلكترونية
الربوبية الأخلاقية العلاجية ، والتي تُختصر أحياناً MTD، هو مصطلح صاغه الكاتب المسيحي "كرستيان سميث Smith" بجامعة نوتردام لوصف المعتقدات الدينية المألوفة بين الشباب الأمريكي. وقد تم تمويل مشروع بحثه، بعنوان "الدراسة القومية للشباب والدين NSYR" (الذي نُشرَ في كتاب "البحث عن الروح")، من قِبل شركة "لِيلي Lilly" للمِنَح، وهي منظمة خاصة معروفة بدعمها للبروتستانتية. وقد وجد "سميث" وشريكته بالبحث أن العديد من الشباب يعتنقون عِدة قوانين أخلاقية لا تختص بدين واحد فقط من الأديان الأساسية. فهم يؤمنون بـ:
1. إله موجود خلق ونظم العالم، ويسهر على الحياة البشرية على الأرض. 2. الله يريد للناس أن يكونوا صالحين، لطفاء، وعادلين فيما بينهم، كما يعلم الكتاب المقدس ومعظم أديان العالم. 3. الهدف الرئيسي للإنسان في الحياة هو أن يكون سعيداً وأن يشعر بالرضا عن ذاته. 4. لا يحتاج الله أن يتدخل بشكل خاص في حياة المرء إلا عندما تكون هناك حاجة إليه لحل مشكلة. 5. الأشخاص الصالحون يذهبون إلى السماء عندما يموتون.
هذه النقاط من الإيمان تم تجميعها من المقابلات التي تمت مع ما يقرب من 3000 من الشباب صغار السن.
أيضاً يصف المؤلفون هذا النظام بأنه "أخلاقي" لأنه "يتحدث عن غرس نهج أخلاقي في الحياة. وهو يُعلم بأن أهم شيء لتعيش حياة صالحة وسعيدة هو أن تكون شخص جيد وعلى خُلق". كما وصف المؤلفون هذا النظام أيضاً بأنه "يختص بتقديم فوائد علاجية للموالين له" بدلاً من كونه يختص بأمور مثل "التوبة عن الخطية، حفظ السبت، الحياة كخادم لإله له السيادة، الثبات في الصلاة، الاحتفال بالمناسبات المقدسة، وبناء الشخصية من خلال المعاناة".
وأخيراً، يقول المؤلفون عن هذا النظام أنه "يختص بالإيمان بنوع معين من الآلهة: الإله الموجود، الذي خلق العالم، والذي يحدد نظامنا الأخلاقي العام، ولكن ليس الإله الذي يتدخل بصفة شخصية في شئون الإنسان – خاصةً الشؤون التي لا يفضل المرء أن يتدخل الله بها". وعلى الرغم من أن فكرة الإله المتاح للتشفع في حياتنا هي من تقاليد الإلوهية، فقد اختار المؤلفون أن يطلقوا على هذا النظام أنه شكل من أشكال الربوبية. وتقول الوثيقة المُصاغة في البحث أن "الربوبية هنا هي نسخة منقحة من نسختها الأساسية في القرن الثامن عشر، حيث بإضافة المؤهِلات العلاجية جُعِلَ الإله البعيد متاح بشكل انتقائي للاهتمام باحتياجات البشر." إنها تنظر إلى الله على أنه "مزيج من الخادم الإلوهي والمعالج الكوني: فهو دائماً تحت الطلب، يعتني بأي مشاكل قد تنشأ، ويساعد أناسه حتى يشعروا بالرضا تجاه أنفسهم، ولا يتدخل بصورة شخصية في هذه العملية."
ويرى المؤلفون أن "جزءاً كبيراً من المسيحية في الولايات المتحدة لا تُعَد في الواقع مسيحية بأي معنى يرتبط جدياً بالتقاليد المسيحية التاريخية الفعلية، بل قد تحولت إلى حد كبير إلى ما يُسمي بالقريب غير الشرعي للمسيحية: أي مسيحية "الربوبية الأخلاقية العلاجية".
وقد اقترح "دامون لينكر" في أحد المدونات عام 2009 أن الربوبية الأخلاقية العلاجية ، بالرغم من كونها "غير مشوقة" لاهوتياً، إلا أنها "مناسبة تماماً لتكون بمثابة الدين المدني للولايات المتحدة في القرن الحادي والعشرون الشديد التباين"، حسبما رست المناظرة على يد كلٍ من "كولين هانسن Collin Hansen"، و"روس دوثات Ross Douthat"، و"رود دريهر Rod Dreher".
http://en.wikipedia.org/wiki/Moralistic_therapeutic_deism
*****
المقال الرابع
مقتطفات من كتاب "البحث عن الروح"
"كريستيان سميث" بالمشاركة في الكتابة مع "ميليندا لوندكويست دينتون"
يعرض هذا الكتاب في أكثر من مئة صفحة أشكال مختلفة للتفكير الموضوعي والانحراف والاستطراد في بعض الأحيان.
ولكن ما هو الشكل العام للحياة الدينية والروحية لدى الشباب الصغير الأمريكي عندما ننظر إليها من بعيد ونحاول فك رموزها؟ وعندما نتخطى ما اكتشفناه من عدم الوضوح الديني لدى الشباب الصغير ونبحث في عدد لانهائي من القصص والبيانات عن الإيمان والممارسات الدينية، وننظم الأفكار الرئيسية والقضايا الهامة، ما الذي نتوصل له في النهاية؟
سوف نعيد تلخيص ملاحظاتنا في هذه الأطروحة العامة عن الدين والحياة الروحية لدى الشباب الصغير في الولايات المتحدة الأمريكية.
هذه الأطروحة مطورة لتصبح لا حقيقة قاطعة وإنما أقرب إلى ما هو مجرد حدس.
نعنى أن ما نقترحه هو أن الديانة السائدة بين الشباب الصغير العصري في الولايات المتحدة هو ما يمكن أن نسميه بـ"الربوبية العلاجية الأخلاقية".
وأسس العقيدة لهذه الديانة كما دونت من ما برز في حواراتنا مع عدد من الشباب الأمريكي، تقرب إلى التالي:
1- يوجد إله خالق وآمر الكون وهو مراقب على الحياة الإنسانية في الأرض.
2- الله يريد أن يكون كل البشر صالحون وعادلون بين بعضهم، كما ذكر في الإنجيل ومعظم الديانات المختلفة حول العالم.
3- إلهدف الرئيسي من الحياة هو سعادة الإنسان و رضاه عن ذاته.
4- ليس من المهم أن يكون الله متدخل في حياة الإنسان إلا إذا كان هناك حاجة له لحل مشكلة ما.
5- يذهب الصالحون إلى السماء (الجنة) عندما يموتون.
هذه العقيدة الواقعية تظهر خاصة بين الشباب البروتستانتي العام والكاثوليكي ولكنها أيضا أكثر من واضحة بين الشباب الأفريقي البروتستانتي المحافظ واليهودي وشباب من عدة ديانات أخرى مختلفة وحتى بين الكثير من الشباب غير المتدين في الولايات المتحدة.
مع العلم أن لا أحد من الشباب الصغير يستخدم مصطلح "الربوبية العلاجية الأخلاقية" في وصفهم لأنفسهم ولكن هذا هو مصطلحنا المختصر. وقليلون منهم جداً يستطيعوا وصف 5 نقاط العقيدة بوضوح وتفصيل كما فعلنا نحن ولكن عندما يخوض الشخص في مئات من الحوارات مع الشباب الصغير الأميركي عن الدين والله والإيمان والصلاة وممارسات روحية أخرى، فما سوف يظهر كوجهة نظر دينية واقعية مهيمنة هو ما أقرب ما يكون إلى نسخة من هذه العقيدة التي توصلنا لها.
فيمكننا فعلياً ملأ باب كامل في هذا الكتاب بمقولات من حوارات مع الشباب الصغير توضح "الربوبية العلاجية الأخلاقية" وتكشف عن ظلالها ومتغيراتها. ولكن لضيق المساحة هنا يكفي أن نمتحن مجرد بعض المقولات الممثلة والمصورة لجوهر محتويات هذه الديانة.
أولاً: "الربوبية العلاجية الأخلاقية" مبنية على غرس منهج أخلاقي تجاه الحياة. فيؤمن هذا الدين بأن أساس أن يكون لك حياة مرفهة وسعيدة هو أن تكون إنسان صالح ذو خلق حميد. وهذا يعنى أن تكون لطيف وطيب ومتسم بالاحترام ومسئول وتعمل على تطوير نفسك وتعتني بصحتك وتفعل كل ما في وسعك لتكون ناجحاً.
قال فتى أبيض ذا 17 عام من ولاية يوتاه "أنا أؤمن بل كل عقيدتي مبنية على محاولتي أن أكون إنسان صالح وإن لم أكن كذلك فيجب على أن أحاول تحقيق هذا الأمر."
ومعنى أن تكون ذو خلق حسن في هذا الإيمان هو أن تكون إنسان محبوب من الجميع وأن تحقق ذاتك وإلا تكون مخرب اجتماعياً أو شخص كريه، أو كما لخص العديد من الشباب الخلق الحسن لنا بأنه يكفي ألا تكون بغيض. وهذه الرؤية الأخلاقية تشمل معظم الديانات التي من المفترض أن تكون لديها منطلق أخلاقي مشابه، وبالتالي قالت فتاة بيضاء من ولاية ماريلاند غير متدينة "الخلق الحسن والأخلاقيات تلعب دور كبير في الدين فتكون الأخلاق حسنة إذا كانت تفيد المجتمع كما في المسيحية، وهي على حد علمي القيم التي تُستَمد من الوصايا العشر. اعتقد أن كل ديانة هامة بشأن ما، فإذا كنت مسلماً فإن الإسلام هو الطريق بالنسبة لك وأن كنت يهودياً فهذا حسن أيضاً أما إذا كنت مسيحياً فخيراً لك، فهي فقط مسالة أيهما يجعلك تشعر بالرضا عن نفسك."
بالتالي فالرضا عن النفس هو عنصر هام لاتباع حياة أخلاقية وفقاُ لهذا الإيمان الواقعي السائد بين الشباب الصغير مما يؤدى بنا إلى النقطة الثانية.
ثانياً: الربوبية العلاجية الأخلاقية لها أيضاً فوائد علاجية للتابعين لها، فهذه ليست ديانة التوبة عن الخطايا أو تقديس يوم السبت أو الحياة كخادم لله أو الصلاة بانتظام أو انتظار اليوم المقدس أو بناء الشخصية من خلال المعاناة أو التنعم بمحبة ونعمة الله أو بذل الذات لتحقيق العدالة الاجتماعية، ...الخ. أما الديانة الفعلية السائدة بين الشباب الأمريكي فهي مبنية على شعور الشخص بالرضا والسعادة والأمان والسلام. فهي تعتمد على بناء شخص عاقل وموضوعي يتمكن من حل المشاكل وينسجم بودية مع الآخرين من حوله.
شرحت فتاة ذات الخمسة عشر عاماً من أصل أسباني، بروتستانتية محافظة من فلوريدا الفوائد العلاجية لإيمانها كالتالي: "الله مثل شخص يكون دائماً بجانبك يساندك فالله هو الله. فهو بمثابة شخص يساعدك دائماً لتمر بالأمور الصعبة. عندما أصبحت مسيحية كنت كل ما أفعله فقط هو الصلاة، وهذا جعلني اشعر بتحسن."
كما أعطت فتاة يهودية بيضاء في الربعة عشر من العمر من واشنطون رأي مشابه رغم اختلاف الخلفية الدينية في وصف إيمانها، وقالت: "اعتقد أنه بالنسبة لي فاليهودية تعتمد على كيف تعيش حياتك، فبعض تعاليمها هو عن كيف تعيش، وكما أعتقد، كيف تشعر بالرضا عن ذاتك، لأنك إن ساعدت الآخرين فسوف تشعر بالرضا عن نفسك."
وبالتالي فخدمة ومساعدة الآخرين للبعض هي فقط وسيلة أخرى لتحقيق الرضا الذاتي، وأصبحت الكثير من الممارسات الدينية الأخرى تخدم هذا الاحتياج العلاجي، كما لاحظت هذه الفتاة الأسيوية ذات الخمسة عشر عاماً من ألاباما وقالت: "عندما أصلى اشعر بتحسن."
كذلك هذه الفتاة البيضاء البروتستانتية المحافظة ذات الخمسة عشر عاماً من إلينوى شرحت قائلة: "الدين شئ هام جداً، لأنه حينما لا يوجد احد لتشكي له فيمكنك الشكوى لله. وهذا شئ جيد."
كما قالت فتاة في الربعة عشر من عمرها من كاليفورنيا عن ديانتها: "إنى لا اعلم لماذا ولكنها تجعلني أشعر بتحسن."
ولذلك فليس من الغريب أن العديد من الشباب المتدين وغير المتدين لهم نظرة ايجابية عن الدين لأن الإيمان كما يفهمه الكثير منهم يساعدهم على تحقيق هدفهم الرئيسي من الحياة وهو الشعور بالسعادة والرضا عن النفس وعن الحياة. كما أنه ليس بالمستغرب أن كثير من الشباب جاهل دينياً؛ فإن كان الشخص سعيد فلماذا ينشغل بأمور مثل القدرة على التحدث عن محتوى إيمانه؟
ففي النهاية نجد أن "الربوبية العلاجية الأخلاقية" هي الإيمان في نوع محدد من الآلهة، وهو إله له وجود، خالق العالم وهو الذي يحدد منظومة أخلاقنا العامة ولكنه ليس إله يتدخل بشكل محدد وخاص في شئوننا وخاصة شئوننا التي نفضل عدم تدخل الله فيها. وفي معظم الأحيان إله هذا الإيمان يُبقى مساحة بينه وبين البشر. وكثيراً ما يُوصف، من قِبَل الشباب الصغير، بأنه يراقب كل شئ من أعلى وإنه خلق كل شئ وكل ما يفعله الآن فقط هو التحكم في كل شئ من أعلى. وكما قال فتى عربي في الخامسة عشر من العمر من كاليفورنيا: "الله هو الكيان الذي يقرر متى، إن أراد التدخل في الكثير من الأمور. فبالنسبة لي الله مقارب جداً لفكرة التدخل القدري مثل الحظ الشديد. فلنفترض أنك في احتياج لخمسون دولار لشراء شئ ما وعندها تجد خمسون دولار ملقاة على الأرض، ففي الأغلب يكون هذا تدخل من الله أو شئ من هذا القبيل. ولكن في غير ذلك فيبدو أنه يراقب فقط، فهو كمن يجلس بالأعلى وكأنه يشاهد مسرحية، وكأنه منتج أو مخرج فهو يكتب المسرحية ثم يجلس ويشاهدها وإذا كان شئ لا يحوز إعجابه يغيره."
فبالنسبة للعديد من الشباب الصغار والبالغين أيضاً يتدخل الله أحياناً في حياة البشر ولكن يحدث ذلك عادة عندما يدعونه بأنفسهم وفي الغالب يكون هذا عندما تواجههم بعض المشكلات أو المشاعر السلبية التي يريدون التخلص منها. ومن هذا المنطلق ففكرة الربوبية هنا مستخلصة من نسخة القرن الثامن عشر الكلاسيكية عن التعريف العلاجي والتي صورت الله كإله بعيد متاح فقط لتسديد الاحتياجات.
وكما قال فتى أبيض بروتستانتي من كلورادو: "أؤمن بوجود إله، لذلك عندما أكون في مشكلة أو خطر أحياناً، أفكر في الله."
فصورة الله عند فلاسفة القرن الثامن عشر وكذلك صورة إله "الربوبية العلاجية الأخلاقية" الحديثة لدى الشباب الصغار هي صورة إله سماوي خالق الكون وواضع القانون، فهو صمم العالم وأسس القانون والنظام الأخلاقي ولكن هذا الإله غير ثالوثي ولم يتكلم عبر التوراة أو أنبياء إسرائيل ولم يحدث أبداً أنه قام من الأموات أو يمكن لروحة أن يملأ أو يغير طبيعة البشر.
وهذا الإله ليس له مطالب، ففي الواقع من الغير الممكن لهم أن يكون كذلك بما أن كل مهمته هي أن يحل مشاكلنا ويجعل الناس يشعرون بالسعادة.
فباختصار الله هو مزيج بين خادم إلهي ومعالج كوني، فهو دائماً تحت الطلب ويهتم بأي مشكلة تطرأ ويعالج البشر ليصلوا إلى الشعور بالسعادة والرضا عن أنفسهم ولكنه لا يتورط شخصياً في المشكلة.
فيقول فتى أبيض كاثوليكي ذو أربعة عشر عاماً من بنسلفانيا رداً على سؤال عن أهمية الدين: "لأن الله هو خالقنا وإذا طلبنا منه شئ فسيستجيب. فهو لم يخيب آمالي أبداً (اذاً ما هو الله؟) الله هو روح يمنحك كل ما تريد بشرط ألا يكون شئ سيئ."
أو كما قالت فتاة بروتستانتية محافظة في السابعة عشر من عمرها من فلوريدا: "الله يحيط بنا جميعاً في كل وقت. فهو يغفر للبشر أخطائهم كما يوجَد لإرشادنا وليكون هناك شخص نشكو له ولمساعدتنا في مشاكلنا، ولكنه طبعاً لا يتجاوب شخصياً أو يتكلم لنا."
هذه العبارة الأخيرة تؤدى إلى معنيين، إن الله بعيد لا يجيب لفظياً بشكل مباشر على الصلاة (بحسب قول هذه الفتاة)، ولكنه أيضاً لا يدخر أي رد فعل أو نقاش في طلباتنا له. بالأحرى فإن أسوأ ما يمكن أن يفعله إله "الربوبية العلاجية الأخلاقية" هو ألا يفي بوعده في منح البركات العلاجية، وفي هذه الحالة يحق للمؤمنين به التذمر.
وبالتالي اشتكى شاب ابيض بروتستانتي، ذا ستة عشر عاماً من تكساس، بسخرية وقال: "أعتقد أن الله قدير (وهو يتثاءب) ولكنني أظن انه في أجازة حالياً بسبب كل العبث الذي يحدث في العالم الآن، لأن الوضع لم يكن كذلك عندما كان الله شهير ومعروف لدى الناس."
كما أضاف فتى ابيض بروتستانتي محافظ، ذو أربعة عشر عاماً، من أوهايو: "الله هو حاكم كليّ يسيطر على كل شئ، فعلى سبيل المثال إذا كنت مكتئب وكل شئ يسير ضد توقعاتي فإني ألوم الله ولكنى لا أعرف لماذا أفعل ذلك."
ولكن بعضاً من الشباب الصغار الذين حاورناهم يلومون الله على عدم استجابته لهم بما أن "الربوبية العلاجية الأخلاقية" عادة تبدو فعالة في تحقيق المنافع الموعود بها للكثير من مؤمنيها من الشباب الصغار بالولايات المتحدة.
نريد أن نكون في منتهي الوضوح في هذه الأطروحة فنحن لا نقول أن كل الشباب الأمريكي الصغير هو تابع للربوبية العلاجية الأخلاقية. فبعض الشباب هو ببساطة غير تابع لأي ديانة أو عقيدة روحية، والبعض الآخر يعتنق أفكار ومبادئ تنكر هذه الديانات "الرجعية". أما نوع آخر من الشباب فيبدوا أنه في الحقيقة مخلص جداً وملتزم بتعاليم دينه بطريقة تقليدية.
ونحن أيضاً لا نقول أن هناك من أسس ديانة رسمية جديدة تدعى "الربوبية العلاجية الأخلاقية" ولا أن معظم الشباب الأمريكي قد ترك ديانته لاتباع هذه الديانة في مكان آخر أو تحت مسمى آخر. ولكن يبدو مؤخراً أن "الربوبية العلاجية الأخلاقية" بدأت في استعمار الديانات المؤسسة من قبل في الولايات المتحدة الأمريكية حتى أنها بدأت تصبح الروح الجديد الساكن في الجسد القديم.
فالمبدأ الأساسي لهذه الديانة هو الواقعية والفاعلية والعملية والتكتيكية، ولكن ليست ذات أساس رسمي أو أنها مُعترف بها كالديانات الأخرى.
كما أننا أيضاً لا نقترح أن "الربوبية العلاجية الأخلاقية" هو معتقد ديني يقتصر فقط على الشباب الأمريكي الصغير السن ولكن على النقيض فيبدو أنه منتشر أيضاً بأتساع بين الكثير من البالغين الأمريكيين. فكل ما يفعل شبابنا الصغير ما هو إلا أنه يستوعب ثم يعكس دينياً ما يعرضه له عالم البالغين بطريقة روتينية ويغرسه فيه في فترة مراهقته.
كذلك أيضاً لا نقترح أن "الربوبية العلاجية الأخلاقية" هي ديانة إما أن يعتنقها الشباب الصغير والبالغين كلياً أو لا يعتنقونها على الإطلاق، ولكن على العكس من ذلك فإن عناصر أسس هذه الديانة عادة ما تكون مستوعبة بدرجات وأجزاء مختلفة وممزوجة بعناصر أخرى من الديانات التقليدية.
ففي الواقع يبدوا أن هذه الديانة هي ديانة طفيلية لا يمكنها أن تحافظ على استقلالها الكلي ولكنها يجب أن تلتصق بعادات وتقاليد ديانة أخرى معترف بها وتتغذى على مذاهبها وتتوسع عبر تحوير مادتها اللاهوتية لتصبح مشابهة لصورتها المميزة.
وهذا يساعد على فهم عدم تجمع الكثير من الشباب والأمريكيين أو اعترافهم وإعلانهم عن أنفسهم باعتبارهم يتبعون "الربوبية العلاجية الأخلاقية." فهذه الديانة لا يمكنها التواجد بمفردها. لذلك فإن معتنقيها يجب أن يكونوا مسيحيون ينتهجوا "الربوبية العلاجية الأخلاقية"، أو يهود ينتهجوا "الربوبية العلاجية الأخلاقية"، أو مورمون ينتهجوا "الربوبية العلاجية الأخلاقية"، أو حتى غير متدينون ينتهجوا "الربوبية العلاجية الأخلاقية." وهؤلاء يمكن أن يكونوا من التابعين المخلصين أو الاسميين فقط لديانتهم الأصلية، ولكنهم عادة ما يكونوا ذوي صلة بديانة تقليدية تتغذى عليها هذه الديانة البديلة وتغيرها أو حتى تقضي عليها تماماً تدريجياً. فالمؤمنون في كل ديانة يمارسون بطريقتهم الخاصة هذه الديانة الطفيلية الشائعة.
فالطريقة اليهودية مثلاُ تؤكد على جانب العيش بالخلق الحسن لهذه العقيدة. أما الطريقة الإصلاحية فتؤكد على جانب الوصول إلى السماء. فكلاُ منهم يمكنه أن يظن انه تابع لإيمان محدد كالكاثوليكي أو المعمداني أو اليهودية .......الخ، بينما يتوازى مع ديانتهم المعتقد الرئيسي للربوبية العلاجية الأخلاقية ويخترقها. بالتالي فهؤلاء المؤمنين يتمتعون بما يروق لهم من تراث دينهم بينما يحصدون أيضاً منافع هذه الديانة المشاركة الموائمة المتداخلة.
وهذا يساعد على فهم سبب عدم الخلاف أو الصدام الملاحظ بين الشباب الصغير من الديانات المختلفة. ففي الواقع نحن نقترح أن الكثير منهم يشتركون في نفس الإيمان الديني الأعمق ألا وهو "الربوبية العلاجية الأخلاقية" فإذاً ماذا يدعوا للخلاف بينهم؟
فطريقة من طرق قياس اهتمام الناس بمواضيع مختلفة هي متابعة استخدامهم للغة. عن ماذا يتكلمون؟ كم عدد المرات التي يستخدمون فيها تعبيرات وجُمل مفتاحية مختلفة؟
فالفكرة خلف هذا المنطلق هي أن حديث الناس يعكس اهتماماتهم. فقد استخدمنا هذا المنهج كطريقة لتقييم التوجهات النسبية للاهتمامات الدينية والعلاجية لدى الشباب الصغير الأمريكي. فلقد راجعنا نصوص مقابلاتنا معهم وقمنا بعد رقم الشباب الذي أشار أو ذكر موضوعات أو جمل تجذب الانتباه فوجدنا أولاً أن نسبياً القليل من الشباب الصغير الأمريكي أشار في مقابلاتنا إلى مجموعة متنوعة من الأفكار اللاهوتية المركزية التاريخية.
فالقائمة التالية توضح عدد الشباب الصغير الذي ذكر بوضوح هذه المفاهيم في حواراتنا معهم:
47 – الوقوع في الخطيئة شخصياً أو أنه شخص آثم.
13 – طاعة الله أو الكنيسة.
12 – التوبة الدينية أو التوبة عن المعاصي.
9- التعبير عن الحب لله.
8- الصلاح الإلهي أو الأدمي.
7- قيامة المسيح.
6- إعطاء المجد أو تمجيد الله.
6 – الخلاص.
5- قيامة الموتى في اليوم الأخير.
5- ملكوت الله (2 مسيحيين، 3 مورمن "بدعة تُنسب للمسيحية في أمريكا").
5- تقديس يوم السبت (من 18 مقابلة مع يهودي).
4- التلمذة أو أن تصبح تلميذ ديني.
4- الله كثالوث.
4- الالتزام بالكوشر (تعاليم التلمود) – (من 18 مقابلة مع يهودي).
3- نعمة الله.
3- الإنجيل ككتاب مقدس.
3- تكريم الله وتعظيمه في الحياة.
3- أن تحب جارك.
3- مراقبة الأيام المقدسة العالية (من 18 مقابلة مع يهودي).
2- الله كمقدس أو يعكس القداسة.
2- عدالة الله.
0 – العمل لتحقق العدالة الاجتماعية.
0- التبرير أو أن تكون مبرر.
0- التكريس أو أن تكون مكرس.
عندما تكلم الشباب الصغير في مقابلتنا عن النعمة كانوا عادة يتكلمون عن المسلسل التليفزيوني (ويل ونعمة) Will & Grace"" وليس عن نعمة الله. وعندما تناقشوا في الشرف فكانوا عادة يتكلمون عن دراسة مواد شرفية في الجامعة أو الحصول على مرتبة الشرف في الدراسة ونادراً ما كانوا يتكلمون على تشريف وتكريم الله من خلال حياتهم. عندما ذكر الشباب التبرير كانوا غالباً ما يعنون أن يكون هناك سبب لفعل شئ مريب وليس انه يعنى أن تصبح علاقتهم بالله صحيحة.
ولمقارنة هذه الإحصاءات في المصطلحات الدينية فقد قمنا بعد رقم الشباب الذين أشاروا إلى الأفكار المفتاحية العلاجية عن الوصول إلى الشعور بالسعادة والرضا.
وما وجدناه كما موضح في القائمة التالية أن الشباب الأمريكي كانوا من الأكثر احتمالاً أن يتكلموا عن مواضيع عامة تخص الاهتمامات العلاجية عن أن يتكلمون عن المصطلحات الدينية المذكورة من قبل.
112 – الشعور بالسعادة، أو الاتجاه نحو الحصول عليها.
99- الشعور بالرضا عن الذات أو عن الحياة الشخصية.
92 – الشعور بتحسن في مشاعرهم تجاه ذاتهم وحياتهم.
26 – الشعور بالاكتفاء أو التمتع بالاكتفاء والرضا في الحياة.
21 – الشعور بالاكتفاء الذاتي.
مع العلم أن هذه ليست عدد المرات التي ذكر فيها الشباب هذه الكلمة أو الجملة إنما مجرد عدد الشباب الذين قاموا باستخدامها.
ففي الواقع استخدم الشباب الذين حاورناهم تعبير الشعور بالسعادة أكثر من 2000 مرة تقريباً. باختصار كشفت نصوص حواراتنا مع الشباب بوضوح أن اللغة المسيطرة على الاهتمام والتفكير في الحياة بما فيها الدين والحياة الروحية لدى الشباب الأمريكي إنما تتمحور حول الشعور بالرضا والسعادة فهذا ما يعرف الإطار المعرفي السائد والمقياس التقييمي لمعظم الشباب الأمريكي المعاصر وفي الغالب لوالديهم أيضاً.
ونعتقد أن هذا له عواقب رئيسية على الديانات التي تحاول بجدية نقل إيمان ومعتقدات وممارسات عاداتها التاريخية. وما نحاول صياغته كنظرية هنا، بكلمات أخرى هو وجود فعلي لديانة أمريكية تشاركية وهي مماثلة للديانة المدنية التي وصفها بذكاء روبرت بيلا Robert Bellah عام 1967 ولكنها تعمل على مستوى مختلف كلياً عن الديانة المدنية. وليس من غير المألوف للناس أن يفكروا في الولايات المتحدة الأمريكية أنها تضم عدد من الإيمانيات والديانات المختلفة والتي تتواجد معاً في تناغم: البروتستانت والكاثوليك واليهود والمعمدانيين والكاثوليك الإيرلنديين واليهود المحافظين والمشيخيين والمورمن و.........إلخ، ولكن في الحقيقة أن الواقع أكثر تعقيداً. فالدين في الولايات المتحدة الأمريكية يفصل نفسه ويعمل في طبقات مختلفة. فمن الواضح أن الدين وصل إلى مستوى المنظمات الرسمية والمستوى الذي تديره المذاهب والمعاهد الدينية والتجمعات الدينية ودور النشر ومنظمات دينية أخرى. ولكن الدين في كثير من الأحيان يعمل أيضاً بوضوح على مستوى اقل من المستوى التنظيمي ولكن على مستوى الإيمان والممارسات الشخصية.
وهنا عادة ما يصبح الإيمان الديني انتقائي وفقهي وتوفيقي وغير متسق على الأقل في وجهة نظر معظم المذاهب الدينية المنظمة. فإنه يمزج معاً عناصر مختلفة كالإيمان بمعمودية الأطفال مع الاهتمام بالفلك والأبراج مع مجموعة أخرى من المعتقدات الدينية الغريبة.
كما أوضح بيلا Bellah كيف أن الرموز والخطب الدينية المستخرجة من التقاليد المسيحية – اليهودية تستخدم على مستوى مدني قوي لغرض تحقيق النظام العام والوحدة.
أما ما نقترحه هنا في مراقباتنا للربوبية العلاجية الأخلاقية، أنه لفهم الدين بطريقة كاملة في الولايات المتحدة نحتاج أن ندرس مستوى آخر لحياة دينية قائمة في هذا المجتمع (كما هو موضح في نموذج 2 صفحة 169 من هذا الكتاب "البحث في الروح").
ففي القاعدة يوجد أديان فقهية انتقائية (وبشكل مستتر) توفيقية تعمل على مستوى الدين المنظومي.
وفي القمة يتواجد الدين الوطني السياسي الموحد ألا وهو الدين المدني. ولكن أيضاً يوجد مستوى ديني آخر يعمل بوضوح بين مستوى الدين الفردي بالقاعدة والديانات المنظومية والدين المدني بالمستويات العليا؛ ألا وهو الدين المتداخل المشترك والمنتشر باتساع والملقب بـ "الربوبية العلاجية الأخلاقية".
و مثل الدين المدني فالربوبية العلاجية الأخلاقية تلخص وتشكل وتغير العناصر المذهبية للمسيحية واليهودية (في الغالب) لتحقيق أهدافها الخاصة. ولكنها تفعل ذلك باتجاه سياسي خفي. فوظيفتها الاجتماعية ليست أن توحد وتمنح هدف للشعب على مستوى العلاقات المدنية ولكنها تعمل على تعزيز الرفاهية الذاتية لمؤمنيها وتيسير العلاقات الشخصية على مستوى الصعيد المحلي العام.
فالربوبية العلاجية الأخلاقية، بمساعدة الله، تُوجَد لمساعدة الناس على النجاح في الحياة وعلى أن يشعروا بالسعادة وأن يكونوا على وفاق مع الآخرين المختلفين عنهم سواء في المدرسة أو مكان العمل أو في فريق ما .....الخ.
و في النهاية نحن نقترح أن الدين في الولايات المتحدة الأمريكية يعمل بتعقيد وبوضوح على مستويات مختلفة ولكن هذا لا يعني أن تلك المستويات لا تتفاعل أبداً أو تؤثر على بعضها البعض.
فهذا يحدث بالفعل، فالديانة الشخصية والفردية الخالصة على سبيل المثال تتشكل جزئياً من خلال تعاليم الدين المنظومي وأيضاً من خلال الأبراج ومقالات النصح والبرامج الحوارية .....الخ.
فيتأثر الدين المدني بالنشاط الديني الليبرالي وبعمل الحق الديني على مستوى منظومة دينية رسمية. فنفس ما لاحظناه عن التفاعل بين المستويات وتأثيره ينطبق على "الربوبية العلاجية الأخلاقية"، فهي تساعد على تنظيم وتوفيق وتجانس المعتقدات الدينية الشخصية بالطبقة التي تحتها بعضها البعض. كما أنها أيضاً تتغذى على وتشكل أو تصيب، أن جاز القول، المذاهب والممارسات الدينية التي في المستوى المنظومي والمؤسسي بالطبقة التي تعلوها، بالإضافة إلى أنها من الممكن جداً أن تطابق و تعكس بأعلى مستوى الدين المدني عن طريق توفير ديانة موحدة مكملة مشتركة فعالة موازية لمواطنين الدولة وتعمل هذه الديانة على مستوى أكثر سياسية وخصوصية وشخصية للحياة البشرية.
أيضاً من الممكن أن يدفع الأثر الثقافي للربوبية العلاجية الأخلاقية الدين المدني إلى اتجاه مسكوني متعدد الأديان أكثر شمولاً و ليونة. فمن كان محافظا يصبح أكثر تعاطفاً ومن كان ليبرالياً يصبح أكثر رحمة وشمول، وما كان خصوصياً إلى أبعد الحدود يتم تعميمه بسرعة فائقة.
حينئذ يقدر الجميع أن يتكاتف ويعلن في انسجام أن كل شخص يقرر لنفسه. أما من يؤمن أن المولودين ثانية والمبررين بدم يسوع المسيح المسفوك هم فقط الذين يذهبون إلى السماء، أو أن الملاك موروني فعلا ظهر لجوزيف سميث (مؤسس بدعة المورمون) حاملاً معه وحى جديد، أو أن شعب الله المختار يجب أن يلتزموا بأمانة و إخلاص بقوانينه، هم جميعا متوهمون مشبوهون. فالقطيع متنوع وممتد ومع ذلك بعض الخراف يبقوا على حالهم، وهم جزء من الصورة.
فقد وضح البالغون بشكل متكرر عبر الكثير من العقود الماضية ما يميز الشباب الصغار عن البالغين مسلطين الضوء على الفروق بينهما. ولكن كما هو مذكور في كتابنا "البحث في الروح". فمحادثاتنا مع الكثير من الشباب الصغير التقليدي عبر الولايات المختلفة أثبتت العكس لنا، ففي معظم الحالات يكون من المفهوم أن الدين والحياة الروحية لدى البالغين، وخاصة الوالدين، إنما على تواصل واستمرارية قوية معه عند الشباب الصغير. فالقليل من الشباب الصغير في يومنا هذا يرفض أو يتصرف على خلاف الديانة التي يتربى عليها، ولكن على النقيض فإن معظمهم يعيشون حياتهم الدينية حسبما جرى العرف وتأسس سابقاً. فقد فاجأتنا قوة تشابه وانعكاس الحياة الدينية والروحية للشباب الأمريكي لملامح وأولويات وتوقعات وبنية الحياة الدينية للبالغين والتي يتربى فيها هؤلاء المراهقين. فببساطة يمتص الشباب أو يتشرب الديانة بطرق عديدة، كما عبر عن ذلك بوضوح فتى أبيض كاثوليكي في السادسة عشر من العمر من بنسلفانيا، قائلاً: "نعم ، الدين يؤثر في حياتي بقوة ولكنك لا تفكر في الأمر كثيراً ولكن مع الوقت يصبح هذا واقعاً طبيعياً في حياتك."
و مع ذلك فيبدو أن قلة فقط من الشباب الأمريكي يمتصون بطبيعية ويتشربون الشخصية والمحتوى التقليدي الحقيقي للعادات الدينية التي يدعون أنهم ينتمون إليها. لأنه من الواضح لنا انه يوجد ديانة أخرى رائجة ألا وهي "الربوبية العلاجية الأخلاقية" والتي تستعمر الكثير من التقاليد الدينية التاريخية وتقريباً يحدث هذا بدون أن يلاحظ احد، فتحول المؤمنون بإيمانهم القديم إلى مؤمنون بالرؤيا البديلة للربوبية العلاجية الأخلاقية ألا وهي السعادة الشخصية ولطافة التعامل.
ولكننا لن نقوم بشرح كيف تؤثر هذه العملية على اليهودية أو المورمنية الأمريكية لأن هذه الديانات والثقافات ليست في نطاق اختصاصنا. فسيتوجب على علماء أكثر خبرة في هذا المجال فحص وتقييم هذه الإمكانيات بعمق أكثر. ولكن يمكننا أن نقول بثقة أننا توصلنا إلى ان جزئ كبير من المسيحية في أمريكا هو في الواقع متصل بقدر ضئيل للغاية بتقاليد مسيحية تاريخية فعلية. ولكنها تحولت فعليا إلى القريب غير الشرعي للمسيحية وهو "الربوبية العلاجية الأخلاقية" المسيحية. وقد حدث هذا في قلوب وعقول الكثير من المؤمنون المستقلون وأيضاً يبدو انه تسلل إلى هياكل بعض المنظومات و المؤسسات المسيحية. فلغة – و بالتالي اختبار – الثالوث والقداسة والخطية والتبرير والتكريس والكنيسة والقربان المقدس والسماء والجحيم عند معظم الشباب المسيحي الصغير في أمريكا يتم استبدالها بلغة السعادة واللطفافة والمكافآت السماوية المستحقة. فالواقع ليس أن المسيحية تصبح معلمنة (من العلمانية) بوضوح بأمريكا ولكنها إما أن تتحول بمهارة إلى نسخة مثيرة للشفقة من نفسها أو أنها وبشكل أكبر يتم استعمارها وتبديلها بمعتقد وإيمان ديني مختلف تماماً.
http://www.scribd.com/doc/7699752/Moralistic-Therapudic-Deism-by-Christian-Smith
___________________________
"كريستيان سميث" هو البروفيسور البارز والرئيس المشارك في قسم علم الاجتماع بجامعة ولاية كارولينا الشمالية في تشابل هيل. نشر أحدث مؤلفاته "البحث الروح: للحياة الدينية والروحية للمراهقين الأميركيين"، بالاشتراك مع ميليسا أندكويست دينتون. سميث مدير "الدراسة القومية للشباب والدين NSYR"، المشروع البحثي الممول من مؤسسة الأوقاف "لِيلي Lilly".
*****
المقال الخامس
الربوبية الأخلاقية العلاجية
(محاولات فاشلة لحل ضغوط مسائل القيادة الكنسية)
مقال للقس سكوت توماس، رئيس خدمة "أعمال 29"
قام "كريستيان سميث"، أستاذ رئيس مساعد بقسم علم الاجتماع في جامعة "نورث كارولاينا" في تشابل هيل ومدير "الدراسة القومية للشباب والدين NSYR"، قام بالبحث في المعتقدات الدينية والروحية التي يعتنقها الشباب الصغير في الولايات المتحدة. وبعد مئات المناقشات حول الدين، والله، والإيمان، والصلاة وغيرها من الممارسات الروحية، أشاروا باختصار إلى تلك المعتقدات بأنها "الربوبية الأخلاقية العلاجية (MTD)" [1]
الأخلاقية: كن صالحاً
وهو الاعتقاد بأن الإنجيل يمكن أن يُختصر إلى مُحسِن في السلوك. هذا النهج الأخلاقي في الحياة يعتقد بأن أهم شيء لعيش حياة كريمة وسعيدة هو أن تكون إنساناً صالحاً وعلى خلق. وهذا يعني أن تكون لطيفاً، طيباً، مرحاً، محترماً، ومسئولاً: تعمل على تحسين الذات؛ ترعى صحتك، وتبذل ما في وسعك لتكون ناجحاً.
والقائد المسيحي، والذي هو أقرب إلى النبي [2]، ينزع إلى الأخلاقية إن كان يتجنب الصليب كوسيلة للتبرير والتقديس. فقد نُكرِه أسرتنا ومجتمع كنيستنا على السلوك بنحو أفضل ونتعامل بقسوة مع أولئك الذين يفشلون في السلوك بشكلٍ مقبول. وللتعامل مع ضغوط الخدمة، يقيم الإنسان نفسه ذو خُلق بناءً على مقارنة نفسه بالقادة المسيحيين الآخرين. إلا أن معيارنا للأخلاق هو يسوع المسيح نفسه، ونحن لا نستطيع تحقيق أي أخلاق إلا في بر المسيح (رومية 4: 3-8). فالنزعة الأخلاقية أو تعديل السلوك لن يساعدنا على كسب رضا الله أو تخفيف الضغط علينا. وكما يقول "تيم كيلر": "نحن أكثر تصدعاً وخطية مما نجرؤ أن نتصور أو نعتقد، ومع ذلك فنحن مقبولون ومحبوبون من الله أكثر مما نجرؤ أن نأمل."[3]
العلاجية: كن لطيفاً وابتسم
هذا هو الاعتقاد الذي يتمتع أتباعه بفوائد نفسية من خلال المشاركة في شيء جيد. فهو ليس دين التوبة عن الخطية، أو العيش كخادم لإله له السيادة. إنما هو إيمان يتعلق بالشعور بالراحة، والسعادة، والأمان، والسلام. وهو معني بتحقيق الرفاهية الذاتية، والقدرة على حل المشاكل، والسلوك بلطافة تجاه الآخرين. هو القيام بأفعال حسنة حتى تشعر بالرضا من نحو نفسك.
أولئك القادة، والذين هم أقرب إلى أن يكونوا كهنة، ولكنهم يتجنبون أمر الصليب، سوف يميلون إلى هذا الحل لتناول آثار الخطية. قد يميلون إلى ترك الخدمة في سبيل بيئة أكثر ملائمة. فالشخص هنا يركز فقط على الإيجابيات ويتجنب الصراع بأي ثمن - حتى لو اضطره الأمر إلى المساومة حول بعض المبادئ.
العديد من القادة المسيحيين حسني النية يقدمون حلولاً علاجية للمشاكل التي نواجهها. فيقترحون علينا ممارسة الهوايات والنشاطات، أو حضور المؤتمرات والمعسكرات، أو الالتحاق ببرامج أخرى جديدة. قال أحد الرعاة أنه عندما يريد أن يتعامل مع شعوره بالإجهاد، فإنه يستمع إلى الموسيقى المهدئة، ويتمشى مع أصدقائه الجيدين، أو يحصل على جلسة تدليك، ويمارس هوايته، وهي "الرماية"[4]. ومن الواضح انه يطلق النار لتعويض النقص بممارساته الذكورية للتعامل مع الضغوط. وقال راعي آخر: "إني أحصل على عطلة (أجازة) ذهنية أثناء وجودي بالكنيسة فيما بين أيام الآحاد." من الواضح انه كان في إحدى هذه العطلات أثناء كتابته هذه الكلمات. وأخيراً، قال راعي آخر: "توجد لدي بطاقة أكتبها لنفسي داخل مكتبي، تقول ببساطة: 'اِبتهج وابتسم." أتساءل عما إذا كانت تلك البطاقة تعمل إذا ما أصيب هذا القس أو أحد أفراد أسرته بالسرطان؟
هؤلاء الرجال يقدمون المشورة الروحية لشعب الكنيسة المجروح الذي يحاول أن يفهم طبيعة الخطية ووجود الله. مع وجود منابر لدينا مليئة بهذه الأفكار، لا عجب إذاً من نمو "الربوبية الأخلاقية العلاجية " بقوة في أميركا.
الربوبية: عليك القيام بالأمر بمفردك
وهو الاعتقاد في الله الموجود، الذي خلق العالم، لكنه يتركك وحيداً. في هذا الاعتقاد، يكون الله بمثابة خادم إلوهي ينتظر منك أن تدعوه للتدخل أو "جِنِي" كوني يقوم بتحقيق أمنياتك. وإن كانت الأمور لا تسير بسحب توقعك، فاللوم يقع على الله.
الربوبية هي الميل الطبيعي للملك والسيد الذي يتجنب الصليب. فهو لا يؤمن بالإله الذي له السيادة لذا عليه أن يحصل على مستشار، أو تعليم جيد، أو يحصل على الأنظمة والهياكل اللازمة لحل المشكلات التي يواجهها. وهو لديه ميل للعمل على الهياكل السطحية لحياته والتوفيق بين حياته وبين شعارات القيادة والمُثُل العملية ذات الحلول السريعة النشطة. كما ويتكيف سريعاً مع الأساليب التقنية الفعالة والبارعة بدلاً من تبني المبادئ المرشدة. قد لا تكون هذه هي المبادئ التي يتحدث بها ولكنها في الواقع المبادئ التي يعمل بها.
وقال "كريستيان سميث" أن "الربوبية الأخلاقية العلاجية " ليست ديانة رسمية، ولكنها "تسيطر ببساطة على الكثير من المجتمعات والتقاليد الدينية الراسخة في الولايات المتحدة." ومعنى كل هذا هو أن فلسفات "الربوبية الأخلاقية العلاجية " هي التي تسيطر على كنائسنا، على المنابر، والكتب، وحلقات التدريب، بل وحتى المشورة.
___________________________
[1] من معهد اللاهوت ببرينستون لخدمة الشباب – تم الإطلاع عليه في 30 مايو 2010.من إصدار "التفسير الموجز: الربوبية الأخلاقية العلاجية " من "البحث عن الروح: الحياة الدينية والروحية للمراهقين الأميركيين" لـ"كرستيان سميث" و"ميلندا لاندكويست دنتون"، حقوق الطبع لعام 2005 لمطبعة جامعة أكسفورد.
[2] قام "جون فريم" John Frameبتعريف كلمات "نبي"، "كاهن" و"ملك". وقام "درو جودمانسن" Drew Goodmanson بنشر الفكرة على النحو التالي: النبي (النجاح) – وهو شخص رؤيوي لديه الرغبة الشديدة في 'التبشير بكلمة الله'. يحب التعلُم، والقراة، ودراسة كلمة الله وتعليمها/الوعظ بها للناس. يرى القواعد والمقاييس المعيارية المُعلنة في الكتاب المقدس ويريد للبشرية كلها أن تراها. النبي (الإخفاق) – شخص صاحب رؤية ولكن بلا خطة يقود بها الناس، وذلك أمر صعب. يمكنه أن يعظ بمعلومات 'حول المسيح' عوضاً عن 'رسائل متمركزة في الإنجيل'. كما يمكنه أن يعظ بالمسيح ويسحق الناس بأخبار وشرائع كمال المسيح. الملك (النجاح) - يعرف كيف يحصل على رؤية، وينظمها وينفذها. يفهم الأنظمة، والتخطيط والتنظيم. الملك (الإخفاق) - بدون الرؤية السليمة أو الإنجيل السليم يكون النظام بلا قيمة. الكاهن (النجاح) - فهم هائل لاحتياجات الناس. يمكنه أن يستجمع الناس، يساعد على حل المشاكل الشخصية وتقديم المشورة. الكاهن (الإخفاق) - بدون الفهم الصحيح للقواعد (كلمة الله) وكيفية تطبيقها، لن يتعامل الكاهن إلا مع الاحتياجات الملموسة. تم الاطلاع عليه في 22 يونيو 2010.
[3] من مدونة The Gospel Coalition blog. Accessed 06-05-10
[4] الاقتباس مُتاح، ولكن لم يُعلن عنه.
http://www.acts29network.org/acts-29-blog/moralistic-therapeutic-deism/
*****
المقال السادس
"الربوبية الأخلاقية العلاجية " - الدين الأمريكي الجديد
مقاللـ: آر ألبرت مولر، كرستيان، الابن – كاتب صحفي
عندما قام "كريستيان سميث" وزملاؤه الباحثين بالدراسة القومية للشباب والدين NSYR بجامعة "نورث كارولاينا" في تشابل هيل بالبحث في المعتقدات الدينية للمراهقين الأمريكيين، وجدوا أن الإيمان الذي اعتنقه ووصفه معظم هؤلاء الشباب ينزل إلى شيء قام الباحثون بتعريفه بأنه "الربوبية الأخلاقية العلاجية".
وكان وصفهم للنقاط الخمس لمعتقدات الربوبية الأخلاقية العلاجية ، باختصار، أنها العقيدة التي يمكن أن ينزل إليها الكثير من إيمان هؤلاء الشباب. وبعد إجراء أكثر من 3000 مقابلة مع المراهقين الأمريكيين، أبلغ الباحثون أنه عندما يتعلق الأمر بالمسائل الحرجة للإيمان والمعتقدات، يجيب العديد من المراهقين بلا مبالاة وبكلمة "مهما يكن الأمر'Whatever' (لا يفرق معي)".
وفي واقع الأمر، وجد الباحثون، الذي تلخّص تقريرهم في كتاب "البحث عن الروح: الحياة الروحية والدينية للمراهقين الأمريكيين" لـ: كرستيان سميث وميلندا لاندكويست دنتون، وجدوا أن هؤلاء الشباب الصغير عاجزون عن التعبير عن معتقداتهم الإيمانية بطريقة يصعب تصديقها، وأن معظمهم غير قادر فعلياً على تقديم أي فهم لاهوتي جاد، "لدرجة أن المراهقين الذين قابلناهم (يقول سميث)، وبعد أن عبرّوا عن مفاهيمهم واعتقاداتهم الإيمانية، أصبح من الواضح أن معظم الشباب الصغير المتدين إما أنهم لا يفهمون حقاً ما تقوله تقاليدهم الدينية عما يجب أن يؤمنوا به، أو أنهم يفهمونها ولكنهم ببساطة لا يعنيهم الإيمان بها. وفي كلتا الحالتين، من الواضح أن معظم الشباب الصغير المتدين إما أنهم ليسوا مهتمين بصفة خاصة بتبني معتقدات تقاليدهم الإيمانية والحفاظ عليها، أو أن مجتمعاتهم الدينية قد فشلت في محاولات تعليمهم شبابها، أو كلاهما معاً." عندما قام "كريستيان سميث" وزملاؤه الباحثين بالدراسة القومية للشباب والدين NSYR بجامعة "نورث كارولاينا" في تشابل هيل بالبحث في المعتقدات الدينية للمراهقين الأمريكيين، وجدوا أن الإيمان الذي اعتنقه ووصفه معظم هؤلاء الشباب ينزل إلى شيء قام الباحثون بتعريفه بأنه "الربوبية الأخلاقية العلاجية".
كما أوضح الباحثون، "بالنسبة لمعظم المراهقين، ليس على أحد أن يفعل أي شيء في الحياة، بما في ذلك أي شيء له علاقة بالدين. فكلمة "مهما يكن الأمر (لا يفرق معي)" تفي بالغرض، إن كان هذا هو ما يريده الشخص."
وعارضة "مهما يكن الأمر" التي نجدها في الكثير من المشاهد اللاهوتية والأخلاقية الأمريكية - للمراهقين وغيرهم – تعد بديلاً للتفكير الجاد المسئول. والأهم من ذلك، إنها غطاء لفظي لتبني النسبية. ووفقا لذلك، فإن "معظم آراء ووجهات نظر المراهقين المتدينين – والتي يمكن أن ندعوها وجهات نظر عالمية – هي وجهات نظر غامضة، محدودة، وغالبا ما تتعارض مع التعاليم الفعلية لدينهم."
هذا النوع من الإجابات الذي وُجد بين العديد من المراهقين يشير إلى وجود فراغ واسع في جوهر فهمهم. عندما يقول مراهق: "أنا أؤمن بالله، وكل تلك الأمور.."، فهذا بالكاد يمثل التزام لاهوتي عميق.
ومما يثير الدهشة، أن هذا الشباب الصغير ليسوا عاجزين عن التعبير بصفة عامة. فكما وجد الباحثون، "هناك العديد من المراهقين الذين يعرفون تفاصيل كثيرة عن حياة الموسيقيين ونجوم التليفزيون المفضلين أو عما يلزم لدخول كلية جيدة، ولكن معظمهم غير واضح عند الحديث عن ماهية موسى ويسوع." والاستنتاج الواضح هو: "أن هذا يوحي بعدم وجود إيمان قوي، مرئي، واضح في حياة معظم الشباب."
هناك جانب آخر من جوانب هذه الدراسة يستحق الانتباه إليه. فقد اكتشف الباحثون، الذين قضوا آلاف الساعات في إجراء المقابلات مع مجموعة مختارة بعناية من الشباب، أنه بالنسبة للكثيرين من هؤلاء المراهقين، كانت تلك المقابلة هي المرة الأولى التي ناقشوا فيها مسألة لاهوتية مع شخص بالغ. ماذا يعني هذا القول عن كنائسنا؟ وماذا يعني عن هذا الجيل من الآباء والأمهات؟
في النهاية، تشير هذه الدراسة إلى أن الشباب الصغير متأثرون تأثراً قوياً بأيديولوجية النزعة الفردية والاستقلال التي شكلت الثقافة الأمريكية بشكل ضخم، بما أدى إلى اتخاذ اتجاه عدم محاسبة الآخر أو الحكم عليه، والتخاذل في إبداء الرأي بشأن ما إذا كان الآخر مخطئاً في مسائل الإيمان والمعتقدات. ورغم ذلك، فهؤلاء الشباب غير قادرون على العيش بنسبيةٍ كاملة. ويشير الباحثون إلى أن معظم الآراء وردود الفعل لهؤلاء الشباب الصغار، في كثير من الموضوعات، تدل على معتقدات أخلاقية للفرد، أما في مواضيع الإيمان والدين فتكون إجاباتهم حيادية وغير قاطعة إلى حد أن البعض يقترح أنه لا يوجد ما يُسمى "إجابة صحيحة" في أمور الإيمان والمعتقدات الدينية.
ولاحظ الباحثون أن الكثير من الإجابات تضمنت عبارات أخلاقية – لكنهم يحتفظون بانتقاداتهم للأمور الخاصة بالعقيدة اللاهوتية والإيمان اللاهوتي. ووصل الأمر إلى أن البعض أوحي بعدم وجود إجابات "صحيحة" فيما يتعلق بأمور التعاليم الدينية والعقيدة اللاهوتية.
ويبدو أن "الربوبية الأخلاقية العلاجية " - التي عَرّفها الباحثون بأنها نظام المعتقدات والإيمان الأساسي للمراهقين الأمريكيين – أنها تعكس الثقافة بصفة عامة. فمن الواضح أن هذا المفهوم المعمم لنظام المعتقدات هو الذي يصف معتقدات الملايين الساحقة من الصغار والكبار على حد سواء.
إن ما نلاحظه هنا أمر يتخطى علم الاجتماع، قد نسميه "علم انتهاج الخطأ Missiology ". إن المشاهدة هنا تتعلق بنقطة تحليل تذهب إلى ما هو أبعد من علم الاجتماع. وكما أوضح "كرستيان سميث Christian Smith" و"ميلندا لاندكويست دنتون Melinda Lundquist Denton"، فإن "الربوبية الأخلاقية العلاجية" هي غرس نهج أخلاقي تجاه الحياة. فهي تُعلم أنك يجب أن تكون شخص جيد وعلى خُلق حتى تعيش حياة جيدة وسعيدة. وهذا يعني أن تكون لطيفاً، طيباً، مرحاً، محترماً، مسئولاً، تعمل على تحسين ذاتك، تعتني بصحتك، وتبذل ما في وسعك لتكون ناجحاً".
بالمعنى الحقيقي، يبدو ذلك على أنه التزام إيماني صحيح، إن أمكنا وصفه على أنه التزام إيماني، يتمسك به نسبة كبيرة من الأميركيين. وهؤلاء الأفراد، أيا كانت أعمارهم، يعتقدون بأن الدين يجب أن يتمركز حول أن نكون "لطفاء" – وهو وضع يُعتقد أنه يتم انتهاكه بشكل مباشر من خلال التأكيدات القوية الواضحة والمحددة للعقائد اللاهوتية (التي لن يقبلها الموالون للربوبية الأخلاقية العلاجية بالطبع).
وقد أدرك "سميث" وزملاؤه أن الإلوهية وراء "الربوبية الأخلاقية العلاجية " تشبه إلى حدٍ كبيرٍ الإله الذي كان فلاسفة القرن الثامن عشر يؤمنون به. ليس هو الله الذي يرعد من الجبال، ولا الله الذي سيكون قاضياً. هذا الإله المتساهل، الذي بلا مطالب، يهتم أكثر بحل مشاكلنا وبجعل الناس سعداء. "وباختصار، فإن الله هو مزيج من الخادم الإلوهي والمعالج الكوني: فهو دائماً تحت الطلب، يعتني بأي مشاكل قد تنشأ، ويساعد شعبه حتى يشعر بالرضا عن نفسه، ولا يتدخل بصورة شخصية في هذه العملية."
ومن الواضح أن "الربوبية الأخلاقية العلاجية" ليست إيمان منظم. فهذا النظام الإيماني ليس له مقر طائفي ولا عنوان بريدي. وبالرغم من ذلك، فإن له الملايين والملايين من المُكرسين في جميع أنحاء الولايات المتحدة ومن الثقافات الأخرى المتقدمة، حيث أنتجت التحولات الثقافية الماكرة بيئة يسهل فيها الاعتقاد في الإله المتساهل الذي بلا مطالب. بالإضافة إلى ذلك، فإن هذا الإله لا يتحدى الإدعاءات الأنانية الرئيسية في عصر ما بعد الحداثة الذي نعيش فيه، ولا سيما عندما يتعلق الأمر بالقضايا الخاصة بما يسمى "نمط الحياة"، هذا الإله متسامح جداً وهذا الدين متساهل جداً.
وكما اقترح علماء الاجتماع "سميث" وفريقه فإن "الربوبية الأخلاقية العلاجية" ربما تشكل الآن ما يشبه دين مدني مُسيطر يشكل نظام الاعتقاد لثقافتنا الآن بوجه عام. وهكذا، فإن هذا المفهوم الأساسي قد يكون مماثل لما قام غيرهم من الباحثين بتعريفه باسم "الدين المُعاش" بحسب ما اختبرته الثقافة السائدة.
وبالانتقال إلى قضايا أكثر عمقاً، يدعي هؤلاء الباحثون بأن "الربوبية الأخلاقية العلاجية" إنما تستنسخ المسيحية نفسها، إذ أن هذا الدين المدني الجديد يغري المتحولون عن عقيدتهم لمغادرة كنائسهم وترك هويتهم المسيحية واعتناق هذا الإيمان الجديد بكل ما به من أبعاد متساهلة خالية من المطالب.
لاحظ هذا التقييم الرائع للباحثين: "سوف يكون على دارسين بارعين آخرين في هذا المجال أن يقوموا بفحص وتقييم هذه الاحتمالات بمزيد من العمق. ولكن يمكننا القول الآن بأننا بدأنا فعلاً نعتقد بأن جزءاً كبيراً من المسيحية في الولايات المتحدة يكاد يكون غير مرتبط الآن، بأي صورة جدية، بالتقليد المسيحي التاريخي الفعلي، فهو قد تحول إلى حد كبير إلى القريب غير الشرعي للمسيحية، أي مسيحية "الربوبية الأخلاقية العلاجية". وهم يزعمون بأن هذا التشويه للمسيحية له جذور، ليس فقط في عقول الأفراد، ولكن أيضاً داخل "هياكل بعض الأنظمة والمؤسسات المسيحية".
هل لنا أن نتصور، أن تتبدل "اللغة، وبالتالي اختبار الثالوث، والقداسة، والخطية، والنعمة، والتبرير، والتقديس، والكنيسة، .. والسماء والجحيم .. كل هذا يتبدل بين المراهقين المسيحيين ليحل محله، على أقل تقدير، لغة السعادة، واللطافة، وكسب المكافآت السماوية"؟!
هل هذا يعني أن أمريكا أصبحت أكثر علمانية؟ ليس بالضرورة. هؤلاء الباحثون يؤكدون أن المسيحية إما أنها آخذة في الانحطاط والتدهور لتصير نسخة مثيرة للشفقة في ذاتها، أو بالأحرى، أن المسيحية هي التي تم استنساخها واستبدالها بإيمان ديني مختلف تماماً.
هذا التحول الجذري في اللاهوت المسيحي والإيمان المسيحي استبدل سيادة الله بسيادة الذات. في هذا العصر العلاجي، تحولت المشاكل الإنسانية إلى اضطرابات مرضية تحتاج لخطة علاجية. وتُستبعد الخطية ببساطة من الصورة، ويتم التخلص من بعض العقائد، مثل التعليم عن غضب وعدل الله، إذ أنها لا تتناسب مع العصر، ولا تفيد مشروع تحقيق الذات.
كل هذا يعني أن المراهقين يصغون باهتمام. لقد كانوا يراقبون آبائهم في ثقافتهم العامة بجدٍ وفطنة. فهم يدركون القدر الضئيل لإيمان آبائهم والعدد الكبير لكنائسهم ومؤسساتهم المسيحية التي تكيفت مع الثقافة المسيطرة، ويشعرون إلى أي مدى تم وضع العقيدة اللاهوتية على مذبح الفردية والفهم النسبي للحقيقة. لقد تعلموا ممن هم أكبر منهم سناً أن تحسين الذات هو السلوك الأخلاقي الأساسي الذي سيحَاسب الجميع على أساسه، وقد لاحظوا حقيقة أن أعلى طموح لأولئك الذين يشكلون هذه الثقافة هو إيجاد السعادة، والأمن، والمعنى في إطار هذه الحياة.
إن مشروع هذا البحث يتطلب اهتمام كل مسيحي مفكر، وأولئك الذين يميلون إلى صرف النظر عن التحليل الاجتماعي لعدم علاقته بالموضوع، سوف يفوتهم القصد من وراء هذا كله. يجب أن نرى بلادنا الآن، كأخصائيين في علم انتهاج الخطأmissiologitsts، مثلهم مثل أمة لم تسمع قبلاً عن الإنجيل. فبالحقيقة قد يكون تحدي مبدأ انتهاج الخطأMissiology أكبر من تحدي الوثنية، لأننا نواجه أجيال متتالية قد حولت المسيحية إلى شيء لا علاقة له بالإيمان المُعلن عنه في الكتاب المقدس. الإيمان "الذي تم تسليمه للقديسين" لم يعد حتى معروفاً، ليس فقط للمراهقين الأمريكيين، بل لمعظم الآباء. إن الملايين من الأمريكيين يعتقدون في كونهم مسيحيين، فقط لأنهم مرتبطون تاريخياً بطائفة أو هوية مسيحية.
نحن نواجه الآن تحدي التبشير بالإنجيل لشعب يعتبر نفسه مسيحي، ويعتقد بشدة في إلهٍ ما، ويظن أنه شديد التدين، ولكنه لا يرتبط أي ارتباط فعلي بالمسيحية التاريخية.
لقدم "كريستيان سميث" وزملاؤه خدمة جليلة لكنيسة الرب يسوع المسيح بتعريفهم "للربوبية العلاجية الأخلاقية" على أنها الدين المهيمن على هذا العصر. ومسئوليتنا هو إعداد الكنيسة للرد على هذا الدين الجديد. والأكثر أهمية، إن هذه الدراسة تحذرنا من أن فشلنا في تعليم هذا الجيل من المراهقين حقائق وعقائد المسيحية الكتابية سيعنى أن أطفالهم سيعرفون أقل من ذلك وسيتم إغرائهم بأكثر سهولة بهذا الشكل الجديد من الوثنية. هذه الدراسة تقدم دليلاً لا يُدحض عن التحدي الذي نواجهه الآن. وكما يُذكرنا الشعار "المعرفة قوة".
___________________________
www.albertmohler.com. لمزيد من المعلومات عن معهد اللاهوت المعمداني
الجنوبي، إذهب إلى www.sbts.edu. ويمكنك ارسال بريد الكتروني إلى: ر. ألبرت مولر، الإبن، رئيس معهد اللاهوت المعمداني الجنوبي بلويزفيل، كنتاكي. للمزيد من المقالات والمراجع لدكتور مولر، ولمزيد من المعلومات عن برنامج "ألبرت مولر"، يوجد برنامج يومي يذاع على شبكة سيلم الإذاعية، أو إذهب إلى
ترجمة: ميادة منير وندى لويس
For more on this, but in English; you may want to read the following Article:
The 7 Great Lies in the Church Today