الحالات الذهنية للتعلق Attachment
وعلاقتها بالتكوين النفسي المرضي بعد البلوغ
(مُلخص مختصر لمقال علمي لـ K. Chase Stovall-McClough
[1])& Mary Dozier
لقد قدم Bowlby[2] نموذجًا للنمو/للنشوء، متضمنًا الآثار الواضحة للتكوين النفسي المرضي Psychopathology. ووفقًا لهذا النموذج، فإن تكوين الطفل الصغير/الرضيع infant لنوع من التعلق بالقائم على رعايته هو مهمة إنمائية (متعلقة بنمو الكائن البشري) أساسية، تؤثر ليس فقط على الصورة المتكونة لدى الطفل عن نفسه وعن الآخرين، بل أيضًا على استراتيجيات معالجة المشاعر والأفكار المرتبطة بهذا التعلق.. وسوف نستعرض هنا كيف تؤثر جودة التعلق الصحي بين الطفل الصغير والقائمين على رعايته، والخبرات اللاحقة المرتبطة بالتعلق، بالإضافة إلى أن الحالات الذهنية التي يتم تقييمها بشكل متزامن والتي ترتبط بالتعلق[3] قد تكون ذات صلة بالتعرض لخطر التكوين النفسي المرضي أو لضعف المرونة النفسية بعد النضوج.
العلاقة بين نموذج تعلق الطفل الصغير والتكوين النفسي المرضي اللاحق
عندما تؤول تجارب الأطفال الصغار/الرُضَّع إلى أن تتكون لديهم توقعات بأن مقدمي الرعاية[4] سوف يستجيبون لاحتياجاتهم، فإن هؤلاء الأطفال سوف يطورون استراتيجيات آمنة في بحثهم عن مقدمي الرعاية في أوقات الحزن أو عند الحاجة إليهم، مع توقع أن تُلبى احتياجاتهم.
تختلف الاستراتيجيات غير الآمنة في المقام الأول تبعًا لأبعاد محاولات الطفل المختلفة للتعبير عن احتياجه للتعلق، سواء استخدم اسلوب التقليل أو التعظيم في تلك المحاولات. عندما يلجأ الأطفال إلى استخدام استراتيجيات التقليل، فإنهم يحولون انتباههم -بصورة دفاعية- عن المحنة التي يمرون بها وعن المشكلات المتعلقة بمدى توفر مقدمي الرعاية. ولذلك، فإن لديهم منفذًا محدودًا على مشاعرهم الخاصة، كما أنهم يكوِّنون تصورًا غير واقعي عن إتاحية الأهل. أما حينما يلجأ الأطفال إلى استراتيجيات التعظيم، فإنهم يحولون انتباههم -بصورة دفاعية- إلى محنتهم الشخصية وإلى المشكلات المتعلقة بمدى توافر مقدمي الرعاية. ولأن هؤلاء الأطفال، في المسائل المتعلقة بمدى إتاحية مقدمي الرعاية، عادة ما يكونون في تشابك[5] مع مقدمي الرعاية، فقد لا يتمكنون من تقييم الموقف بدقة؛ أي لا يتمكنون من معرفة ما إذا كانت التهديدات موجودة بالفعل، وما إذا كان مقدمي الرعاية متاحين لهم أم غير متاحين. مثل تلك الاستراتيجيات قد تترك الطفل عرضة لخطر التكوين النفسي المرضي[6].
وقد وجد Sroufe[7] في نموذج التعلق (حيث يتم دمج مكونات الخبرة المتعلقة بالوجدان مع الدوافع والسلوك) أن الطرق التي يتكيف بها الطفل مع خبرات الطفولة المبكرة تؤثر على طريقة تعامله مع التجارب الحياتية المختلفة لاحقًا، وكما تتغير قدرات الطفل على استيعاب نفسه والآخرين، تتغير أيضًا عملية التفكير بشأن نماذج التعلق وخبراته. وحسب هذه الدراسة، يوضَع التكوين النفسي المرضي عند البالغين في سياق مراحل النمو المختلفة للفرد، أي أنه عند تناوله بالبحث يؤخذ في الاعتبار الخبرات التي مر بها هؤلاء البالغون في مراحل مبكرة من حياتهم، وذلك مع التركيز على أهمية التفاعلات بين الخبرات الحياتية السابقة، والتكيُف اللاحق لها، والعوامل الموجودة في الإطار الحالي[8].
نظرة عامة
وقد تناولت العديد من الدراسات فحص الصلات التي تربط بين نموذج التعلق في الطفولة المبكرة ونشوء التكوين النفسي المرضي عند البالغين فيما بعد[9]. وسوف نستعرض هنا الأدلة من خلال تلك الدراسات الطولية، وسنُلقي بشباكنا على نطاق أوسع، متفحصين العلاقات بين الأحداث المرتبطة بالتعلق في الطفولة[10] وبين بزوغ التكوين النفسي المرضي فيما بعد. بالإضافة إلى ذلك، فإننا نبحث في أمر الارتباط بين الحالات الذهنية المرتبطة بالتعلق والتكوين النفسي المرضي المتزامن معها، كما تم تقييمها عن طريق "مقابلة فحص التعلق للبالغين[11]AAI ."
وسوف نأخذ بعين الاعتبار اضطرابات محددة، وذلك من جهة دور التعلق كأحد العوامل المُتَسبِبَة فيها[12]، وإلى أي مدى يتمثل الاضطراب؛ في صورة أعراض الاستدماج Internalizing[13] في مقابل أعراض التخارج Externalizing[14].
سوف نبدأ أولاً بالاضطرابات المُصنفة تحت عنوان "اضطرابات المزاج Mood Disorders"، يلي ذلك "اضطرابات الحصر النفسي (القلق) Anxiety Disorders". ومجموعتا الاضطرابات هاتان كلا منهما مجموعة غير متجانسة فيما يتعلق بالانتقال عن طريق الوراثة أو الأعراض؛ ولذلك، سيكون أمرًا مفاجئًا أن تظهر نتائج واضحة لها علاقة بالأمور المرتبطة بالتعلق، دون تحديد عوامل متغيرة إضافية[15].
ثم سننتقل من تلك النقطة لنناقش "الاضطرابات التفارقية (اضطرابات التفكك/الانفصام) Dissociative Disorders". إن الأدلة على وجود رابط بين التعلق والصدمات المرتبطة به في الطفولة المبكرة من جهة والأعراض التفارقية التي تظهر لاحقًا من جهة أخرى، تتلاقى مع الأدلة على وجود رابط بين الحالات الذهنية المرتبطة بالتعلق من جهة وتلك الأعراض التفارقية، كل تلك الأمور تتلاقى لتقدم صورة مثيرة للانتباه.
ومن ثم سنتناول بعد ذلك اضطرابات الأكل والتغذية Eating Disorders؛ تلك الاضطرابات والتي عادة ما تكون مصاحبة لاضطرابات الشخصية Personality disorders أو اضطرابات المزاج Mood Disorders. ثم سننتقل لتناول الفصام (الشيزوفرانيا) Schizophrenia، وهو اضطراب وراثي للغاية. ثم ننتقل بعد ذلك إلى النظر في اثنين من الاضطرابات الأكثر شيوعًا: اضطراب الشخصية الحديةBorderline Personality Disorder واضطراب الشخصية المعادية للمجتمع Antisocial Personality Disorder.
وسوف نستعرض كل اضطراب أو مجموعة من تلك الاضطرابات، حيث سنبدأ بوصف وتعريف عام للاضطراب/ات وأحدث الأدلة المتعلقة بالدور الوراثي. ثم سنتطرق لمناقشة دور نظرية التعلق في فهمنا لهذه الاضطرابات. ومن تلك النقطة سننتقل إلى البحث في أمر الأدلة التجريبية التي تربط بين ظاهرة التعلق وبين تلك الاضطرابات. وسوف نُدرج أحدث النتائج التي توصلت إليها الأبحاث عن هذا الموضوع. وأخيرًا، نقدم المعلومات الأكثر حداثة عن الروابط التي بين نموذج التعلق في الطفولة والتكوين النفسي المرضي اللاحق، ومناقشة التغيرات التي تطرأ على هذا المجال.
أولاً: اضطرابات المزاج [16]Mood Disorders
في تحليل تلّوي [17]meta-analysis موسع أُجري على التوائم، وُجِدَ أن نسبة توريث الاكتئاب الجسيم Major Depression تصل إلى ٣٧%[18]. ومع ذلك، فإن هناك علاقة طردية بين توريث الاضطراب الاكتئابي الجسيم وبين شدة الاضطراب، حيث أن الاضطراب الاكتئابي الأكثر شدة[19] أكثر قابلية للتوريث من الاضطراب الأقل شدة[20]. وقد وُجِدَ أن الاضطرابات ثنائية القطب أكثر قابلية للتوريث بمعدلات قُدِرّت لتصل إلى ٨٥%[21]. ولقد كان هناك اهتمام قليل بالسياق النمائي (من نمو الكائن البشري) للاضطراب ثنائي القطب. فوفقًا لـ Parry (2010)، لا توجد دراسات حتى هذا الوقت توضح دور التعلق بهذا الاضطراب، وقلة قليلة من تلك الدراسات أشارت إلى دور الإيذاء والصدمة المبكرة في حدوث هذا الاضطراب. ومن ثم، فإننا سوف نركز أدناه على دور التعلق في حدوث الاكتئاب في وقت لاحق من حياة الشخص.
اضطرابات المزاج والتعلق: صِلات نظرية
لقد أشار Bowlby (1980) إلى أن هناك ثلاثة أنواع أساسية من الحالات التي ترتبط على الأرجح بحدوث الاكتئاب في وقت لاحق. أولاً، حالة وفاة أحد والدي الطفل، حيث يشعر الطفل بسيطرة ضئيلة على الظروف التي تنشأ في حياته، فمن المرجح أن يتطور لدى الطفل شعور باليأس والقنوط، كرد فعل للأحداث الصادمة. ثانيًا، عندما يعجز الطفل، بالرغم من المحاولات العديدة المتكررة، عن تكوين علاقات مستقرة وثابتة وآمنة مع القائمين على رعايته، فيقوم الطفل بتكوين تصور داخلي عن نفسه بصفته فاشلاً وخائبًا وعاجزًا. ومن المرجح بعد ذلك أن يُنظر إلى أي خسارة لاحقة أو خيبة أمل على أنها تعكس ذات الطفل الفاشلة تلك. ثالثًا، عندما يبعث أحد الوالدين للطفل رسالة مفادها أنه (أي الطفل) غير كفء أو غير محبوب، يطور الطفل في داخله نماذج عن ذاته تكمّل ما وصله من رسائل أبوية؛ بكونه غير محبوب، ونماذج داخلية عن الآخرين؛ بكونهم غير مُحبين[22]. ولذلك، فإن الطفل، والبالغ لاحقًا، سيتوقع العداء والرفض من الأخرين عند الحاجة إليهم. وقد أشار كلا من Cummings و Cicchetti(1990) إلى أن تلك الخبرات التي يكون فيها الوالدان غير متاحين نفسيًا للطفل هي خبرات مماثلة لفقدان مقدم الرعاية فعليًا، حيث يعاني الطفل فيها من فقدان متكرر أو حتى مزمن لوجود الوالدين. إن كل مجموعة من تلك الظروف التي تم تحديدها والإشارة إليها من قِبَل Bowlby تشتمل على فقدان السيطرة على جزء من الطفل، وهي تتوافق مع نظرية Seligman المتعلقة بالاكتئاب والتي تتحدث عن العجز المكتسب عن طريق التعلم[23].
خبرات الطفولة المرتبطة بالتعلق وعلاقتها بحدوث الاكتئاب في وقت لاحق
إن الظروف التي افترضها Bowlby كأسباب رئيسة لحدوث الاكتئاب قد تلقت دعمًا تجريبيًا قويًا. فمن شأن التعلق غير الآمن (التعلق المقاوِم resistant والمُتحاشي avoidant كذلك) أن يُنبئ بحدوث الاكتئاب في مرحلة المراهقة[24]، ولو أن تلك النتائج لم يتم تمديدها إلى مرحلة البلوغ بعد على حد علمنا. علاوة على ذلك، فهناك العديد من الدراسات التي تقدم أدلة متقاربة على أن وفاة أحد الوالدين في مرحلة الطفولة المبكرة يجعل الشخص عرضة لخطر الاكتئاب في وقت لاحق من حياته[25]. وقد وجد Harris وزملاؤه (1990) أن خطر حدوث الاكتئاب في وقت لاحق من حياة الفرد يتزايد عندما يقع حدث الفقد قبل عمر الحادية عشر من حياة الطفل، ويتزايد أيضًا عندما يكون الفقد نتيجة لوفاة أحد الوالدين -في مقابل الانفصال طويل المدى عن أحدهم. ولقد شرح Bowlby (1980) هذا الاختلاف بأن أشار إلى إلى أن وفاة أم الطفل قد يؤول بدرجة كبيرة إلى شعور الطفل باليأس التام، في حين أن الانفصال فقط قد يؤدي إلى الاعتقاد بأن الأحداث قابلة للانعكاس[26].
وتعتبر الخبرات التالية التي يمر بها الطفل مع مقدم الرعاية بنفس درجة أهمية حدث الفقد نفسه[27]. فقد وجد Harris وزملاؤه (1986) أن عدم كفاية الرعاية المُقدمة بعد حدث الفَقد يُضاعف من خطر الإصابة بالاكتئاب في مرحلة البلوغ، لا سيما في حالات الانفصال أكثر من الوفاة. وفي الآونة الأخيرة، وجدت Nickerson وزملاؤها (2013) أن التعرض لخبرة الأبوة السلبية من أحد الوالدين بعد حدوث فقد مبكر للوالد الآخر قد ارتبطت بازدياد خطر حدوث الاكتئاب، فضلاً عن العديد من الاضطرابات الأخرى، بعد البلوغ.
الاكتئاب والحالات الذهنية المرتبطة بالتعلق
قام عدد من الباحثين[28] بفحص عينة من السجينات؛ فوجدوا علاقة بين وجود أعراض اكتئابية مُبَلّغ عنها ذاتيًا والحالة الذهنية المرتبطة بالتعلق، في حين نظرت مجموعة أخرى من الباحثين[29] في أمر الحالات الذهنية المختلفة للتعلق (راجع الهامش رقم "10" للحالات الذهنية الخاصة بالتعلق) في عينة إكلينيكية من المراهقين. وقد سلطنا الضوء في وقت سابق على وجود نتائج متضاربة بشأن العلاقة بين الحالات الذهنية والاضطرابات الاكتئابية، فبينما رجحت بعض الدراسات[30] وجود علاقة بين الإصابة بالاكتئاب وفئة الحالة الذهنية "منشغل"، أشارت بعض الدراسات الآخرى[31] إلى أن الإصابة بالإكتئاب مرتبطة عن قُرب بفئة الحالة الذهنية "نابذ". وما تزال هذه النتائج المتضاربة تظهر في الأوراق البحثية. ومثل ما آلت إليه أبحاث كثيرة[32] فقد وجد Borelli وزملاؤه أن الأعراض الاكتئابية ترتبط بشكل كبير بفئة الحالة الذهنية "منشغل" أكثر من ارتباطها بفئة "آمن" أو "نابذ". من ناحية آخرى، وجد Ivarsson وزملاؤه أن أكثر من نصف عينة البحث الخاصة بمرضى الاكتئاب اليافعين المترددين على العيادات الخارجية (٦٤%) قد تم تصنيفهم تحت فئة الحالة الذهنية "نابذ"، في تصنيف ثلاثي المحاور يتكون من الفئات "آمن"، "غير آمن/نابذ"، "غير آمن/منشغل".
وفي دراسة أجراها Patrick وزملاؤه (1994) اقتصرت مجموعة الاكتئاب على عدد من نزيلات المصحة اللاتي لا يبدين أي أعراض لاضطراب الشخصية الحديّة. كما قاموا أيضًا بتقييم الحالات الذهنية لـ ٢٤ أنثى من نزيلات المستشفى ممن تم تشخيصهم على أنهن مصابات بالاعتلال المزاجي dysthymia[33] ومن تم تشخيصهم على أنهن مصابات باضطراب الشخصية الحديّة borderline personality disorder. وكان يتم إدراج النساء تحت مجموعة الاعتلال المزاجي فقط إذا لم ينطبق عليهن أي معيار من المعايير التشخيصية لاضطراب الشخصية الحديّة. لقد اختلف توزيع الحالات الذهنية بين المجموعتين اختلافًا كبيرًا. فقد تم تصنيف جميع نساء مجموعة اضطراب الشخصية الحديّة تحت فئة "منشغل"، على النقيض نجد أن ٥٠% فقط من نساء المجموعة المكتئبة تم تصنيفهم كذلك.
ووفقًا لدراسة أجراها Ivarsson وزملاؤه (2010) على مجموعة من المراهقين المترددين على العيادة الخارجية بسبب الاكتئاب (ن= ١٠٠)[34]، وجدوا أن أكثر من نصف عينة البحث (٦٤%) قد تم تصنيفهم تحت فئة "نابذ" في التصنيف الثلاثي. ومع انبثاق التصنيف الخُماسي (آمن secure، نابذ dismissing، مُنشغل preoccupied، مشوش/ ذا أمور غير محلولة unresolved، وغير مُصنف cannot classify)، وجدوا أن ٢٨% قد تم تصنيفهم تحت فئة "غير مُصنف" و٤٠% قد تم تصنيفهم تحت فئة " مشوش/ ذا أمور غير محلولة". وقد اشتملت العينة على هؤلاء الذين يعانون من الاكتئاب ومن اضطراب الوسواس القهري obsessive–compulsive disorder (OCD) المصاحب له، والذين قد يُعول عليهم النسبة المئوية المرتفعة لمن يندرجون تحت فئة الحالة الذهنية "نابذ"، ذلك لأن اضطراب الوسواس القهري يتطلب بذل جهود قصوى من أجل التغلب على الشعور الباطني بالقلق.
ثانيًا: اضطرابات الحصر النفسيّ (القلق) Anxiety Disorders
اضطرابات الحصر النفسي هي اضطرابات غير متجانسة كما هو الحال مع اضطرابات المزاج. ومع ذلك، فإن أغلبها يتميز بوجود مزيج من القلق والجهد المبذول لتجنب هذا القلق. وكما أوضحنا سابقًا، فإن الاستراتيجيات التي تقلل من القدرة على التعبير عن احتياج الطفل للتعلق، يكون من المتوقع لها أن تترافق والمزيد من اضطرابات التخارج. والاضطراب الذي يكون فيه الخوف هو الأكثر سيادة ووضوحًا يُدعى باضطراب الحصر (القلق) العام generalized anxiety disorder, GAD. ويعاني الأشخاص المصابون بهذا الاضطراب من قلق اجتراري مزمن chronic ruminative anxiety مرتبط على الأقل بعدة ظروف حياتية للشخص، ويكون لهذا الشخص قدرة ضئيلة على إيقاف أو تجنب هذا الحصر (القلق). ومن المثير للاهتمام أن نجد، على الرغم من ذلك، نماذج حديثة من اضطراب الحصر (القلق) العام تُعيد النظر في دور القلق worry في استمرار الاضطراب، حيث تفترض أن القلق نفسه يكون بمثابة وسيلة مساعدة لتجنب الصراع الداخلي والانخراط في المجتمع والحالات الداخلية السلبية[35].
من المألوف أن يتزامن حدوث اضطرابات الحصر (القلق) مع الاضطرابات الأخرى؛ على وجه الخصوص سنجد أن اضطرابات الحصر (القلق) anxiety disorders والاضطرابات الاكتئابية depressive disorders غالبًا ما تحدث جنبًا إلى جنب[36]. وتختلف نسبة احتمالية انتقال اضطرابات الحصر (القلق) عن طريق الوراثة من دراسة لأخرى، لكن تشير دراسات التوائم إلى أن تلك النسبة تتراوح ما بين ٢٠% إلى ٤٠%[37]. وقد وجد تحليل تلوي قام به Hettema وزملاؤه (2001) نفس نسبة احتمالية التوريث لأغلب اضطرابات المزاج. وعلاوة على ذلك، لا يوجد دليل بحثي على زيادة عامل التوريث في أحد اضطرابات الحصر (القلق) عن الآخر[38].
التعلق واضطرابات الحصر (القلق): صِلات نظرية
لقد اقترح Bowlby (1973) أن أفضل تفسير لجميع أشكال اضطرابات الحصر (القلق)[39] هو عن طريق النظر إلى القلق المبكر الذي يصيب الطفل تجاه مدى توافر وإتاحية الشخص الذي يتعلق به. ومن شأن العديد من أنواع البيئات الأسرية أن تخلق تهديدًا حقيقيًا أو إدراكيًا بالفقد الأبوي. ومن ضمن تلك البيئات، البيئة الأسرية التي يجد فيها الطفل نفسه قلقًا بشأن بقاء والده أو والدته على قيد الحياة في حالة غياب الطفل، أو قلق الطفل بشأن أن يتم رفضه أو تركه، أو عندما يشعر الطفل بأن هناك حاجة مُلِحة لبقائه في المنزل كرفيق لأحد الوالدين، أو تلك البيئات الأسرية التي يجد فيها أحد الأبوين صعوبة في السماح للطفل بالخروج والانطلاق في الحياة بسبب مشاعر هذا الوالد الساحقة التي لا يستطيع التحكم بها والتي تحاصره بفكرة أن أذىً ما سيحدث للطفل في حالة خروجه.
العلاقة بين نموذج تعلق الطفل الصغير وحدوث اضطرابات الحصر (القلق) فيما بعد
في دراسة مينيسوتا عن الخطر والتكيف من الولادة وحتى سن النضوج[40]، بحث الدارسون في أمر الارتباط بين نموذج التعلق في الطفولة المبكرة وحدوث اضطرابات الحصر (القلق) فيما بعد. وغالبًا ما كان يتم تشخيص اضطرابات الحصر (القلق) عندما يكون الأطفال في عمر السابعة عشر والنصف. وقد وُجِدَ أن الأطفال الصغار الذين كان لهم نموذج تعلق مُقاوِم resistant هم أكثر عرضة بشكل ملحوظ عن غيرهم -ممن كان لهم نموذج تعلق آمن أو متحاشي secure or avoidant- لأن يتم تشخيصهم باضطرابات الحصر (القلق) بعد البلوغ. وقد بحث Warren وزملاؤه أيضًا في احتمالية أن تكون العلاقة بين التعلق المقاوِم واضطرابات الحصر (القلق) تُعزى إلى الفوارق المزاجية، كما يتبين من تقديرات الممرضات لنشاط الأطفال حديثي الولادة وفقًا لمقياس تقييم سلوكيات حديثي الولادة[41]Neonatal Behavioral Assessment Scale. لكن حتى عندما يستبعد الباحثون الفوارق المزاجية، فإننا سنجد التعلق المقاوِم يظهر للعيان كعامل مُنبئ بحدوث اضطرابات الحصر (القلق) فيما بعد.
وفي عينة طولية أخرى من الأطفال الأقل عرضة لخطر الإصابة بالاضطراب، وُجد أن درجة أمان نموذج تعلق الطفل الصغير لها علاقة أيضًا بظهور أعراض الحصر (القلق) على الطفل في عمر الحادية عشر. وقد وجد عدد من الباحثين[42] أن التعلق المُقاوِم على وجه التحديد يُنبئ بمستويات مرتفعة من الرُهاب الاجتماعي، كما أفاد الآباء والأبناء، خاصة مع البنين. لكنهم لاحظوا، على الرغم من ذلك، أن الأعراض لم ترقى لأن يكون لها أهمية إكلينيكية.
خبرات الطفولة المرتبطة بالتعلق وعلاقتها بحدوث اضطرابات الحصر (القلق) في وقت لاحق
لقد تم الربط بين البيئات الأسرية المليئة بالمشكلات وبين حدوث اضطرابات الحصر (القلق)، وذلك يتوافق والموقف الذي أقره Bowlby عن هذا الأمر. وقد وجد كلاً من Brown و Harris (1993) ارتفاعًا بنسبة حدوث الفقد المبكر لمقدمي الرعاية، ونسبة تقديم رعاية غير ملائمة إلى أبعد الحدود، في التاريخ المرضي لأولئك الذين يعانون من اضطراب الهلع بالمقارنة مع أولئك الذين لم يتم تشخيصهم بأي اضطراب نفسي. وقد وجد مجموعة من الباحثين[43] أن هناك علاقة بين رُهاب الأماكن المكشوفة agoraphobia وبين المعدلات المرتفعة لانفصال الأطفال المبكر عن أمهاتهم أو طلاق الوالدين.
وترتبط أيضا اضطرابات الحصر (القلق) في مرحلة البلوغ باعتبارات استرجاعية[44] للتصورات السلبية عن خبرات الرعاية السابقة. وقد بحث Cassidy (1995) في خصائص عملية المعالجة المعرفية لهؤلاء الذين يعانون من اضطراب الحصر النفسي (القلق) العام GAD ووجد أنهم قد أبلغوا عن تعرضهم للرفض من قِبَل والديهم وانعكاس الأدوار بينهم وبين والديهم، بقدر أكبر من غيرهم الذين لا يعانون من اضطراب الحصر النفسي (القلق) العام GAD. وبالمثل، وجد مجموعة من الباحثين[45] أن معظم الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات القلق وصفوا والديهم بأنهم مسيطرين وغير محبين. لكن اضطرابات القلق النوعية (اضطراب الوسواس القهري في مقابل اضطرابات الهلع المرتبطة برُهاب الأماكن المكشوفة) لم تكن لها علاقة تمييزية بالرعاية الأبوية[46].
ولقد قارن Bandelow وزملاؤه (2002) بين التاريخ المرضي لمجموعة من المرضى يعانون من اضطرابات الهلع (ن= ١١٥) والمجموعات المرجعية[47] (ن= ١٢٤). واستنادًا إلى التقارير المأخوذة بأثر رجعي، وجدوا أن المرضى الذين يعانون من اضطراب الهلع قد مروا بأحداث حياتية صادمة في طفولتهم المبكرة، بما في ذلك وفاة أحد الوالدين والانفصال، أكثر من البالغين الآخرين الذين لا يعانون من اضطراب الهلع. وقد أفاد أيضًا المصابون باضطراب الهلع عن وجود قدر أكبر من القيود وقدر أقل من الحب من والديهم، بنسبة تفوق المجموعات المرجعية. وفي دراسة أجريت على مجموعة من البالغين الذين يعانون من اضطراب الحصر (القلق) الاجتماعي (الرُهاب الاجتماعي social phobia)، حصل Bandelow وزملاؤه (2004) على نتائج مماثلة وخلصوا إلى أن –مع استثناء وجود تاريخ عائلي لأي اضطراب عقلي- خبرات الانفصال التي تحدث في فترة الطفولة المبكرة بين الطفل والقائمين على رعايته هي من بين أهم العوامل المُساهمة في حدوث الحصر (القلق) الاجتماعي social anxiety عند البالغين. وفي تلك الدراسات الاسترجاعية المذكورة آنفًا، لا يمكن أن ننحي جانبًا احتمالية وقوع التحيز من جراء تأثير الحصر (القلق) الحالي المصاب به المبحوثون على كيفية استرجاعهم لذكريات خبرات الرعاية السابقة.
اضطرابات الحصر (القلق) والحالات الذهنية المرتبطة بالتعلق
تماشيًا مع النتائج التي تشير إلى أن التعلق المقاوِم للطفل الصغير يُنبئ بظهور أعراض للحصر (القلق) فيما بعد، وُجِدَ أن الحالة الذهنية "منشغل" منتشرة بصورة زائدة بين البالغين الذين يعانون من اضطرابات الحصر (القلق). ومن بين البالغين الذين حصلوا على درجات مرتفعة إكلينيكيًا في اختبار قياس الحصر (القلق) من القائمة متعددة المحاور Millon Multiaxial Personality Inventory[48]، وُجِدَ أن ٦٥% منهم لديه الحالة الذهنية "منشغل"[49]. وبالمثل، وجد Fonagy وزملاؤه (1996) أن معظم البالغين الذين يعانون من اضطرابات الحصر (القلق) قد تم تصنيفهم تحت فئة "منشغل" وفقًا للنظام ثلاثي الفئات. وقد وجد Cassidy (1995) أن الذين يعانون من أعراض اضطراب الحصر النفسي (القلق) العام قد أبلغوا عن قدر أكبر من الغضب والهشاشة النفسية، بالمقارنة مع الأشخاص الذين لا يعانون من أعراض هذا الاضطراب، وذلك عبر استبيان Perceptions of Adult Attachment Questionnaire[50]. وتتوافق بالفعل مشاعر الغضب والهشاشة النفسية vulnerability مع طبيعة الحالة الذهنية "منشغل".
وفي عدد قليل من الدراسات، وُجِدَ أن الحالات الذهنية المرتبطة بـ "مشوش/ذا أمور غير محلولة فيما يتعلق بالصدمة والفقد" لها وجود زائد بين أولئك الذين يعانون من اضطرابات الحصر (القلق). وفي عينة صغيرة العدد (ن= ١٨) لمجموعة من النساء اللواتي تم تشخيصهن بمجموعة متنوعة من اضطرابات الحصر (القلق) بما فيها اضطرابات الهلع واضطراب الوسواس القهري واضطراب الحصر النفسي (القلق) العام، وجد الباحثون[51] أن جميع أفراد العينة قد تم تصنيفهم تحت فئات أخرى غير "مستقل"، مع نسبة تبلغ ٧٨% ممن صنفن تحت فئة "غير محلولة". وبسبب صغر حجم عينة البحث، لم يكن من الممكن تحليل العلاقات بين اضطرابات القلق النوعية والحالات الذهنية للتعلق. وقد وجد Fonagy وزملاؤه (1996) أن ٨٦% من عينة من البالغين الذين يعانون من اضطرابات حصر (قلق) مختلفة قد تم تصنيفهم تحت فئة "غير محلولة".
وبالمضيّ قدمًا في تناول الدراسات التي تتخلل اضطرابات الحصر (القلق)، سنجد أن هناك بعض الدعم لفكرة أن تكون اضطرابات القلق النوعية، والتي تنطوي على تجنب الخوف في المقام الأول، مرتبطة في الغالب بالحالة الذهنية "نابذ". وقد بحث عدد من الباحثين[52] في الحالات الذهنية للتعلق بين ٢٨ بالغًا يعانون من اضطرابات الحصر (القلق)، و٥٦ بالغًا لا يعانون من اضطرابات الحصر (القلق) من بين المترددين على العيادات الخارجية. وفي عينة المرضى المترددين على العيادة الخارجية تم تصنيف ٣٩% منهم تحت فئة "نابذ"، و٢٩% تحت فئة "غير مستقل"، و٢١% تحت فئة "منشغل"، و١١% تحت فئة "مشوش/ذا أمور غير محلولة". وقد تم تشخيص أغلب البالغين (٨٦%) الذين يعانون من اضطرابات الحصر (القلق) باضطراب الهلع ورُهاب الأماكن المكشوفة، مما يدعم زعمنا بأن اضطرابات الحصر (القلق) التي تشتمل بصورة أساسية على التحاشي (أي تجنب الخوف والمثيرات المخيفة) تتميز بوجود الحالة الذهنية "نابذ". وفي عينة تقارن بين ثلاث مجموعات من المراهقين، واحدة تضم من يعانون من اضطراب الوسواس القهري، والثانية تضم مصابين بالاكتئاب، ومجموعة ثالثة خَلَت من كلا الاضطرابين، وُجد أن ٨٠% ممن يعانون من اضطراب الوسواس القهري قد تم تصنيفهم تحت فئة "نابذ" مقارنة بـ ٦٤% ممن يعانون من الاكتئاب.
وقد فحص كل من Stovall-McClough و Cloitre (2006) التعلق في عينة مكونة من ٦٠ سيدة تعرضن للمعاملة السيئة والإيذاء في طفولتهن، حيث تم تشخيص ٣٠ سيدة منهن باضطراب كرب ما بعد الصدمة كنتيجة لسوء المعاملة الذي تعرضن له في الطفولة. ووُجِدَ أن ٦٣% ممن تم تشخيصهن باضطراب كرب ما بعد الصدمة قد تم تصنيفهن تحت فئة "ذهن مشوش/ذا أمور غير محلولة" فيما يتعلق بصدمة الطفولة، بالمقارنة مع ٢٧% فقط من بين اللاتي لا يعانين من اضطراب كرب ما بعد الصدمة. علاوة على ذلك، فإن الصدمات النفسية غير المحلولة التي لم يتم التعامل معها أو معالجتها، بتعريف مقابلة فحص التعلق للبالغين AAI (راجع الهامش رقم "11")، قد ارتبطت تحديدًا بالأعراض الاجتنابية لاضطراب كرب ما بعد الصدمة، دون غيرها من أعراض إعادة معايشة الأحداث المؤلمة وتذكرها أو حالة اليقظة المفرطة.
ثالثًا: الاضطرابات التفارقية Dissociative Disorders
(اضطرابات التفكك/العزل/الانفصام)
تتميز الاضطرابات التفارقية، كما يوحي الاسم، بحدوث انفصال وافتراق للوعي عن الواقع، وتفكك في أجزاء من الذات التي عادة ما تكون مترابطة. وهناك حالات بسيطة مألوفة من التفارق أو الانفصال، مثل: الاندماج الشديد في محادثة أثناء القيادة لدرجة عدم الوعي بالمشهد الخارجي العابر. وتشتمل الاضطرابات التفارقية المُحددة في الإصدار الخامس من الدليل التشخيصي والإحصائي [53]DSM-5 على تفارق/انفصال وتفكك الهوية (اضطراب الهوية التفارقي [54]dissociative identity disorderوالشرود التفارقي dissociative fugue)، وتفارق الذاكرة (فقدان الذاكرة التفارقي dissociative amnesia)، وتفارق الوعي (اضطرابات تبدد الشخصية/تبدد الواقع depersonalization/derealization disorder). ويمر ٤٠% من المرضى نزلاء المستشفيات بخبرات عابرة من تبدد الشخصية[55]، كما يبدو أن العديد من الأشخاص قد يختبرون هذا الأمر في مرحلة ما من حياتهم لكن من دون زيادة في الأعراض الإكلينيكية. وقد كان التطرق لتشخيص الاضطرابات التفارقية/الانفصالية الأكثر خطورة أمرًا نادر الحدوث حتى وقت قريب، حين أصبح هناك ارتفاع حاد في مثل تلك التشخيصات[56]. ولم يجد كلا من Waller وRoss (1997) أي دليل علمي على تأثير العامل الجيني في الاضطرابات التفارقية، لكن الدراسات الحديثة أشارت إلى وجود علاقة محتملة بين تعدد الأشكال الوراثي داخل الجين SCN9A[57] والأعراض التفارقية (التفكك/الانفصام)[58].
الاضطرابات التفارقية والتعلق: صِلات نظرية
ينطوي التفارق/الانفصال والتفكك على الابتعاد، بصورة لا إرادية، عن بعض أوجه البيئة المحيطة بالشخص. ويظهر جليًا أن حدوث التفارق نتيجة للصدمة يكون له وظيفة تكيفية في حياة الشخص، حيث أن التفارق يتيح للشخص الفرصة أن يتفادى الانهيار تحت ثِقلَ التجربة التي يمر بها. وقد جعل التطور الرضع والأطفال عرضة لأن يمروا بحالات تفارقية بسهولة وذلك عندما يتعرضون للتهديد. إلا أن النتيجة المترتبة على اختبار الأطفال لتلك الحالات التفارقية بصورة متكررة، هي حدوث تضرر وحساسية بالجهاز العصبي[59]. وينطبق هذا فعليًا وبشكل خاص على الأطفال، لأنهم يمرون في طفولتهم بفترات حرجة أثناء نمو أنظمتهم الدماغية. وبمجرد حدوث تلك الحساسية، فإن نذرًا يسيرًا من الضغط العصبي قد يحفز الدخول في الحالات التفارقية (التفككية)[60]. ومن ثم، فإن الطفل الذي يدخل مرارًا وتكرارًا في حالات تفارقية يصبح أكثر قابلية للدخول في مثل تلك الحالات إذا تعرض لظروف من الإجهاد النفسي البسيط.
عندما يمر الطفل بحدث صادم (مثل كارثة طبيعية، أو حادث فقد، أو التعرض للإيذاء)، لكن في نفس الوقت يوفر مقدم الرعاية عناية مرهفة الحس ويمد الطفل بإحساس بالحماية، فإن الطفل لا يجد نفسه في حالة من "الرعب بلا منفذ"[61]. في تلك الحالات، يمكن للطفل الاستمرار في الاعتماد على مقدم الرعاية من أجل الحماية. أما إذا كان مقدم الرعاية غير قادر على حماية الطفل في ظل تلك الظروف التي يعاني فيها الطفل من التهديد، أو إذا كان الوالد هو نفسه مصدر التهديد في واقع الأمر، فقد يتعامل الطفل مع هذا التهديد باعتباره خطرًا ساحقًا ويدخل في حالة تفارقية (تفكك وانفصال)[62]
إن مثل تلك الحالات التفارقية يمكن ملاحظتها بين بعض الأطفال الصغار في "الموقف الغريب Strange Situation"[63] حيث يتم تصنيفهم على أنهم مشوشين disorganized[64]. وبالنسبة لمعظم الأطفال، فإن هذا الموقف الغريب يكون مزعجًا، إلا أن وجود نظام تعلق متسق بيده أن يساعد على تنسيق السلوكيات المتبادلة مع مقدم الرعاية. ومع ذلك، يعاني بعض الأطفال الصغار خللاً في استراتيجيات التعلق. ومن المرجح أن يظهر هذا الخلل بين الأطفال الصغار الذين تعرضوا للإيذاء، وأيضًا الأطفال الصغار الذين يعيشون في كنف مقدمي رعاية لديهم أمور غير محلولة متعلقة بالفقد أو الصدمة النفسية[65]. وقد أشار كلا من Main و Hesse (1990) أن السلوكيات الأبوية الخائفة أو المخيفة تترك هؤلاء الأطفال في تلك الحالة من الرعب الذي لا منفذ له.
ووفقًا لـ Main و Hesse، وأيضًا Liotti (2004)، فإن الخبرات المبكرة للطفل مع مقدم رعاية خائف أو مخيف تتسبب في أن يطور الطفل عدة نماذج داخلية متضاربة عن ذاته وعن الآخرين. وفي تفاعلات هذا الطفل مع مقدم الرعاية، فإن هذا الطفل يختبر تحولات سريعة، يجد فيها مقدم الرعاية مذعورًا في بادئ الأمر ثم ما يلبث أن يترك خوفه، ثم يعود ليقدم الاهتمام للطفل. ومع كل تحول من تلك التحولات، سنجد أن هناك نموذجًا داخليًا مختلفًا من ذات الطفل (مرة كمُسبب للفزع، ومرة كالمنقذ، ومرة كالطفل المحبوب) ونموذجًا داخليًا مختلفًا من مقدم الرعاية (مرة كضحية، ومرة كضحية تم إنقاذها، ومرة كمقدم رعاية كفء) يكونون قيد العمل كل مرة. ولا يتمكن الأطفال الصغار من دمج تلك النماذج المختلفة في نموذج واحد مترابط، سواء النماذج الخاصة بهم أو بمقدمي الرعاية خاصتهم، ولذلك فإنهم يحتجزونها داخلهم في صورة نماذج متعددة منفصلة[66]. وتتكون داخل هؤلاء الأطفال معضلة غير قابلة للحل عند تعرضهم لأي كرب: فمن ناحية يجدون أنفسهم غير قادرين على اللجوء لمقدمي الرعاية خاصتهم من أجل الحصول على الرعاية والعناية والحنو، ومن ناحية أخرى يجدون أنفسهم غير قادرين أيضًا على الابتعاد عن مقدمي الرعاية والانشغال بشيء آخر. وبسبب أنهم يعانون من هذا التهديد المستمر دون حل، فإنهم يكونون عرضة لخطر الدخول في حالة تفارقية طفيفة أثناء اختبار "الوضع الغريب" أو تحت أي وضع مُهدد آخر.
وقد لفت Liotti (2004) الانتباه إلى أن سلوكيات التعلق المشوش تلك تتشابه من منظور ظاهري مع الحالات التفارقية في مرحلة البلوغ، مشيرًا إلى وجود علاقة محتملة بين حدوث حالات شبيهة بالغيبوبة في مرحلة مبكرة وحدوث الاضطرابات التفارقية فيما بعد. وإذا أخذنا في الاعتبار الأدلة على أن اختبار الحالات التفارقية في الطفولة يؤدي إلى نشوء حساسية معينة بالجهاز العصبي مما يجعل الأشخاص عرضة للدخول في حالات تفارقية لاحقة، فإننا سنجد أن التعلق المشوش في فترة الطفولة المبكرة وتعرض الطفل لتجارب الإيذاء في تلك الفترة المبكرة من عمره دون توفير أي حماية له من قِبَل مقدمي الرعاية من شأنه أن يجعل الشخص عرضة لحدوث الحالات التفارقية بعد البلوغ[67] .
العلاقة بين نموذج تعلق الطفل الصغير وحدوث التفارق فيما بعد
وقد بحث عدد من الباحثين[68] في أمر العلاقة بين التعلق المشوَّش/المرتبك ذا الأمور غير المحلولة في الطفولة المبكرة وظهور الأعراض التفارقية (العزل والتفكك والانفصال) أثناء مرحلة الطفولة والمراهقة في دراسة مينيسوتا الطولية Minnesota longitudinal study. ومن العينة الأصلية، تم تصنيف ٣٥% من الأطفال الصغار تحت فئة "مشوش" في عمر ١٢ شهرًا، و٤٣% تم تصنيفهم تحت نفس الفئة عند عمر ١٨ شهرًا. وقد ارتبط تشوُّش الأطفال الصغار بارتفاع معدل الأعراض التفارقية لديهم، حسب تقارير معلميهم، في مراحل التعليم الأساسي والثانوي، وفي مرحلة البلوغ[69]. علاوة على ذلك، فإن السلوك المشوش/المرتبك في اختبار "الوضع الغريب" يمكنه أن ينبئ بظهور المزيد من الأعراض التفارقية في عمر الـ ١٩[70] وبعد البلوغ[71]. وهكذا، تلاقت مجموعتان من الأبحاث التقييمية في الإشارة إلى الأعراض التفارقية للمراهقين الذين تم تصنيفهم في فترة طفولتهم المبكرة تحت خانة "مشوش/مرتبك"، وإلى أن العلاقة بين التشوّش والتفارق مستمرة مع تقدم العمر. وقد وجد Ogawa وزملاؤه (1997) أن التعلق المشوَّش يتسبب في ٣٤% من مختلف أشكال الأعراض التفارقية فيما بعد، وجاء ذلك متوافقًا مع نتائج مؤشرات التوفر العاطفي للأم.
خبرات الطفولة المرتبطة بالتعلق وعلاقتها بحدوث الاضطرابات التفارقية في وقت لاحق
وكما ذكرنا سابقًا، اقترح كلا من Main و Hesse (1990) أن سلوك الطفل المرتبك أو المشوش في اختبار "الموقف الغريب" ينتج في الأساس من تصرف مقدم الرعاية الخائف أو المُخيف تجاه الطفل. فمقدم الرعاية هذا، والذي غالبًا ما تكون لديه أمور غير محلولة مرتبطة بالتعلق، يكون غير قادر على حماية الطفل بشكل كافٍ من التهديدات اللاحقة، بل قد يصبح هو نفسه أحد هذه التهديدات. ومن ثم، يبدو أن الطفل الذي يكون مشوشًا في الطفولة المبكرة قد يكون أكثر عرضة لخطر التعرض للإيذاء في وقت لاحق بسبب قلة كفاءة مقدم الرعاية. وهكذا، فإن الأطفال الذين يكونون تعلقًا مشوّشًا بالقائمين على رعايتهم في طفولتهم المبكرة، والذين بدورهم يتعرضون للإيذاء بشكل متكرر فيما بعد، قد يكونون عرضة بشكل خاص للاضطرابات التفارقية في وقت لاحق[72]. وفي الواقع، فإن نسبة حدوث الإيذاء بين الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات تفارقية هي نسبة مرتفعة، قد تصل إلى ٩٧% كما ذكرت بعض الدراسات[73].
وقد اقترح كلا من Main و Hesse (1990) نموذجًا لانتقال الأعراض التفارقية بين الأجيال. وقد أشارا إلى أن الفقد والصدمة النفسية التي لم يتم التعامل معها (غير المحلولة) تُعد من الأسباب الكامنة وراء تصرف الوالدين بشكل خائف أو مخيف مع أطفالهم. وقد تم تقديم دعم غير مباشر لتلك الفكرة من خلال اكتشاف العلاقة بين الفّقْد الذي لم يتم التعامل معه (غير المحسوم) ومستويات الاستيعاب، وذلك من خلال مقابلة فحص التعلق للبالغين AAI (راجع الهامش رقم 11). ورغم أنه لا يتم أخذ حوادث الفقد الحديثة في الاعتبار عند تطبيق مقياس الأمور غير المحلولة تبعًا لطريقة Main وزملاؤه، لسبب عدم وجود حل أو حسم في مثل تلك الحوادث القريبة زمنيًا بالطبيعة، فمع ذلك، فإن أحداث الفقد الحديثة قد يكون لها تأثير مُشوِش على سلوك الأبوين. ولذلك، فإن مرور أحد الوالدين بتجربة وفاة شخص قريب قد تجعل من تعلق الطفل به تعلقًا مشوشًا وتزيد من احتمالية دخول الطفل في حالات تفارقية فيما بعد. وفي الواقع، قد وجد Liotti (2004) أن ٦٢% من البالغين الذين تم تشخيصهم باضطرابات تفارقية كان لديهم أم فقدت شخصًا قريبًا منها في خلال عامين من ولادة أطفالها.
الاضطرابات التفارقية والحالات الذهنية المرتبطة بالتعلق
تناولت العديد من الدراسات العلاقة بين حالات التعلق غير المحلولة ووجود أعراض تفارقية. وفي دراسة قام بها Riggs وزملاؤه (2007)، وُجِد أن نُزلاء مستشفيات الأمراض النفسية الذين يعانون من أمور غير محلولة بسبب صدمات نفسية لم يتم التعامل معها جيدًا، يُظهِرون أعراضًا تفارقية أكثر من أولئك الذين لا يعانون من أمور غير محلولة بسبب الصدمات النفسية. كما وجد باحثون[74] في دراسة أجريت على المراهقات الحوامل، أن الأعراض التفارقية المُبلَغ عنها بواسطتهن كانت في المراهقات المصنفات تحت فئة "غير محلولة" أكثر منها في من لم يتم تصينفهن تحت هذه الخانة.
وفي دراسة أُجريت على عينة من الفنانين[75] قام الباحثون بفحص العلاقة بين الصدمات النفسية والفقد اللذين لم يتم التعامل معهما، والتفارق. ومن بين الفنانين الذين أظهروا مستويات مَرَضيّة من التفارق، كتلك التي نراها في اضطرابات التفارق (مثل فقدان الذاكرة التفارقي Dissociative amnesia، تبدد الشخصية/تبدد الواقع depersonalization/derealization) وُجِد أن نسبة ٥٣% منهم يمكن تصنيفهم تحت فئة "الأمور غير المحلولة" في مقابلة فحص التعلق للبالغين AAI.
رابعًا: اضطرابات الأكل Eating Disorders
وتشمل هذه الاضطرابات فقدان الشهية العصابيّ Anorexia nervosa والنَهَم العصابيّ Bulimia nervosa. ويتميز فقدان الشهية العصابيّ بانخفاض وزن الجسم بدرجة خطيرة، مصحوبًا بتشوّه في الصورة الذاتية للمريض عن جسمه، وخوف المريض من أن يصبح بدينًا.
بينما يتميز النهم العصابيّ بالشراهة عند الأكل، مصحوبة بسلوكيات تهدف إلى تعويض آثار هذه الشراهة، مثل تطهير الأمعاء عن طريق التقيؤ المتعمد وتعاطي المليّنات.
وتنتشر هذه الاضطرابات عادةً بين المراهقين، خاصةً في الأوقات العصيبة مثل فترة دخول الجامعة.
إن الغالبية العظمى (٩٠%) من المصابين بهذه الاضطرابات هم من الإناث[76] وكثير منهن يُصَبْنَ أيضًا بالاكتئاب تزامنًا مع اصابتهن باضطرابات التغذية والأكل، بمعدلات تصل إلى ٧٥%[77].
التفارق واضطرابات التغذية: صِلات نظريّة
افترض Bowlby (1973) أن الطفل يشعر بعدم الأهلية وفقدان السيطرة إذا وصلته رسائل توحي له بأنه غير محبوب أو أنه سيواجه صعوبة في أداء مهامه باستقلالية. وكما ناقشنا آنفًا، فإن الأطفال الذين تصل إليهم مثل تلك الرسائل يمكن أن يشعروا بالحصر النفسي (القلق) الشديد، كأن ينمو لديهم اضطراب القلق المعمم GAD أو رُهاب الأماكن المكشوفةagoraphobia على سبيل المثال. ومع ذلك، فإن طوَّر هؤلاء الأطفال استراتيجيات اجتنابية تساعدهم على تحويل انتباههم بعيدًا عن مواضع الضيق النفسي داخلهم، فإن ذلك بيده أن يجعلهم أكثر عرضة لخطر الإصابة بأعراض التخارج Externalization.
وقد اقترح الباحثان Cole-Detke و Kobak (1996) أن الشابات اللاتي يعانين من اضطرابات التغذية والأكل ربما يحاولن التحكم في عالمهن الخاص عن طريق هذه السلوكيات الغذائية التي من شأنها أن تشتت انتباههن بعيدًا عن مشاعر الضيق والكرب داخلهن.
خبرات الطفولة المرتبطة بالتعلق وعلاقتها بحدوث اضطرابات الأكل في وقت لاحق
معظم الدلائل التي تربط خبرات التعلق المبكرة باضطرابات التغذية والأكل مبنية على تقارير رجعية الأثر عن توافر الأبوة والأمومة. وعلى الرغم من أن النتائج تبدو معقدة إلا أنها متسقة نسبيًا. أولاً، تقوم النساء المصابات باضطراب فقدان الشهية العصابيّ بوصف كلا الأبوين بشكل سلبي[78]. ثانيًا، يتم وصف الآباء عادة بأنهم غير متاحين عاطفيًا ومُصَدّرين الرفض للأبناء[79]. ثالثًا، يتم وصف الأمهات بالاستبداد والتسلط، والرغبة في الحماية المفرطة، أو المثالية الزائدة والسعي نحو الكمال[80]. وأخيرًا، كان الآباء والأمهات يبدون وكأنهم يسلكون بطرق تعيق استقلالية الأبناء[81].
كما وجدت إحدى الدراسات أن المصابات باضطرابات التغذية والأكل كن يصفن أبائهن وأمهاتهن بأنهم غير مساندين لاستقلالهن بشكل عام[82]. من هنا تبرز صورة عامة في المشهد، لأم متحكمة مهووسة بالكمال غير مساندة لسعي ابنتها نحو الاستقلالية، وأب ينبذ طفلته عاطفيًا، وابنة تشعر بالرفض والكبت وعدم الكفاءة.
ورغم أن الإيذاء الجنسي كان متَوَقَّعًا له أن يلعب دورًا كأحد العوامل المسببة لاضطرابات التغذية والأكل، إلا أن كفة الأدلة رجحت عدم وجود علاقة قوية بين الإيذاء الجنسي وظهور اضطرابات مثل فقدان الشهية العصابي أو النهم العصابي[83].
اضطرابات الأكل والحالات الذهنية المرتبطة بالتعلق
تناولت العديد من الدراسات بالفحص الروابط بين اضطرابات التغذية والحالات الذهنية المدرجة في مقابلة فحص التعلق للبالغين AAI، وكانت النتائج تأتي متضاربة إلى حد ما. وقد استخدم Cole-Detke و Kobak (1996) في أبحاثهما مجموعة من التقييمات الذاتية الخاصة باضطرابات التغذية لعينة من الفتيات الجامعيات. وقد أسفر هذا المنهج عن توفر معلومات بخصوص الحالات الذهنية المصنفة "منشغل" و"نابذ" و"مستقل"، بينما لم تتوفر معلومات عن تصنيفات "غير محلولة" و"غير مصنف".
وقد وجدت إحدى الأبحاث[84] أن الغالبية العظمى من المرضى (٩٥%) الذين يخضعون لمقابلة فحص التعلق للبالغين، كانوا يقعون تحت تصنيفات أخرى غير "مستقل". وأن ٧٩% منهم كانوا يقعون تحت تصنيف "نابذ".
وقد وجد Baron و Guiducci (2009) أن نسبة من كانوا يقعون تحت تصنيفات أخرى غير تصنيف "مستقل" (٩٠%) من بين المصابين باضطرابات التغذية، تفوق نسبة من كانوا يقعون تحت تصنيفات أخرى غير تصنيف "مستقل" من بين غير المصابين باضطرابات التغذية. وعلى وجه التحديد، كان تصنيف "نابذ" مميِّزًا لمن يعانون من اضطرابات التغذية (٤٧% من مجموعة المصابين باضطرابات التغذية، في مقابل ٢٠% من المجموعة المرجعية). كذلك تصنيف "غير محلولة"، حيث وقع تحته ٢٧% من مجموعة المصابين باضطرابات التغذية في مقابل ٧% من المجموعة المرجعية.
وفي المقابل، وجد باحثون[85] أن نسبة ٦٤% من المصابين باضطرابات التغذية كانوا يقعون تحت تصنيف "منشغل".
وحين طُبِّقَ نظام التصنيف الرباعي وقع ١٣ فردًا من أصل ١٤ فردًا مصابين باضطرابات التغذية تحت خانة "الأمور غير المحلولة المتعلقة بالفقد أو الصدمة النفسية". ولم يختلف الأمر كثيرًا بين المصابين باضطرابات التغذية والمصابين بالأمراض النفسية الأخرى من حيث تمثيل كل فئة منهم في التصنيفات الخاصة بالتعلق.
وقد يكون المزيد من التمايز بين اضطرابات الأكل والتغذية مفيدًا في فهم الدور التي تلعبه الحالات الذهنية الخاصة بالتعلق. فالسلوك التقييدي، كما نراه في اضطراب فقدان الشهية، قد يكون مرتبطًا بفئة "نابذ" من الحالات الذهنية. بينما من الوارد أن ترتبط اضطرابات التغذية التي تميزها سلوكيات الشراهة والتطهير بالحالات الذهنية المصنفة "منشغل". وتوجد بعض الدراسات[86] التي تدعم هذه الفرضية.
خامسًا: الفِصام (الشيزوفرانيا) Schizophrenia
الفصام بأنواعه المختلفة هو الاضطراب الذي عادةً ما يكون الأكثر ارتباطًا بأعلى مستويات اختلال الأداء الوظيفي dysfunction. وجُلَّ ما يميزه هو الانفصال عن الواقع وانقطاع الصلة بالحقيقة، كما يحدث في الضلالات Delusions والهلاوس Hallucinations.
ويتميز الفصام وأنواعه باحتمالية توارث عالية بين الأجيال[87]. فعلى سبيل المثال، تعد احتمالية إصابة أحد التوائم بالفصام إذا كان الآخر مصابًا به هي نسبة ٥٠% في حالات التوائم المتطابقة (أحادية الزيجوت) بينما تبلغ النسبة ١٥% فقط في حالات التوائم المختلفة (ثنائية الزيجوت)[88]. حتى في الدراسات التي أُجريت على المُتَبَنّين، حين يتم استبعاد عامل التأثير البيئي المرتبط بالآباء البيولوجيين، فإن تأثير الآباء البيولوجيين ينبئ باحتمالية حدوث أو عدم حدوث الإصابة بالفصام، أكثر من تأثير الأبوين بالتبني[89].
لم يتم حتى الآن اكتشاف طريقة التوريث بشكل واضح، هل هي عبر جين معين أم عن طريق موقع خاص في الكروموسوم. لكن بعض الباحثين يستكشفون الآن احتمالية أن يكون الأمر متضمنًا عدة جينات، وأن هذه الجينات تختلف باختلاف نوع الفصام[90].
خبرات الطفولة المرتبطة بالتعلق وعلاقتها بحدوث الفصام في وقت لاحق
إن العامل المتغير داخل البيئة الأسرية، والذي يتم اعتباره على نطاق واسع أحد الأسباب المؤدية للإصابة بالفصام، هو "التعبير عن المشاعر"[91]. وزيادة نسبة التعبير عن المشاعر داخل العائلة قد يصحبه وجود تدخل أسري زائد عن الحد أو انتقاد مستمر.
أما وجود انحراف في التواصل والتعبير عن المشاعر في عائلات المراهقين الذين يعانون من اضطرابات إكلينيكية بسيطة إلى متوسطة، فإنه يُنبئ بالإصابة بالفصام أو أحد اضطرابات طيف الفصام (اضطراب الشخصية المرتابة Paranoid personality disorder، اضطراب الشخصية الفصامانية/شبه الفصامية Schizoid personality disorder، واضطراب الشخصية الفصاميّ النمط Schizotypal personality disorder) بعد ١٥ عامًا[92].
ورغم أن الدراسات تشير إلى أهمية الدور الذي يلعبه السلوك الأبويّ في بدايات ظهور الفصام، فإن من الممكن أيضًا ملاحظة أن سلوك الآباء يكون به نوع ما من الحساسية كرد فعل على السلوكيات المختلفة السابقة للمرض التي يقوم بها الأبناء الذين يصابون بالفصام فيما بعد. فعلى سبيل المثال، وجد باحثون[93] أن شرائط الفيديو المنزلية التي تم تصويرها قبل سنوات من بداية ظهور أعراض الفصام على أحد الأبناء، قد أظهرت أن الأطفال الذين أصابهم الفصام مؤخرًا يمكن تمييزهم بشكل واضح عن أشقائهم الذين لم يصبهم الفصام.
الفصام والحالات الذهنية المرتبطة بالتعلق
لم يتم إجراء الكثير من الدراسات حول نسبة توزيع المصابين بالفصام أو الذُهان[94] على الحالات الذهنية المرتبطة بالتعلق حسب تصنيف مقابلة فحص التعلق للبالغين AAI. وقد تناول بعض الباحثين[95] بالفحص الحالات الذهنية للأفراد المصابين بالفصام. وفي دراسة أخرى[96] وُجِدَ أن ٨٩% من المصابين بالفصام قد وقعوا تحت تصنيف "نابذ"، وذلك قبل إدراج تصنيف "الأمور غير المحلولة" ضمن قائمة التصنيفات. أما بعد إدراج هذا التصنيف، فإن نسبة ٤٤% قد تم تصنيفهم تحت بند "غير محلولة".
وفي دراسة[97] أُجريت على عدد من المرضى في مرحلة التعافي من نوبتهم الذُهانية الأولى، تم فحص حالات التعلق الذهنية لديهم، ووُجِدَ أن ٢٦% من هؤلاء تم تصنيفهم تحت بند "مستقل"، بينما وقع ٦٢% تحت تصنيف "نابذ"، ووقع ٢٩% منهم تحت تصنيف "أمور غير محلولة". ونحن نعتقد بالرغم من هذا أن هذه النتائج تخبرنا القليل جدًا عن العوامل المسببة للفصام.
لذلك، أولاً، نرى أننا يجب أن نتوخى الحذر أثناء تفسير وجود معدلات كبيرة من المصابين بالفصام الذين يتم تصنيفهم تحت خانة "غير محلولة". وبالتأكيد، فإن الفصام نفسه يتميز بوجود اضطرابات التفكيرThought Disorders ومن ضمنها وجود "فجوات في مراقبة الشخص لطريقة حديثه أو في عقلانية تفكيره"[98] وهي الأمور نفسها التي تميز تصنيف "الأمور غير المحلولة" من الحالات الذهنية. لهذا قد يبدو الأشخاص المصابين باضطرابات التفكير وكأن لديهم مشاعر غير محلولة نتيجة للفقد أو الإيذاء، لكن السبب الحقيقي هو إصابتهم باعتلال في عملية التفكير.
ثانيًا، نحن نرجِّح أن عدم نجاحنا في العثور على الكثيرين ممن يقعون تحت خانة "مستقل" من بين المصابين بالفصام قد يعكس تأثير الفصام المدمر للمخ. فالافتقار لوجود ترابط منطقي Coherence، كما يحدث للمصابين باضطرابات التفكير، لن يكون متوافقًا مع ما يتطلبه تصنيف "مستقل" من ضرورة لوجود تماسك وترابط في الحوار.
وكما نحث على توخي الحذر عند النظر إلى الحالات الذهنية وكأنها جزء من التكوين النفسي للمرض، إلا أننا ننوه للاختلافات بين الحالات الذهنية وأهمية هذه الاختلافات في التعامل مع العلاقات وتحديد طرق العلاج. وبالفعل، وجدت بعض الدراسات[99] التي تناولت بالبحث موضوع التعلق عند المصابين باضطرابات ذُهانية، أن الوقوع تحت تصنيف "مستقل" كان مرتبطًا بشكل أكبر بوجود خدمة جيدة ومتابعة مستمرة للمرضى، أكثر من الوقوع في باقي التصنيفات الأخرى غير "مستقل".
سادسًا: اضطراب الشخصية الحدّيّة
Borderline Personality Disorder
يعاني المصابون باضطراب الشخصية الحدية من اهتزاز ملحوظ في الإحساس بالذات[100] وبالمثل، فإن تصوّراتهم الداخلية عن الآخرين أيضًا تكون مهتزة وغير ناضجة، فمرات يضفون على الآخرين صفات مثالية، ومرات يحطون من قدرهم. والمعضلة الجوهرية هنا هي الخوف من الترك؛ أن تخشى أن يتخلى عنك هذا الآخر الذي تراه مثاليًا. ولأن الإحساس المهتز بالذات يستقي التأكيد المستمر لوجوده من وجود الآخر المثاليّ، لذا فإن وجود تهديد بأن يتخلى عنك هذا الآخر المثاليّ، هو أمر ينذر بحدوث خبرة ذات تأثير مدمر.
ويرتبط هذا الاهتزاز في التصورات الداخلية بوجود حالة من التقلُّب العاطفي. على وجه الخصوص، فإن شعورًا قويًا بالغضب أو الانزعاج قد يجتاح المصاب بهذا الاضطراب عند مجرد التلميح المستتر بالرفض أو النبذ. وهكذا تتنوع العوامل التي تسهم في خلق ظروف تتسم فيها العلاقات الشخصية بالجلبة والانفعال الشديد. هذه العوامل تشير أيضًا إلى احتمالية أن يكون التعلق وما يرتبط به له دور مؤثر على أسباب الإصابة باضطراب الشخصية الحدية[101].
بالرغم من أن نسبة انتشار اضطراب الشخصية الحدية بين عامة السكان هي ٦%[102] إلا أن نسبة انتشاره بين من يتلقون علاجًا هي أكبر بكثير، فهي حوالي ١٥% من عموم المرضى المترددين على العيادات النفسية وحوالي ٥٠% من بين المصابين باضطرابات الشخصية[103]. من هنا نجد أن احتمالية طلب العلاج والسعي للتعافي موجودة بنسبة أكبر لدى المصابين باضطراب الشخصية الحدية، وهذا ليس غريبًا، فأحد خصائص هذا الاضطراب هو الصراخ طلبًا للمساعدة.
وقد اقترح باحثون[104] أنه بأخذ طريقتين للقياس في الاعتبار معًا، بحيث يتم تنحية معامل تباين الخطأ جانبًا، فإننا نحصل على نتيجة تقريبية أكثر دقة. وفي دراسة كبيرة على التوائم أجراها هؤلاء الباحثين، تستخدم طريقتي القياس كليهما، وُجِدَ أن معدل توريث اضطراب الشخصية الحدية هو ٦٧% بين التوائم، مما يرجح وجود عامل وراثي مؤثر. ومن بين السمات الشخصية التي يتضمنها اضطراب الشخصية الحدية، يأتي في المقدمة الافتقار للسيطرة على المشاعر، والميل للحساسية العاطفية، والميل للسلوكيات الاستدماجية والتخارجية (راجع هامش 13، و14 لاضطرابات الاستدماج والتخارج)[105].
وتتزايد الأدلة التي تدعم نموذج "الاستعداد المَرَضيّ - الضغط النفسيّ "[106]Diathesis-Stress Model الخاص باضطراب الشخصية الحديّة، حيث تتفاعل العوامل البيئية المبكرة التي يتعرض لها الشخص مع استعداده الجيني، فترتفع خطورة إصابته بالاضطراب.
ولوضع هذا النموذج تحت الاختبار بشكل مباشر، قام باحثون[107] بفحص التداخلات الموجودة بين عدد من الخصائص المتعلقة بالبيئة المحيطة وأخرى متعلقة بالتاريخ الأسريّ، في دراسة طولية على ما يقارب الألف من التوائم متماثلة الجنس، حيث تم تتبعهم منذ ميلادهم حتى بلوغهم سن الثانية عشر. وقد قدّرت الدراسة احتمالية توريث سمات الشخصية الحدية عند سن ١٢ سنة بنسبة تصل إلى ٦٦% وهو ما يتماشى مع الدراسة سالفة الذكر[108].
وكما كان متوقعًا، فكلا من المؤثرين؛ المشاكل في البيئة المحيطة[109] والعامل الوراثي[110]، كلا منهما على حدة قد تنبأ بظهور سمات الشخصية الحدية عند سن الثانية عشر. وكانت النتائج تدعم أيضًا نموذج "الاستعداد المَرَضيّ - الضغط النفسيّ "Diathesis-Stress Model، فقد كان الأطفال الذين تعرضوا لتجارب حياتية قاسية في مرحلة مبكرة من العمر، أكثر عرضة لظهور سمات الشخصية الحدية عند سن الثانية عشر في حالة إذا كان لديهم تاريخ عائلي من الأمراض النفسية، أكثر من هؤلاء الذين تعرضوا لتجارب حياتية قاسية مبكرة دون أن يكون لديهم تاريخ عائلي من الأمراض النفسية. وقد استنتج الباحثون من ذلك أن هذين العاملين (الاستعداد المرضيّ المسبق والضغط النفسيّ) كليهما، يظهر تأثيره، كعامل مُعرِّض لخطر الإصابة بالاضطراب النفسي، بشكل أكثر ضراوة في وجود العامل الآخر[111].
اضطراب الشخصية الحديّة والتعلق: صِلات نظرية
اقترح الباحثان Main و Hesse (1990) أن التعرض لصدمة نفسية، مع عدم توفر الدعم الذي من المفترض أن يقوم به مقدم الرعاية للطفل، يعرّض الفرد لاحتمالية أن يعاني لاحقًا من أعراض اضطراب الشخصية الحديّة أو التفارق. وكما ذكرنا آنفًا، فإن الباحثين قد افترضا أنه حين يسلك مقدم الرعاية بشكل خائف أو مخيف، فإن الطفل لا يقدر على دمج هذا السلوك بداخله في نماذج بسيطة من "الذات" و"الآخر". لهذا، يتم الإبقاء على النماذج غير المكتملة. وتتسق هذه الصيغة مع النموذج التنظيمي لنمو الذات واضطراب الشخصية الحديّة، كما اقترحه كارلسون وزملاؤه[112]. فالصدمات النفسية المبكرة قد تفوق قدرة الطفل على ضبط مشاعره وتنظيم ما بداخله من نماذج عن "الذات" و"الآخر"، مما يؤدي في النهاية إلى حدوث خلل بهذه القدرات.
ويرتبط التكوين النفسي المرضي للشخصية الحديّة عامةً بوجود مبالغة زائدة في إظهار الأعراض والمشاعر السلبية، جنبًا إلى جنب مع الانشغال الذهني بهموم وصعوبات تخص علاقات حالية وسابقة. ويتوافق استعداد المصاب باضطراب الشخصية الحدية للإبلاغ عن الأعراض، مع حاجته للتعبير بأقصى حد عن احتياجه للتعلق والارتباط، كما نرى في الأطفال الذين يصنفون تحت خانة التعلّق المقاوِم، أو البالغين الذين يتم تصنيفهم تحت فئة "منشغل". ومن الأشياء المشتركة، التي تعد أساسية لتشخيص اضطراب الشخصية الحديّة كما هي أساسية أيضًا لتصنيف الأفراد تحت بند "منشغل"، وجود صورة داخلية لنموذج مقدم الرعاية بكونه غير كفء أو غير متاح بشكل متسق، ووجود صورة داخلية عن الذات بكونها غير مُقدَّرة بالشكل الملائم[113].
خبرات الطفولة المرتبطة بالتعلق وعلاقتها بحدوث اضطراب الشخصية الحديّة في وقت لاحق
توجد أدلة دامغة على تأثير المشكلات العائلية في ظهور اضطراب الشخصية الحديّة. وعلى وجه التحديد، فإن التعرض للإيذاء في سن مبكرة أمر نراه كثيرًا في تاريخ الأشخاص الذين تم تشخيصهم باضطراب الشخصية الحدية[114].
وحين فحص باحثون[115] التاريخ المرضي في سجلات المستشفيات، وجدوا أدلة على حدوث الإيذاء بمعدلات أعلى لدى المصابين باضطراب الشخصية الحديّة أكثر من غيرهم من المرضى النفسيين. وبالإضافة لذلك قال العديد ممن تم تشخيصهم بهذا الاضطراب أنهم قد افترقوا في فترة طفولتهم لمدة طويلة عن مقدم الرعاية الخاص بهم[116]، وتحديدًا عن أمهاتهم[117]. كما ذكروا أيضًا أنهم عانوا من الإهمال العاطفي حين كان مقدمو الرعاية حاضرين معهم لكن فقط بالجسد[118]. بينما وجد باحثون[119] أن خطورة الإصابة باضطراب الشخصية الحدية تزداد بمقدار ٢.٥ ضعفًا لدى الأفراد الذين عانت أمهاتهم من الفقد خلال عامين من إنجابهم، وتزداد بمقدار ٥.٣ ضعفًا لدى هؤلاء الذين عانوا مبكرًا من سوء المعاملة.
وتتعاظم الأدلة[120] التي تشير إلى وجود نموذج من عدة عوامل تتدخل في اضطراب الشخصية الحديّة، هذا النموذج يأخذ في الاعتبار كلا المجموعتين من الخصائص؛ الخصائص الوراثية أو الداخلية، والخصائص المتعلقة بالبيئة المحيطة[121]. أما عن علاقة اضطراب الشخصية الحدية بالتعلق عند الأطفال، فالنتائج تتباين. فعلى حد علمنا، توجد دراستان طوليتان فقط عن الرابط بين التعلق عند الأطفال الصغار وظهور أعراض اضطراب الشخصية الحديَة فيما بعد. وقد سجل بعض الباحثين[122] ظهور ونمو ملامح اضطراب الشخصية الحديّة عند سن البلوغ في مجموعة من الأطفال الصغار الذين كانوا معرضين بنسبة عالية لاحتمالية الإصابة بالاضطراب. ولم يكن بمقدورنا التنبؤ بحدوث اضطراب الشخصية الحديّة من خلال فحص حالات التعلق المبكرة[123] التي تم قياسها عن طريق المقابلات الطب-نفسيّة. بينما كان لسوء المعاملة في سن مبكرة، واضطراب التواصل بين الطفل والأبوين، ارتباطًا كبيرًا باحتمالية ظهور أعراض اضطراب الشخصية الحديّة.
في إحدى الدراسات المعنية باستكشاف أسباب اضطراب الشخصية الحديّة، من منظور نمو التكوين النفسي المرضي لهذا الاضطراب، قام باحثون[124] بفحص تأثير المتغيرات البيئية المبكرة، بما فيها التعلق عند الطفل الصغير، والمتغيرات الداخلية المبكرة مثل المشكلات الطبية والتصورات الداخلية لدى الطفل عن نفسه، وتم قياس هذه المتغيرات في منتصف مرحلة الطفولة وعند بداية فترة المراهقة. ورغم أن العديد من المتغيرات قد تنبأت بظهور أعراض اضطراب الشخصية الحدية، مثل تشوش أو اضطراب الطفل من جهة التعلق، والعدوانية الصادرة من الأم، والإيذاء، والمشكلات العائلية، وتعرض الأم للضغط النفسي، إلا أن عنصرًا واحدًا فقط هو الذي استمر في كونه يُنبئ بظهور اضطراب الشخصية الحدية بعد أن قام الباحثون باستبعاد المتغيرات الداخلية المبكرة. هذا العنصر هو العدوانية الصادرة من الأم تحديدًا عند عمر ٣ سنوات. بينما كان تأثير التعلق المشوّش على احتمالية ظهور اضطراب الشخصية الحديّة مرهونًا باختلال التصورات الداخلية عن النفس، وتم قياس هذا العنصر في البحث عند سن ١٢ عامًا.
اضطراب الشخصية الحدِّيّة والحالات الذهنية المرتبطة بالتعلق
قدم عدد من الباحثين العديد من التقارير عن الارتباط بين وجود تشخيص باضطراب الشخصية الحديّة، وحالات التعلق الذهنية كما يتم قياسها بمقابلة فحص التعلق للبالغين، وذلك في عدة عينات إكلينيكية[125]. وباستخدام نظام التصنيف الثلاثيّ، وجد Fonagy وزملاؤه[126] أن نسبة ٧٥% ممن يعانون من اضطراب الشخصية الحدية يقعون في حالات التعلق الذهنية تحت تصنيف "منشغل"، وأن نصف هؤلاء المصنفين "منشغل" يقعون تحت التصنيف الفرعي الأندر استخدامًا "منشغل بخوف فيما يتعلق بالصدمات النفسية (E3)". وفي دراسة قام بها Patrick وزملاؤه[127] وقع كل النساء اللاتي كن يعانين من اضطراب الشخصية الحدية تحت تصنيف "منشغل" وتم تصنيف ١٠ من بين ١٢ امرأة تحت التصنيف الفرعي E3.
وحين تم استخدام نظام التصنيف الرباعيّ في الدراستين السابقتين، تم تصنيف ٨٩ ممن يعانون من اضطراب الشخصية الحدية تحت بند "ذا أمور غير محلولة"، وذلك في الدراسة الأولى التي قام بها Fonagy وزملاؤه، بينما في دراسة Patrick وزملاؤه وقع ٧٥% ممن يعانون من اضطراب الشخصية الحدية تحت تصنيف " ذا أمور غير محلولة".
وفي دراسة أخرى، فحص Barone (2003) حالات التعلق الذهنية في عينة مكونة من ٨٠ فردًا، تم تشخيص نصفهم باضطراب الشخصية الحدية، بينما كان النصف الآخر من غير المرضى كمجموعة مرجعية Control group. وباستخدام نظام التصنيف الرباعيّ، تم تصنيف ٧% فقط من مجموعة اضطراب الشخصية الحدية تحت خانة "مستقل"، بينما تم تصنيف ٢٣% تحت خانة "منشغل" ٢٠% تحت خانة "نابذ"، بينما وقع ٥٠% تحت تصنيف "الأمور غير المحلولة." وكانت هذه النسب مختلفة تمامًا عن نتائج المجموعة المرجعية، حيث تم تصنيف ٦٢% منها تحت خانة "مستقل"، و ١٠% تحت خانة "منشغل"، و٧% فقط تحت خانة "ذا أمور غير محلولة".
سابعًا: اضطراب الشخصية المعادية للمجتمع
Antisocial Personality Disorder
يتسم اضطراب الشخصية المعادية للمجتمع بنمط مستمر وثابت من عدم وجود أي اعتبار لحقوق ومشاعر الآخرين وعدم احترام قوانين المجتمع الأساسية[128]. ومن بين صفات الشخصية المعادية للمجتمع المراوغة والخداع، والاندفاعية، والتصرف على نحو غير مسؤول، وحِدَّة الطبع، وعدم الشعور بالندم. وقد ذكرت العديد من الدراسات وجود روابط بين اضطراب الشخصية المعادية للمجتمع عند البالغين ووجود اضطراب المسلك/التصرفات Conduct disorder في الأطفال والمراهقين[129]. وبالفعل فإن وجود اضطراب أثناء الطفولة أو المراهقة هو أحد المعايير التشخيصية لتشخيص اضطراب الشخصية المعادية للمجتمع.
اضطراب الشخصية المعادية للمجتمع والتعلق: صِلات نظرية
افترض Bowlby أنه عندما يمر الأطفال بخبرة انفصال عن والديهم، وعندما يهدد الوالدان بترك الأطفال والتخلي عنهم، فإن هؤلاء الأطفال يشعرون بغضب شديد. تمامًا كما يحدث في العادة مع المواقف العادية والتي تسبب ضغطًا نفسيًا على الطفل في نفس الوقت، حين يبتعد الآباء عن الأبناء، فهذا الشعور بالغضب له دور وظيفي في التواصل حيث ينقل مشاعر الأطفال حيال الافتراق إلى الآباء. أما حين يمتزج الانفصال طويل الأمد مع التهديدات المخيفة، فإن الطفل يشعر على الأرجح بدرجة مضطربة من الغضب تجاه أبويه، تتخللها عادة مشاعر من الكراهية الشديدة، وذلك حسبما يفترض Bowlby. في البداية، يتم توجيه هذا الغضب ناحية الوالدين، لكن لأن الطفل قد يشعر أن هذا الأمر ربما يمثل خطرًا على إبقاء العلاقة بينه وبين أبويه، فإنه عادة ما يكظم تلك المشاعر ويحول مسارها لتتوجه نحو أهداف أخرى[130].
خبرات الطفولة المرتبطة بالتعلق وعلاقتها بحدوث اضطراب الشخصية المعادية للمجتمع في وقت لاحق
يُعدّ الانفصال طويل الأمد عن مقدمي الرعاية الأساسيين مرتبطًا باضطراب الشخصية المعادية للمجتمع، وبالمثل أيضًا السلوك المضاد للمجتمع أو المنحرف من جهة الأب، وعدم اهتمام الأم بتقديم رعاية حانية وإهمالها للطفل[131]. وقد وجد Robins أن انفصال الأبوين أو طلاقهما كان له علاقة بتشخيص اضطراب الشخصية المعادية للمجتمع. بينما وجد Zanarini وزملاؤه (1989) أن ٨٩% ممن يعانون من اضطراب الشخصية المعادية للمجتمع قد اختبروا في مرحلة ما من طفولتهم انفصالاً طويل الأمد عن أحد مقدمي الرعاية لهم. لكن إذا وضعنا بعين الاعتبار أن الفقد نتيجة الوفاة لم يكن مرتبطًا بظهور أعراض اضطراب الشخصية المعادية للمجتمع في وقت لاحق، فإن هذا يخبرنا أن الأمر لا يتعلق بمجرد غياب أحد الوالدين وحسب[132].
وفي دراسة استطلاعية طولية[133] وُجِدَ أن اضطراب الشخصية المعادية للمجتمع غالبًا ما ينتج حين تكون الأم أيضًا غير حنونة ولا تقدم القدر الكافي من الرعاية والإشراف، أو حين يكون الوالد أيضًا منحرف السلوك.
اضطراب الشخصية المعادية للمجتمع والحالات الذهنية المرتبطة بالتعلق
تشير أغلب الأدلة التجريبية إلى وجود علاقة بين اضطراب الشخصية المعادية للمجتمع والحالات الذهنية "نابذ" و"غير محلولة"[134]. وقد قام Allen وزملاؤه (1996) بتقييم الحالات الذهنية لدى مجموعة من المراهقين النزلاء بمستشفى الأمراض النفسية ومجموعة أخرى من طلبة المدرسة الثانوية كمجموعة مرجعية. وبعد مرور ١٠ سنوات تم تقييم معدل السلوك الإجرامي وتعاطي المخدرات القوية في المجموعتين. وكانت أكثر النتائج إثارة للإعجاب هي أن التقديرات التي حصل عليها المراهقون في مقابلات فحص التعلق قد تنبأت بمعدل السلوك الإجرامي بعد ١٠ سنوات، حتى بعد أن وضع الباحثون في اعتبارهم وجود تاريخ مسبق للحجز بمستشفى الأمراض النفسية.
وعلى وجه الخصوص، فإن التعلق المُزدَرى[135] والعجز عن تجاوز الصدمات النفسية، كان لهما دور رئيس في التنبؤ بظهور السلوك الإجرامي. ففي حالة التعلق المُزدَرى يقوم الشخص بالانتقاص من خبرات التعلق وازدراء الشخصيات والرموز المرتبطة بالتعلق.
ومن بين مجموعة النزلاء في تجربة Allen وزملاؤه، فإن نسبة ١٥% قد وقعت تحت خانة "غير مُصَنَّف" لأنهم أوفوا المعايير الكافية لتصنيفهم في فئات متعددة لكنها غير متوافقة بعضها مع البعض. هذه المجموعة كانت صاحبة أعلى نسبة سلوك إجرامي، تليها المجموعة التي تم تصنيفها تحت بند "نابذ" أو "غير محلولة". وكشفت تحليلات ما بعد التجربة أن فئة "غير مصنف" (وكانت تسمى وقتها "غير ممكن تصنيفه") قد أظهرت مستويات من السلوك الإجرامي أعلى بكثير من فئة "مستقل".
وقد وجدRosenstein و Horwitz (1996) أنه بين مجموعة من المراهقين الذين يعانون فقط من اضطراب المسلك/التصرفات Conduct Disorder فإن ٦ من أصل ٧ تم تصنيفهم تحت خانة "نابذ"، ولم يتم تشخيص أي منهم تحت خانة "الأمور غير المحلولة". أما المراهقون الذين يعانون من اضطراب المسلك ومعه أحد اضطرابات المزاج، فقد تم تصنيف نصفهم تحت خانة "نابذ"، والنصف تقريبًا تحت خانة "الأمور غير المحلولة المتعلقة بالفقد أو الصدمة النفسية".
وقد كانت النتائج متسقة نسبيًا حين أخذ الباحثون في اعتبارهم عنصر السلوك العنيف بدلاً من اضطراب الشخصية المعادية للمجتمع. ففي إحدى الدراسات المعنية بفحص العلاقة بين حالات التعلق والنزعة للعنف المنزليّ، قام باحثون[136] بإجراء مقابلة فحص التعلق للبالغين AAI مع عدد من الرجال ذوي السلوك العنيف الذين يعانون من اضطراب زيجاتهم (ن= ٣٠) ومجموعة من الرجال الذين لا يتسمون بالعنف (ن= ٣٠). وكان الرجال الذين لديهم تاريخ من العنف المنزلي أكثر ميلاً للوقوع تحت التصنيفات الأخرى غير "مستقل"، ووقع ٣٧% منهم تحت خانة "غير مصنف".
وقد أجرى مجموعة من الباحثين[137] دراسة أخرى على مجموعة من الرجال الذين يعانون من زيجات مضطربة ولديهم تاريخ من العنف المنزليّ (ن= ٢٣) ومجموعة أخرى ليس لها تاريخ من العنف المنزلي (ن= ١٣). وجاءت النتائج مشابهة للدراسة السابق ذكرها، حيث كان الرجال الذين لديهم تاريخ من العنف المنزلي أكثر ميلاً للوقوع تحت التصنيفات الأخرى غير "مستقل". إضافة إلى ذلك، فإن تصنيف "نابذ" كان مرتبطًا بتسجيل نقاط عالية على مقياس معاداة المجتمع أكثر من باقي التصنيفات. وفي هذه الدراسة وقع ٩% فقط من الرجال الذين لديهم تاريخ من العنف المنزلي تحت خانة "غير مصنف"، وهي نسبة أقل من التي جاءت بالدراسة السابقة[138] لكنها أعلى من تلك التي نراها بعامة السكان.
ملخص: الحالة الراهنة للنظرية والبحث
"التعلق في الطفولة وعلاقته بالتكوين النفسي المرضي عند البلوغ"
حسب نتائج الدراسات التي أوردناها، فإن الروابط الواضحة الوحيدة بين التعلق في الطفولة ومظاهر التكوين النفسي المرضي عند البلوغ هي تلك الموجودة بين التعلق المشوش/المضطرب والأعراض التفارقية (التفكك/الانفصام) في سن المراهقة وبدايات البلوغ[139]، وتلك الموجودة بين التعلق المقاوِم واضطرابات الحصر (القلق) في سن المراهقة[140].
هذا الرابط بين حدوث الإيذاء وظهور أعراض التفارُق فيما بعد يمكن تفسيره جزئيًا بنشوء حساسية معينة بأعصاب الطفل حين يختبر أحداث مخيفة ليس منها مهرب. وبالمثل، يبدو أنه حين يكون مقدم الرعاية غير متاح أو متاحًا بشكل غير متسق، فإن ذلك ينبئ بوجود كلا من التعلق المقاوم وأعراض الحصر (القلق) أيضًا[141].
وقد افترض Carlson (1998) أن الطفل الذي يصبح متهيجًا ومفرطًا في اليقظة باستمرار[142] حين يواجه تهديد أن يكون مقدم الرعاية غير متاح له، يكوِّن حساسية خاصة بأعصابه تعرضه لاحقًا للإصابة بالحصر (القلق).
وأخيرًا، فإن تصنيفات التعلق عند البالغين التي تناظر التعلق المشوش/المضطرب والتعلق المقاوِم عند الأطفال، تتسم بسلوكيات تتماشى باتساق مع ما تنبئ به من أعراض[143]. فالبالغون الذين يقعون تحت تصنيف "الأمور غير المحلولة المتعلقة بالفقد أو الصدمة النفسية" يتسمون بوجود "فجوات في مراقبة الشخص لطريقة حديثه أو في عقلانية تفكيره" عند الحديث عن الفقد أو الصدمة النفسية[144]. وبالمثل، فإن طريقة حديث البالغين المصنفين تحت خانة "منشغل"، تتأثر بالحصر (القلق)، الذي قد يكون منتشرًا، مثل القلق المرتبط باضطراب الحصر (القلق) العام[145]، وقد يكون مُرَكَّزًا مثل أنواع الحصر (القلق) المرتبطة باضطرابات الرهاب.
وهكذا، فإن تصنيفات التعلق عند البالغين التي تقابل التعلق المضطرب/المشوش والتعلق المقاوم عند الصغار، تتسم في حد ذاتها ببعض أعراض التفارق والحصر (القلق) على الترتيب.
قضبان القطار المتفرعة: نحو اتجاهات جديدة
يقدم البحث الذي تناولناه هنا دعمًا مطّردًا لنموذج "قضبان القطار المتفرعة" الذي وضعه Bowlby (1973). في هذا النموذج، لا توجد أي ظروف تعيق التطور والنمو بشكل كامل، حتى درجة جودة تقديم الرعاية في سن مبكرة أو خبرات الفقد والأذى. ومع هذا، فإن النمو النفسي للطفل مع تراكم الخبرات التي يمر بها يصبح أكثر ميلاً لاتخاذ مسارات بعينها دون الأخرى، لأن الطفل عندئذ يطور بداخله نظامًا خاصًا للتأقلم مع تلك الخبرات[146].
أما عن الكيفية التي تجعل بها خبراتُ التعلقِ الطفلَ عرضة للإصابة بأمراض نفسية فيما بعد، فما زلت قيد الاختبار. والطريقة المثلى لاختبارها هي عن طريق الدراسات الطولية الكبيرة، لكن مثل تلك الدراسات يكون مكلفًا من ناحية النقود والوقت وباقي الموارد. بل أن بعض هذه الدراسات يستهلك بالفعل كل الفترة التي يعمل خلالها الباحثون في وظيفتهم، وفي أفضل الأحوال يتم تمريرها لجيلٍ تالٍ من الباحثين لاستكمالها.
وقد ركزت العديد من الدراسات الطولية على خبرات التعلق منذ الصغر ثم تابعت الدراسات المشاركين عبر سنين حياتهم. مثال على ذلك هو مشروع مينيسوتا الطولي Minnesota Longitudinal Project، والذي بدأ حين كان الباحثين Alan Sroufe و Byron Egeland مجرد طالبين مستجدين بمعهد جامعة مينيسوتا لتنشئة الطفل University of Minnesota’s Institute of Child Development، ومازال المشروع قيد العمل على يد جيل ثانٍ من الباحثين بالمعهد.
ويعد مشروع مينيسوتا الطولي مشروعًا استثنائيًا، تحديدًا بسبب تلك العناية الفائقة التي تتم بها الاختبارات التي تقوم بفحص المهمات البارزة عند كل نقطة في مسيرة النمو. لكن بدون شك تمثل هذه الدراسات تحديًا كبيرًا لإجرائها، حيث تتطلب دعمًا هائلاً وبنية تحتية بحثية ضخمة والتزامًا طويل الأمد من فريق البحث.
وقد بدأت تبزغ مؤخرًا العديد من المجهودات الحثيثة لدمج الأطروحات النظرية والنتائج البحثية لعدة فروع علمية، متضمنة علم النفس التنموي Developmental Psychology وعلم النفس الإكلينيكي Clinical Psychology وعلم الأعصاب المعرفي Cognitive Neuroscience. ونحن نحتاج مثل هذه الأبحاث لكي نتمكن بشكل كامل من استيعاب التكوين النفسي المرضيّ كنتيجة للتنشئة والنمو[147].
ويعد علم الأعصاب مجالاً واعدًا لاستكشاف الآليات التي تتغير في مخ الطفل عند حدوث اضطراب في التأقلم مع السلوك الأبويّ، وأيضًا لمعرفة لماذا يعاني بعض الأطفال من نتائج عكسية بينما يُظهر غيرهم مرونة واضحة.
وقد بدأ الباحثون بالفعل في الكشف عن الآليات المحتملة التي يمكن بواسطتها أن يؤثر عامل بيئي ضاغط[148] على التعبير الجيني[149]، مما يؤدي إلى ظهور الأعراض والاضطرابات النفسية في وقت لاحق. إن بعض الدراسات المعنية بفحص التفاعلات بين العوامل البيئية والعوامل الجينية قد سلطت الضوء على الدور الذي يحتمل أن يكون مهمًا لجين مستَقبلات الدوبامين[150] (DRD4) وتحديدًا الأليل 7 المكرر 7-repeat allele [151] والتي يبدو أنها تقود شبكات الدوبامين في الدماغ. فقد وُجِدَ أن الأطفال الذين لديهم هذه النسخة من الأليل يكونون أكثر عرضة للتأثر بالعوامل البيئية الجيدة والسيئة أيضًا[152]. ووجود ما يسمى بجينات الخطورة أو "جينات القابلية للإصابة"[153] واكتشاف تأثيرها في التفاعلات مع عوامل البيئة، يمكِّن الباحثين من أن يفهموا بصورة أفضل السبب الذي يجعل بعض الأطفال أكثر قابلية للتأثر بالعوامل البيئية من غيرهم. كل هذه أمثلة عن الأبحاث المستقبلية في هذا المجال.
وفي المستقبل ستلعب الدراسات التجريبية Intervention studies دورًا هامًا في فهم تأثيرات التعلق على النمو. وحين يصبح بإمكاننا التغيير في طبيعة وجودة التعلق بشكل تجريبي أثناء الدراسة، سوف نتمكن وقتها من طرح الادعاءات عن التأثير الذي يمكن أن تتركه طبيعة وجودة التعلق وتوافر مقدم الرعاية على تنشئة الطفل ونموه. وحيث وُجِدَ في عدد من التجارب الإكلينيكية العشوائية أن التدخل بالتجريب على نقطة حساسية الوالدين قد أثر بشكل ما على جودة التعلق[154]، فإن أمكن لمثل هذا الدراسات التجريبية أن تمتد لتصبح دراسات طولية، سيصير بوسعنا عندئذ أن نكون أكثر ثقة مما مضى حين ندّعي وجود تأثير للتعلق المبكر على ظهور الأمراض النفسية فيما بعد.
ترجمة: د. مريم ميلاد، د. ريمون يوسف
(ترجمة خاصة لمكتب خدمة المشورة)
[1] من كتاب Handbook of Attachment; Theory, Research and Clinical applications (Third edition). Edited by Jude Cassidy & Phillip R. Shaver. The Guilford Press 2016.
[2] (1969/1982, 1973, 1980).
[3] (Main, Goldwyn, & Hesse, 2003).
[4] دائمًا سيستخدم مصطلح مقدم الرعاية (الأوليّ) على الأم أو الأب أو من في محل أي منهما، من يقوم برعاية الطفل في شهوره الأولى ويتعلق به الطفل.
[5] تشابُك أو تورط Enmeshment هي علاقة يحدث فيها تشابك بين أفرادها من حيث الحدود الشخصية، حيث تتداخل الحدود بين الأفراد وتختلط المشاعر والأفكار وتكون الفواصل بينهم مائعة وغير واضحة، بحيث تصعب معرفة أين تبدأ حدود الفرد في العلاقة وأين تنتهي. ويحدث ذلك داخل الأسرة أحيانًا بين الآباء والأبناء أو بين الأشقاء، ويكون عادة بغير وعي وبداعي الحب.
[6] أي الإصابة بالاضطرابات النفسية.
[7] (e.g., 1997, 2005; Sroufe, Egeland, Carlson, & Collins, 2005b).
[8] (Carlson, Egeland, & Sroufe, 2009).
[9] (Dutra & Lyons-Ruth, 2005; Englund, Kuo, Puig, & Collins, 2011; Grossmann, Grossmann, & Waters, 2005; Lyons-Ruth, Bureau, Holmes, Easterbrooks, & Brooks, 2013; Shi, Bureau, Easterbrooks, Zhao, & Lyons-Ruth, 2012; Sroufe et al., 2005a, 2005b).
[10] مثل التعرض لصدمة نفسية أو الفقد أو الانفصال عن الأبوين.
[11] مقابلة فحص التعلق للبالغين: هي مجموعة من الأسئلة التي يجيب عليها العميل في جلسة إكلينيكية مع الاختصاصيّ، وتستخدم أحداث وذكريات الطفولة بشكل عام وخاص في قياس التعلق عند البالغين. وتعتمد المقابلة في تقييمها للعميل على جودة الحوار ومدى ترابطه ومحتواه. ويقع العميل حسب إجاباته تحت أحد تصنيفات الحالات الذهنية التالية، والتي تحدد حالات التعلق الأبويّ المختلفة:
- حالة الاستقلال الذهني Autonomous: وتعني أن الشخص يقدّر العلاقات بما تحتويه من تعلُّق، ويكون وصفه لها متزنًا، وحديثه متماسكًا ومترابطًا، غير متخذ طابعًا دفاعيًّا.
- حالة الذهن النابذ Dismissing: ويظهر في حديث هؤلاء فجوات في الذاكرة وهفوات في التركيز، يحاولون التقليل من أثر الجوانب السلبية في العلاقات وينكرون التأثير الشخصيّ فيها. وعادة ما تكون أوصافهم الإيجابية عن علاقاتهم متناقضة أو غير مدعومة بأدلة. ويتخذ حوارهم الطابع الدفاعيّ.
- حالة الذهن المنشغل Preoccupied: وفيه يُظهِر العميل إنشغالاً مستمرًا بوالديه. ويكون استرجاع الماضي بالنسبة له محفوفًا بالغضب أو التردد. ويفتقر حديثه إلى التماسك والترابط المنطقي.
- حالة الذهن المشوش ذا الأمور غير المحلولة Unresolved/Disorganized: ويظهر فيها تأثير الصدمات النفسية الناتجة من مواقف أو مشاعر غير محلولة أو لم يتم التعامل معها ومعالجتها، من الفقد أو الإساءة بأنواعها.
(AAI; George, Kaplan, & Main, 1985; Main et al., 2003)
[12] حيث أن الاضطرابات التي تلعب الوراثة دورًا رئيسًا في الإصابة بها، تكون أقل تأثرًا بالتعلق.
[13] وهي نوع الاضطرابات التي عليها يضفي الشخص صفة الذاتية، وكأنه هو والاضطراب (التوتر الناجم عن عدم أمان التعلق) شيئًا واحدًا بحيث يقع الطفل في لوم الذات، وعادة ما يتعرض لها من لجأ في طفولته لاستراتيجيات التعظيم في محاولاته للتعبير عن احتياجه للتعلق، كما هو مذكور في بداية هذا المقال، وذلك بسبب أنه ينصب اهتمامه على مدى توافر مقدم الرعاية له، بالإضافة إلى أن تلك الصور السلبية الداخلية تظل نابضة بالوجع.
[14] وهي، على النقيض، حيث يتم دفع الاضطراب (التوتر الناجم عن عدم أمان التعلق) خارجًا عن الذات (لوم الآخرين)، وعادة ما يتعرض لها من لجأ في طفولته لاستراتيجيات التقليل في محاولاته للتعبير عن احتياجه للتعلق. وهذا أيضًاأحد آليات الدفاع النفسية اللاشعورية، فيها يقوم الشخص بإسقاط صفاته الشخصية الداخلية على العالم الخارجي، خاصة على من حوله من البشر. ويستخدم الشخص تلك الآلية كحماية في مواجهة الحصر والقلق اللذين قد يصيبانه، ولذلك فمن وظيفة تلك الآلية الحفاظ على الصحة النفسية للشخص في مرحلة ما من حياته، لكن إذا استمرت مع الشخص فمن شأنها أن تتسبب في إصابته بالعصاب (الاضطراب النفسي).
[15] أي بخلاف الوراثة والأعراض.
[16] مجموعة من الاضطرابات المشمولة في الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية DSM وكذلك التصنيف الدولي للأمراض ICD. وتتسم هذه الاضطرابات بوجود خلل في العواطف والمشاعر والحالة المزاجية العامة للفرد، تنعكس على مظهر الفرد وسلوكه، ومن بينها الاضطراب أحادي القطب وهو الاكتئاب الجسيم (حيث يُجد الاكتئاب فقط، كقطب واحد للضطراب)، والاضطرابات ثنائية القطب التي يتناوب فيها الاكتئاب مع الهوس (نشوة عالية، كقطب معاكس للاكتئاب) أو الهوس الخفيف، على نوبات متباعدة وإن كانت منتظمة. كما تشمل هذه المجموعة عدة اضطرابات فرعية مشتقة من الاكتئاب والهوس لكن تختلف فيما بينها من حيث شدة الأعراض ومدتها الزمنية.
[17] التحليل التلوي هو تحليل في علم الإحصاء يتضمن تطبيق الطُرق الإحصائية على نتائج عدة دراسات قد تكون متوافقة أو متضادة، وذلك من أجل تعيين توجه أو ميل لتلك النتائج أو لإيجاد علاقة مشتركة ممكنة فيما بينها.
[18] (Sullivan, Neale, & Kendler 2000).
[19] الذي تظهر أعراضه في وقت مبكر من حياة الشخص ويتكرر حدوثه.
[20] (Bienvenu, Davydow, & Kendler, 2011).
[21] (e.g., Bienvenu et al., 2011).
[22] (Bretherton, 1985).
[23] Seligman’s learned helplessness theory of depression (Seligman, Abramson, Semmel, & von Baeyer, 1979).
[24] (Duggal, Carlson, Sroufe, & Egeland, 2001).
[25] n (e.g., Harris, Brown, & Bifulco, 1990; Kivela, Luukinin, Koski, Viramo, & Pahkala, 1998; Nickerson, Bryant, Aderka, Hinton, & Hofmann, 2013; Takeuchi et al., 2003).
[26] أي أنه لا يزال هناك أمل في عودة الأبوين.
[27] (Harris, Brown, & Bifulco, 1986; Kendler, Sheth, Gardner, & Prescott, 2002; Nickerson et al., 2013; Oakley-Browne, Joyce, Wells, Bushnell, & Hornblow, 1995).
[28] Borelli, Goshin, Joestl, Clark, and Byrne (2010).
[29] Ivarsson, Granqvist, Gillberg, and Broberg (2010).
[30] (Cole-Detke & Kobak, 1996; Fonagy et al., 1996; Rosenstein & Horowitz, 1996).
[31] (Patrick, Hobson, Castle, Howard, & Maughan, 1994).
[32] Cole-Detke and Kobak (1996), Fonagy and colleagues (1996), and Rosenstein and Horowitz (1996).
[33] الاعتلال المزاجي: أو الاكتئاب الجزئي، ويطلق عليه أيضًا اضطراب عسر المزاج، تم تغيير اسمه في الإصدار الخامس من الدليل التشخيصي والإحصائي للأمراض النفسية DSM 5 إلى "الاضطراب الاكتئابي المستمر Persistent depressive disorder" وهو اضطراب يتشابه في أعراضه مع الاكتئاب الجسيم ولكن أعراضه تدوم لفترة أطول وتكون أقل حدة وأخف تأثيرًا على حياة الشخص الوظيفية والاجتماعية
[34] يشير الحرف "ن" إلى عدد الأفراد بالعينة.
[35] (Borkovec, Alcaine, & Behar, 2004; Mennin, Heimberg, Turk, & Fresco, 2002).
[36] (Hettema, Neale, & Kendler, 2001; Kendler, Heath, Martin, & Eaves, 1987).
[37] (Hettema et al., 2001; Hettema, Prescott, Myers, Neale, & Kendler, 2005).
[38] (Walter et al., 2013).
[39] باستثناء الرُهاب المتعلق بالحيوانات.
[40] The Minnesota Study of Risk and Adaptation from Birth to Adulthood (Bosquet & Egeland, 2006; Warren, Huston, Egeland, & Sroufe, 1997).
[41] (Brazelton, 1973).
[42] Bar-Haim, Dan, Eshel, and Sagi-Schwartz (2007).
[43] Faravelli, Webb, Ambonetti, Fonnesu, and Sessarego (1985).
[44] أي أنها تستعيد الأحداث.
[45] Chambless, Gillis, Tran, and Steketee (1996).
[46] (Chambless et al., 1996).
[47] المجموعة المرجعية Control group هي مجموعة من المشاركين في التجربة أو البحث، لكن أفرادها يكونون غير مشخصين بالاضطرابات قيد الدراسة، أو في حالة الدراسات التجريبية فإن أفراد هذه المجموعة لا يتلقون العلاج قيد التجربة، وبهذا يكونون ممثلاً مصغرًا للمجتمع أو العامة، وذلك لمقارنة نتائجهم بنتائج المجموعة الأخرى التي تتكون من فئة خاصة من المشاركين الذين يكونون قد سبق تشخيصهم باضطراب ما أو يخضعون أثناء التجربة لعلاج ما.
وفي حالتنا هنا فإن التجارب عادة ما تقسم إلى مجموعتين، مجموعة من المصابين باضطراب معين، ومجموعة أخرى من غير المصابين هي المجموعة المعيارية (المرجعية)، ويخضع أفراد المجموعتين لاختبارات نفسية معينة، وتتم مقارنة نتائج المجموعتين لمعرفة ما إذا كان موضوع الاختبار النفسي مرتبطًا بهذا الاضطراب المعين، أم أنه منتشر بين المصابين بهذا الاضطراب بنفس نسبة انتشاره بين غير المصابين (المجموعة المرجعية/المعيارية) وبذلك لا يثبت وجود ارتباط مباشر بينه وبين هذا الاضطراب.
[48] (Millon, 1983).
[49] (Rosenstein & Horowitz, 1996).
[50] (PAAQ; Lichtenstein & Cassidy, 1991).
[51] Manassis, Bradley, Goldberg, Hood, and Swinson (1994).
[52] Zeijlmans van Emmichoven, Van IJzendoorn, de Ruiter, and Brosschot (2003).
[53] (American Psychiatric Association, 2013).
[54] والذي كان يُسمى قبلاً اضطراب تعدد الشخصية Multiple Personality disorder، ويتسم بوجود هويتين على الأقل داخل المصاب، متمايزتين ودائمتين نسبيًا، لكلا منهما صفات خاصة واسم خاص، وقد تكون هذه الهويات من الإناث أو الذكور البالغين أو الأطفال. ويصحب هذا الاضطراب صعوبة في تذكر الأحداث، وتشمل أعراضه في الدليل التشخيصي كل من فقدان الهوية في علاقتها بالشخصيات أو الحالات المتعددة، وفقدان الإحساس بالزمن والذات ودرجة الوعي.
[55] (American Psychiatric Association, 2000).
[56] (Johnson, Cohen, Kasen, & Brook, 2006).
[57] الجين المتعلق بتحمل الألم.
[58] (Savitz et al., 2008; Tadic et al., 2009).
[59] (De Bellis, 2001).
[60] (De Bellis, 2001).
[61] (Main & Hesse, 1990).
[62] (Main & Morgan, 1996).
[63] تجربة صممتها Mary Ainsworth لملاحظة علاقة التعلق بين الطفل ومقدم الرعاية، حيث يوضع الطفل ومقدم الرعاية في حجرة بمفردهما، ويُترَك الطفل ليستكشف المكان، ثم يدخل شخص غريب إلى الغرفة ويخرج مقدم الرعاية، وتتوالى الأحداث بترتيب معين وتنقسم التجربة لمراحل معينة، وتتم ملاحظة سلوك الطفل في كل مرحلة، وعليه ينقسم التعلق إلى "آمن" و"غير آمن" و"مشوَّش".
[64] (see Lyons-Ruth & Jacobvitz, Chapter 29, this volume; Main & Morgan, 1996).
[65] (Carlson, Cicchetti, Barnett, & Braunwald, 1989; Main & Morgan, 1996).
[66] (Liotti, 2004; Main & Hesse, 1990).
[67] (Carlson, 1998).
[68] Carlson (1998), Ogawa, Sroufe, Weinfield, Carlson, and Egeland (1997).
[69] (Carlson, 1998).
[70] (Carlson, 1998).
[71] (Sroufe, Egeland, Carlson, & Collins, 2005a).
[72] (Liotti, 2004).
[73] (e.g., Putnam, 1991).
[74] Madigan, Vaillancourt, McKibbon, and Benoit (2012).
[75] Thomson and Jaque (2012).
[76] American Psychiatric Association, 2000.
[77] Mitchell & Pyle, 1985.
[78] (e.g., Palmer, Oppenheimer, & Marshall, 1988; Ratti, Humphrey, & Lyons, 1996; Rowa, Kerig, & Geller, 2001; Vidovic, Juresa, Begovac, Mahnik, & Tocilkj, 2005; Wade, Treloar, & Martin, 2001; Wallin & Hansson, 1999; Woodside et al., 2002).
[79] (Cole-Detke & Kobak, 1996; Rhodes & Kroger, 1992).
[80] (Minuchin, Rosman, & Baker, 1980; Woodside et al., 2002).
[81] (Ratti et al., 1996).
[82] Kenny and Hart (1992)
[83] (e.g., Carter, Bewell, Blackmore, & Woodside, 2006; Pope, Mangweth, Negrao, Hudson, & Cordas, 1994; Welch & Fairburn, 1994).
[84] Ward and colleagues (2001)
[85] Fonagy and colleagues (1996).
[86] Dias, Soares, Klein, Cunha, and Roisman (2011).
[87] Thompson, Watson, Steinhauer, Goldstein, & Pogue-Geile, 2005.
[88] (Gottesman, 1991).
[89] (Gottesman, 1991).
[90] (Baron, 2001; Gottesman, 1991).
[91] (Goldstein, 1985).
[92] (Goldstein, 1985).
[93] Walker, Grimes, Davis, and Smith (1993).
[94] مصطلح كان يُطلق سابقًا على مجموعة من الاضطرابات العقلية كالشيزوفرانيا، والهوس، والاضطراب ثائي القطب.
[95] (Dozier, Cue, & Barnett, 1994; Tyrrell, Dozier, Teague, & Fallot 1999).
[96] Tyrrell and colleagues (1999).
[97] MacBeth, Gumley, Schwannauer, and Fisher (2010).
[98] (Main et al., 2003., p. 97).
[99] (Gumley, Taylor, Schwannauer, & MacBeth, 2014).
[100] (American Psychiatric Association, 2000, 2013).
[101] (Agrawal, Gunderson, Holmes, & Lyons-Ruth, 2004).
[102] (Torgersen, Kringlen & Cramer, 2001).
[103] (Widiger, 1993).
[104] Torgersen and colleagues (2012).
[105] (e.g., Crowell, Beauchaine, & Linehan, 2009; Torgersen et al., 2000).
[106] نظرية في علم النفس تهدف إلى تفسير الاضطرابات بكونها نتيجة للتفاعل بين الضغط النفسي الناتج من الخبرات الحياتية التي يتعرض لها المصاب، ووجود قابلية جينية أو بيولوجية مسبقة لديه للتعرض للاضطراب.
[107] Belsky and colleagues (2012).
[108] Torgersen and colleagues (2012).
[109] كالتعرض للأبوة القاسية في سن مبكرة، أو استقبال مشاعر سلبية من الأم.
[110] كوجود تاريخ عائلي من الأمراض النفسية.
[111] (Belsky et al., 2012, p. 261).
[112] Carlson and colleagues (2009)
[113] (Agrawal et al., 2004).
[114] (Brown & Anderson, 1991; Carlson et al., 2009; Herman, Perry, & vander Kolk, 1989; Ogata et al., 1990).
[115] Sanders and Giolas (1991).
[116] (Zanarini, Gunderson,Marino, Schwartz, & Frankenburg, 1989).
[117] (Soloff & Millward,1983).
[118] (Patrick et al., 1994; Zanarini et al., 1989).
[119] Liotti and Pasquini (2000).
[120] (Belsky et al., 2012; Carlson et al., 2009).
[121] بما فيها الخبرات التي مر بها مقدمو الرعاية.
[122] Lyons-Ruth, Yellin, Melnick, and Atwood (2005).
[123] بما تتضمنه من تعلق مضطرب.
[124] Carlson and colleagues (2009).
[125] (Barone, 2003; Barone, Fossati, & Guiducci, 2011; Diamond, Stovall-McClough, Clarkin, & Levy, 2003; Fonagy et al., 1996; Patrick et al., 1994; Rosenstein & Horowitz, 1996; Stalker & Davies, 1995; Stovall-McClough & Cloitre, 2003).
[126] Fonagy and colleagues (1996).
[127] Patrick and colleagues (1994).
[128] (American Psychiatric Association, 2000, 2013).
[129] (e.g., Blair, Peschardt, Budhani, Mitchell, & Pine, 2006).
[130] (Bowlby, 1973).
[131] (McCord, 1979; Robins, 1966).
[132] (Robins, 1966).
[133] McCord (1979).
[134] (Allen et al., 1996; Frodi, Dernevik, Sepa, Philipson, & Brageslo, 2001; Levinson & Fonagy, 2004; Rosenstein & Horowitz, 1996).
[135] أحد المظاهر نادرة الحدوث للتعلق النابذ.
[136] Holtzworth-Munroe and colleagues (1997).
[137] Babcock, Jacobson, Gottman, and Yerington (2000).
[138] Holtzworth-Munroe and colleagues (1997).
[139] (Carlson, 1998; Sroufe et al., 2005a).
[140] (Warren et al., 1997).
[141] (Cassidy, 1995).
[142] بدلاً من أن يكون مشوّشًا.
[143] (Sroufe et al., 2005a).
[144] (Main et al., 2003, p. 97).
[145] (Cassidy, 1995).
[146] (Sroufe et al., 2005a).
[147] (Sroufe, 1997, p. 251).
[148] مثل المعاملة القاسية من الأبوين.
[149] هي العملية الحيوية التي تحدث داخل الخلية، وتتم فيها ترجمة رموز الجينات لصنع منتجات وظيفية كالبروتينات.
[150] الدوبامين هو أحد النواقل العصبية الموجودة في الجسم، يؤثر في الانتباه والتحكم في الحركة ويلعب دورًا رئيسيًا في المتعة والإدمان والشعور بالسعادة، ويعمل عن طريق اقترانه بمستقبلات الدوبامين وهي عبارة عن تشكيلة خاصة من البروتينات الوظيفية تتواجد خارج الخلايا العصبية وتعطي عند تحفيزها إشارات بداخل الخلايا فيظهر بذلك مفعول الدوبامين.
[151] أحد الجينات المسئولة عن تصنيع مستقبِلات الدوبامين.
[152] (Bakermans-Kranenburg, Van IJzendoorn, Caspers, & Philibert , 2011).
[153] (Bakermans-Kranenburg et al., 2011).
[154] (e.g., Bernard et al., 2012; Cicchetti, Rogosch, & Toth, 2006).