لطالما أعتبر المعالجين والباحثين -على حد سواء- أن الظروف التي نشأنا فيها عندما كنا أطفالاً تؤثر على أداءنا الوظيفي ووضعنا الانفعالي بعد البلوغ؛ فمن السهل أن نقتفي أثر تلك الخصائص التي تأثرنا بها من والدينا، مثل العمل الجاد وبعض السلوكيات والتعبيرات المميزة، كذلك نوعية العلاقات التي نكونها مع العالم الخارجي، الأمر الذي يصل إلى كيفية التعامل مع الخلافات والإجهاد والتوتر.
ويتم تكليف المعالجون بإيجاد الطرق الملائمة لمساعدة العملاء الذين يعانون من أوجه القصور بشكل عام. فيسعى هؤلاء المعالجون باستمرار لإيجاد الحلول من خلال الإشارة إلى الروابط بين الجانب الفطري؛ الذي يتمثل فى أن نكون أنفسنا بشكل فريد، في مقابل جانب التنشئة، وقد سعوا للكشف عن كيفية الحفاظ على الخصائص التي تدعم خيرنا وسعادتنا أو تقوضها.
تؤثر عائلة المنشأ ومقدمو الرعاية الآخرون مثل الأصدقاء المقربين والأجداد، والعلاقات بين الأشقاء، وحتى علاقات التبني، تؤثر جميعها على أنماط التعلق الخاصة بنا والطريقة التي نرتبط بها مع أولئك الأشخاص الأقرب إلينا ونتواصل بها معهم. وتسعى نظرية التعلق التي طورها المعالج جون بولبي John Bowlby إلى تقديم إطار لفهم تكوين التعلق وتطوره، كما وترسم صورة لكيفية انحراف علاقاتنا الشخصية عن مسار التعلق، وما لذلك من تأثير. ويمكن أن يقودنا فَهْم أنماط التعلق الخاصة بنا إلى طريق التعافي والرضا والسعادة في جميع علاقاتنا.
ما هو التعلق؟
"إن نظام التعلق الإنساني هو عملية بيولوجية وفطرية أصيلة ترتبط بكل ما نقوم به في الحياة، ولا سيما علاقاتنا مع الآخرين".
إن تطور عملية التعلق أثناء مرحلة الطفولة يُشكل/يُكون كيفية ارتباطنا بمقدمي الرعاية، والتعبير عن احتياجاتنا وكيفية تلبية هذه الاحتياجات. ونظرًا لأن الأطفال الرُضع يكونوا بلا حول ولا قوة قبل اكتسابهم للغة، لذلك تنشأ أنماط التعلق وتتطور من أجل الحصول على الاحتياجات الأساسية/القاعدية basic needs كمسألة تتعلق بالبقاء على قيد الحياةsurvival . فيحدث التواصل بين الطفل الصغير ومقدم الرعاية من خلال البكاء الذي يُنبه الأخير إلى احتياجات الطفل التي لا يمكنه التعبير عنها في كلمات، وبذلك يتعلم الطفل أن يتصرف بطريقة تساعده في الحصول على ما يريده ويحتاجه من أجل بقائه على قيد الحياة: الطعام، المودة، الحب، الثقة، الدفء، الرعاية، الأمان، الحماية، الاتساق والثبات، والأهم من كل ذلك الحضور الحساس المُتجاوِب.
في التعلق الآمن، يتناغم البالغون والأطفال الصغار بعضهم مع البعض بحيث تضع هذه العلاقة الآمنة الأساس لعلاقات صحية في المستقبل. ويحدد نمط التعلق استقرار الطفل ومسار تفاعلاته الاجتماعية وتطوره الانفعالي والمعرفي في طريق نموه حتى البلوغ.
وبالإضافة إلى أهمية هذه العلاقات الأساسية خلال فترة النمو، فمن الضروري إدراك أن هناك عددًا من العوامل التي تلعب دورًا في تطور عملية التعلق، بما في ذلك الصدمات النفسية، والظروف الاجتماعية والاقتصادية والعوامل البيئية. فأنماط التعلق المكتسبة في الطفولة تُنقل إلى حياتنا كبالغين ونحن نحاول تلبية احتياجاتتنا كبالغين والأكثر تعقيدًا. وهذا يمكن أن يؤدي إلى تعزيز العلاقات الصحية الآمنة، ولكنه أيضًا قد يقوض العلاقات الحميمة وعلاقات الصداقة.
يرتبط التعلق في مرحلة البلوغ بكيفية إقامة وتعزيز العلاقات وإدارة فترات النجاح أو القصور في هذه التفاعلات، كذلك كيفية تواصلنا وفهمنا لما يشعر به الطرف الآخر من أجل ترميم علاقاتنا. إن عملية التعلق عند البالغين تُعنى بقدرتنا على التواصل، الشعور بالرضا في علاقاتنا وكيف نطور الحميمية ونحافظ عليها في هذه العلاقات. إن الأمر يعني تعلم كيفية إدارة سوء التوافق وإصلاح العلاقة - من أجل أن تصير أقوى.
المرونة العصبية وقدرتنا على التعافي
"لقد ولدنا جميعًا بقدرة مدهشة على التعافي والبقاء، والنماء، وهذا بالتحديد، بادئ ذي بدء، السبب الذي جعلنا نبلغ هذه المرحلة من حياتنا."
على الرغم من الأذى والخسارة والأضرار التي قد تنتج عن عملية التعلق غير الآمن، إلا أن أدمغتنا مُستعدة ومُصَمَمة لأن تتعافى. فهي تسعى باستمرار للحصول على الموارد اللازمة لتطوير وتعزيز التعلق الآمن. حتى مع أعمق الجروح الناجمة عن سوء عملية التعلق والصدمات النفسية، نجد أن أدمغتنا لديها القدرة والنزوع نحو التعلق الآمن من خلال إنشاء مسارات عصبية جديدة وإعادة تشكيل الأنماط المعتادة، والتركيز على التعلق الآمن المُكتسب learned في مرحلة البلوغ.
في بعض الأحيان نحتاج إلى المساعدة. وهناك، في جميع أنحاء العالم، مُعالجين فى مجال التعلق، مُدربين على التدخلات الإكلينيكية لمساعدة العملاء على التعافي من الأذى الخاص بالتعلق والصدمات. كما وتتوفر العديد من الموارد في صورة كتب، دورات عبر الإنترنت، ورش عمل مباشرة، ومجموعات صغيرة تجعل التئام جروح التعلق في متناول كل فرد مهتم بتحسين قدرته على تطوير علاقات حميمة صحيّة تؤدي إلى روابط أعمق وأكثر أمانًا.
ونأمل أن تجد هذه المقدمة لنظرية التعلق كحجر أساس مفيد نحو العلاقات الصحية التى كنت تتوق إليها وتستحقها كبالغ.
التعلق الآمن
Secure Attachment
"نشأ الأشخاص الذين كونوا تعلقًا آمنًا في بيئة ملآنة حُبًا ودعمًا من مقدمي الرعاية ذوي الحضور المتجاوب الثابت."
الظروف النمائية التي تؤدي إلى تكوين تعلق آمن Secure Attachment
عندما يحافظ الآباء (parents: تعني الأباء والأمهات) على التناغم والتواصل مع أطفالهم، فإنهم يطوروا حساسية في استجابتهم لاحتياجات الأطفال، كما أنهم لا ينزعجون من حب الاستطلاع لدى أطفالهم وهم يستكشون استقلاليتهم. عندما تراقب هذه الأسر، والتي لديها أطفال صغار في الحديقة، أو أثناء النزهات العائلية، فغالبًا سترى أطفالاً صغارًا toddlers يستكشفون ما حولهم ويتوجهون بمفردهم للبحث عن الحشرات والزهور، واللعب على العشب، والاستمتاع برحلتهم الاستكشافية الخاصة في عالم جديد تمامًا. سترى أيضًا الأطفال وهم يتطلعون إلى والديهم أو يركضون عائدين إليهم بشكل دوري، فالأمر أشبه بأن يكونوا "مأوى آمن أو قاعدة رئيسية آمِنةhome base " ينطلق منه الأطفال قبل الانخراط في مغامرتهم التالية. وغالبًا ما يصرخ الطفل باكيًا إذا سقط أو شعر بالخوف من شئ ما. فيستجيب الوالدان لبكاء طفلهما، مما يريحه ويواسيه ويُطمئنه حتى يهدأ الطفل ويشعر بالأمان والاستقرار. ويُعدّ ذلك مثالاً فعالاً للتعلق الآمن.
وفيما ينمو الأطفال، يتعلمون التمييز بين اللحظات التي يحتاجون فيها إلى والديهم لتهدئتهم، والحظات التي يمكنهم فيها تهدئة أنفسهم لمواصلة اللعب. فقد يقوم الطفل الشغوف والمُنهمك في اللعب مع أقرانه بنفض ركبته المخدوشة من أجل أن يستكمل لعبه المُمتع دون انقطاع. وغالبًا ما يلاحظ الآباء سقطة الطفل وينتظرون رؤية رد فعله قبل قيامهم بأي استجابة، مما يمنح الطفل فرصة للقيام باستجابته الخاصة. ما نرمي إليه هنا هو أن الوالدين يكونوا متناغمين مع أطفالهم ومنتبهين لاحتياجاتهم.
كثيرًا ما ينزعج الأطفال الصغار جدًا ممن لديهم تعلق آمن عندما يتركهم والديهم، ثم يشعرون بالراحة والطمأنينة عند عودتهم. وفيما يكبر الأطفال، يطوِّرون الثقة بأن مقدم الرعاية خاصتهم سيعود إليهم حقًا، ويشعرون بالثقة في أنه لن يجري التخلي عنهم. هذا يمنحهم الثقة في الأمان القاعدي/الأساسيsecure base الذي تكوّن لديهم ويضع حجر الأساس لعلاقاتهم في المستقبل.
سِمات التعلق الآمنSecure Attachment لدى البالغين
عند البالغين، يمكن أن يبدو التعلق الآمن في علاقة حميمة مع الشريك/الطرف الآخر في العلاقة وكأنه نسخة راشدة من علاقة الأطفال وذويهم في الحديقة التي ذُُكرت أعلاه. فحين تنشأ الخلافات والمتاعب في علاقتهم، يمكنهم أن يُعزّوا ويشجعوا أنفسهم وشريكهم أيضًا. فهم واثقون من أن شريكهم متواجد لأجلهم وأن الخلاف لا يؤدي إلى نهاية العلاقة؛ لأن الارتباط فيما بينهم قائم على الثقة والتناغم والتوافق، وهو أقوى من الصعوبات اليومية التي تحدث على هامش العلاقات في كثير من الأحيان.
كذلك يسعى الثنائي ذي التعلق الآمن إلى التطور والتحسن المستمر، وأن يفهم كل طرف الآخر ويحصل منه/منها على الفهم أيضًا، وأن تكون احتياجات كل منهما مُسددة. إنهم ينعمون بعلاقة حميمة صحية تسودها الأُلفة والمودة -جسديًا ووجدانيًا- مع شركائهم.
سِمات الثنائي ذي التعلق آمن
- لديهم علاقات طويلة الأمد قائمة على الثقة، تؤكد على الحماية والآمان والتمكين.
- يعرفوا جيدًا متى يمكنهم الابتعاد بعضهم عن البعض ومتى يحين الوقت لإعادة التواصل.
- يحترم كل طرف احتياجاته واحتياجات الطرف الآخر.
- يمتلكا حس وإدراك قوي بتقدير الذات واحترام الآخرين.
- يشعرون بالراحة والأمان أثناء مشاركة مشاعرهم مع شريكهم.
- ينخرطوا في علاقات اجتماعية صحية تحافظ على الحدود في العلاقات.
- يسعون لبداية الإصلاح واسترجاع العلاقة، كما يقبلوا بمحاولات الشريك في هذا الشأن.
- يستمتعا بالمرح والضحك معًا.
- يشعور كل طرف بالتراحم والرأفة compassion تجاه نفسه وتجاه الآخرين.
- ينظر كل طرف نظرة إيجابية إلى الطرف الآخر، في معظم الأحيان.
- يدرك كل طرف أيضًا أنه يستحق الاحترام، وأن هذا الاحترام أمر لا يقبل التفاوض/المساومة.
التَكييف الخاص بنمط التعلق التجنبي/المُتحاشي
Avoidant Attachment Adaptation
"ينزع الأشخاص الذين لديهم هذا النمط من التعلق إلى البعد عن العلاقات الحميمة أو التقليل من أهمية العلاقات"
الظروف النمائية التي تؤدي إلى تكوين التعلق التجنبي/المُتحاشي Avoidant Attachment
إذا عُدنا مرة أخرى إلى الحديقة لتأمل سيناريو النزهة العائلية، سنجد علاقة التعلق المُتحاشي بين مقدمي الرعاية والطفل قد تبدو بالأغلب على هذا النحو:
يتحرك الطفل بخُطى مترددة لاستكشاف المنطقة المحيطة به واللعب مع الآخرين وممارسة استقلاليته، فيسقط وتُجرح ركبته أو ركبتها. يصرخ الطفل باكيًا، لكن الوالد (parent: تعني الأب أو الأم) يجري محادثة عميقة مع أحد الأقران أو منغمس باللعب في هاتفه الذكي ولا يسمع بكاء الطفل، أو أنه يتجاهله. ونظرًا لعدم تجاوب الوالد، يبدأ الطفل فى الانفصال والانعزالdisconnect وتهدئة نفسه، أو تجاهل ورفض ignore احتياجه الخاص إلى الدعم والتشجيع والطمأنينةcomfort .
ينشأ التَكييف الخاص بنمط التعلق التجنبي Avoidant Attachment Adaptation بصورة عامة عندما يكون مقدم الرعاية الأساسي غائبًا، أو غير متاح أو مريض جسديًا أو نفسيًا، أو غير قادر على تلبية احتياجات الطفل، ربما بسبب الأذى الذي لحق به هو نفسه من جراء نمط التعلق الخاص به أو بسبب تعرضه لصدمة ما - أو ببساطة بسبب ظروف الحياة العادية الشائعة مثل العمل والبقاء بعيدًا عن المنزل معظم الوقت. فيبدأ الطفل، الذي يجد أن حاجاته غير مُلباة، بالانكفاء والانسحاب مُكتشفًا حقيقة أنه شخص وحيد وبمفرده.
يُفرِط الأطفال ذوي التعلق التجنبي/المُتحاشي فى الاعتماد على ذواتهم، لأنهم قد تعلموا مما مروا به من خبرات أنهم إذا احتاجوا إلى شيء ما فعليهم أن يكسبوه ويحققوه بأنفسهم. ويتطور هذا الاستقلال كحاجة مُلِحة وضرورية لتجنب الشعور بالرفض والإهمال. أيضًا قد يشعر هذا الشخص، الذي لديه هذا النمط، بالخزي والذنب لأن لديه احتياجات أو لحاجته إلى المساعدة على تلبيتها؛ فيصبحون متوحدين أكثر من اللازم مع أنفسهم وأقل احتياجًا إلى الآخرين. وهؤلاء الأطفال غالبًا ما يبدون ناضجين للغاية وسريعي النمو؛ لكنه نضوجًا مبكرًا عن أوانه أو حدث بحكم الضرورة من أجل الحفاظ على رعايتهم الذاتية لأنفسهم.
سِمات التعلق التجنبي/المُتحاشيAvoidant Attachment لدى البالغين
إذا كنت شخصًا بالغًا ولديك سمات التعلق التجنبي، فقد تجد بعضًا أو كل ما يلي ينطبق على علاقاتك الحميمة:
- بناء الجدران وخلق المسافات من أجل تجنب التعرض للأذى.
- الإفراط في التركيز على الذات.
- قد تواجه صعوبة في الإبقاء على التواصل البصري eye contact مع الآخر.
- قد تجد صعوبة في التعبير عن الاحتياجات، أو الشعور بأنه من الأفضل أن تفعل ذلك بنفسك دون أن تطلب من الطرف الآخر.
- قد تبحث عن العيوب في العلاقات أو في الطرف الآخر.
- لديك حدود صارمة متشددة، وغير متكافئة في بعض الأحيان، وغالبًا ما تكون حدود غير واقعية.
- قد تجد نفسك تختار شخص أخر لديه تعلق غير آمن لبناء علاقة معه.
- قد يكون لديك عدد من العلاقات العابرة أو قصيرة الأمد لتتجنب الالتزام.
- قد يخبرك أحبائك وأصدقائك أنك توجه رسائل مختلطة (مشوِشة: تعطي فهم متضارب) mixed signals أثناء التعامل معهم.
- ترغب في الرفقة، لكنك تخشى أيضًا أن تتأذى، لذا تتجنب التقارب الوجداني.
- قد تُخرِّب علاقاتك بنفسك من أجل أن تتجنب/تتحاشى الحميمية.
- قد تبالغ في تحليل وتقييم علاقاتك متوقعًا حدوث الخطأ من الطرف الآخر.
- قد تُعظم من علاقاتك السابقة (تُضفي عليها الطابع المثالي) على شريكك الحالي.
- قد تتوق إلى شريك حياتك لكنك تشعر بالتوتر فى حضوره.
- قد تعيش عالقًا في أفكارك وذكرياتك، أو تواجه صعوبة في الارتباط بالآخرين عندما تتعمق علاقتك الحميمية بهم.
- قد تنزع إلى نبذ وتجاهل العواطف والانفعالات، مما يُعطي انطباعًا أنك غير مكترث أو غير مبالٍ.
إن القدر الأعظم من التكييف الخاص بنمط التعلق التجنبي/المُتحاشي Avoidant Attachment Adaptation يكمن في الخوف -الخوف من الرفض، الخوف من الخزي والعار أو الذنب، والخوف من الحميمية الحقيقية. وقد يؤدي هذا إلى خبرات وعلاقات سطحية/ضحلة لا تحظى بأي عمق.
التعافي من التعلق التجنبي/المُتحاشي
Healing Avoidant Attachment
أن تضميد جراح التعلق ليس أمرًا هينًا على الإطلاق، ذلك لأن هذه الاستجابات المعتادة قد تأصلت وتجذرَت متغلغلة في مساراتنا العصبية أثناء مرحلة النمو المبكرة. ولكن، لحسن الحظ إن التعافي أمر ممكنًا دومًا في أي مرحلة عمرية. يمكنك أن تخطو نحو تعلق أكثر أمانًا من خلال تدريبات مركزة ومنتظمة لاكتساب وتعلُّم مهارات التعلق الآمن.
تشتمل هذه التدريبات العملية على ما يلي:
- جازف مع الطرف الآخر، في مغامرة محسوبة، بالمشاركة في التعبير عن المشاعر والسماح للتأثر النفسي وإظهار حساسيتك النفسية vulnerability هذه للآخر.
- استمع للطرف الآخر عندما يُفصِح عن احتياجاته، وتفهّم ما وراء الكلمات.
- تدرب على مشاركة احتياجاتك مع الطرف الآخر. يمكنك أن تبدأ بالأمور البسيطة.
- قم بالتركيز على احتياجات العلاقة المشتركة، بدلاً من احتياجاتك الفردية.
- تدّرب على التقمص الوجداني empathy عند مقابلة الطرف الآخر وجهًا لوجه.
- وسِّع درايتك ووعيك خارج حدود نفسك وأفكارك.
- تعلَّم طلب المساعدة، وقبول المساعدة متى قُدِمت لك.
- اقصد معالج زواجي couples’ therapist لديه خبرة في التعامل مع قضايا التعلق.
- اعترف باشتياقك الأصيل (أي هذه الرغبة الدفينة المتأصلة في أعماق الإنسان) إلى التلاقي الإنساني (أي التواصل مع آخرين والارتباط بهم) واسمح له بالخروج للنور.
- انخرط في الأنشطة التي تجمعك بالطرف الآخر.
- اكتشف كيف تبلغ الراحة والطمأنينة والهدوء، أو كيف تنعش حيوية العلاقة المشتركة بينك وبين الطرف الآخر.
من شأن العديد من هذه الخطوات البسيطة أن تعمل على رفع وعي الشخص وزيادة قدرته على أن يخطو نحو تعلق آمن، وبالطبع يتطلب هذا الأمر الالتزام في ممارسته والتدرب عليه كما هو الحال في التعافي من أي ضرر أو جرح مرتبط بعملية التعلق. عندما نُعنى بالتعامل مع الأذى الناتج عن عملية تعلق غير آمنة، ينبغي أن ننظر إلى العملية العلاجية هذه على أنها رحلة أكثر من كونها وجهة مقصودة أو غرض يجب الحصول عليه.
تشهد العديد من جروح التعلق تحسنًا، لكن العادات القديمة يمكنها أن تتسلل مرة أخرى إلى الشخص بين حين وآخر. من الهام في هذا الشأن تمييز مدى التقدم الحادث والتخلي عن توقع تحقيق الكمال.
الارتباط بشريك من ذوي التعلق التجنبي/المُتحاشي
إذا كان شريكك يميل نحو نمط التعلق التجنبي/المُتحاشي، فمن السهل أن تشعر بالعزلة في علاقتك معه أو أن تستدمج داخلك internalize نزعته إلى الانغلاق على نفسه. قد تضغط عليه أكثر كي يتجاوب معك، لكنك ستجد فقط أن الحاجز الذي بينكما يزداد ارتفاعًا مما يزيد من صعوبة اجتيازه. إن فَهمك لطبيعة شريكك واستيعاب كيفية تعامله معك، والتجاوب معه بطريقة مُحِبَة، كل ذلك له تأثير مُعاكِس ومغاير على نمط التعلق الخاص به كما أنه يقدم له عونًا خاصًا من أجل التعافي.
لا تطارد أو تُلاحِق شريكك، لأنه سوف يهرب إن فعلت. وعوضًا عن أن تضغط على شريكك كي يكون منفتحًا معك، أخبره أنك متاح من أجله حينما يكون مستعدًا. عندما يبدأ شريكك في المشاركة والتفاعل معك، لا تحكم عليه. إن جَعلُه يشعر بالذنب أو الخجل من مشاعره لن يؤدي إلا لتثبيت الضرر اللاحق به من جراء نمط التعلق التجنبي/المتحاشي لديه.
من الهام أيضًا أن تدرك أن نمط التعلق الخاص بشريكك لا علاقة له بك. بعبارة أخرى، لا تأخذ صمته معك أو تباعده عنك على محملٍ شخصيّ. إن الوثوق بشخصٍ آخر يُشكل حجر عَثَرة وعقبة ضخمة بالنسبة لأولئك الذين يعانون من اضطرابات التعلق. فأن تكون رفيقًا حاضرًا من أجل شريكك؛ رفيقًا جاد وجدير بالثقة، يتحلى بالتوازن والتماسك والتعقل، من شأنه أن يقدم العون لشريكك.
إنه لأمر حيوي ألا تتخلى عن شريكك. قدم له رسائل منتظمة ملائمة ومتناغمة ومتسقة، مفادها أن احتياجاته مهمة بالنسبة لك وأن هناك تربة آمنة تجمع بينكما. ادعم وشَجِّع التواصل، وقَدِّر الحساسية النفسية لشريكك التي تبزغ عندما يشعر الشريك بالحنين (أي التوق الأصيل الدفين داخله) إلى التواصل.
التَكييف الخاص بنمط التعلق القَلِق المُتناقِض
Adaptation Ambivalent Attachment
"يعاني الأشخاص ذوي التعلق المُتناقِض من قدر كبير من القلق بشأن تلبية احتياجاتهم أو الشعور بالأمان في كونهم محبوبين أو جديرين بمحبة الآخرين."
الظروف النمائية التي تؤدي إلى تكوين التعلق المُتناقِض Ambivalent Attachment
رجوعًا مرة أخرى للحديقة والنزهة العائلية. فإننا نجد طفلنا الصغير يتجول بعيدًا عن الوالدين لاستكشاف مُحيطه أو محيطها فيسقط ويؤذي نفسه. يصرخ الطفل باكيًا، فيتجاهل الوالد صرخاته في البداية. ثم يدخل الطفل في نوبة غضب وفزع عارمة، رافعًا مستوى بكائه إلى أن يستجيب مقدم الرعاية لاحتياجاته. قد يبدو الوالد منزعجًا أو مستاءً من حاجة الطفل إلى التهدئة، والأسوأ من ذلك هو أن يُوبخ ويُعَنَف الطفل بسبب صراخُه. وفي أوقات أخرى، قد يكون تصرف الوالد مُفرِط في المواساة والتعزية للطفل أو ميلودرامي melodramatic (مُبالغ فيه من الناحية العاطفية). قد يكون الوالد في بعض الأحيان محبًا وفي أوقات أخرى تائهًا ومشتتًا distracted، مما يؤدي إلى أن يكون الوالد بمثابة ’’الحاضر الغائب (أي التواجد والترك على نحو متقطع)‘‘ بالنسبة للطفل، حيث تأتي استجابته متناقضة ومتنافرة مع احتياجات الطفل.
إن هذا التناقض في التناغم والتوافق مع احتياجات الطفل يخلق تركيزًا مفرطًا على الوالد أو "الشخص الآخر"، ويتم توجيه هذا التركيز نحو رد فعل الوالد وقدرته على التجاوب. يؤدي هذا التركيز المُفرط الموجه نحو الوالد إلى القلق anxietyأثناء حضور الوالد بسبب عدم قدرة الطفل على توقع الموقف الحالي له. نتيجة لذلك، يميل الأشخاص ذوي التعلق المُتناقِض إلى تجاهل احتياجاتهم الخاصة ويصبحون بمثابة مقدمي الرعاية لغيرهم، أو خانقين لشركائهم في الحياة. يؤدي هذا غالبًا إلي شعورهم بالجوع العاطفي emotional starvation والحاجة المستمرة إلى التواصل أو التجاوب المتبادل co-regulate.
في حالات أخرى، يُنتظر من الأطفال رعاية والديهم أو أشقائهم الأصغر سنًا. وقد يُوضَعون في مواقف وجدانية معقدة emotionally complex situations قبل أن ينضجوا بالقدر الكافي لإدراك مثل هذه المواقف. كما قد يلجأ الآباء إلى الطفل من أجل تلبية احتياجات التعلق الخاصة بهم (بالوالدين)، مما يخلط بين احتياج الآباء إلى الحب ومحبتهم للطفل ذاته، فيتسبب ذلك في التشويش والارتباك للطفل.
سِمات التعلق المُتناقِضAmbivalent Attachment لدى البالغين
غالبًا ما يسعى الأشخاص ذوي التعلق المُتناقِض إلى نيل محبة واستحسان الآخرين نظرًا لأن الحب لم يكن مُتوقعًا أثناء طفولتهم؛ إن لديهم تقدير أقل لذواتهم ووعي وتقدير أقل لاحتياجاتهم الخاصة، ودراية أقل عن كيف تكون العلاقات صحية.
إذا كان لديك نمط تعلق مُتناقِض، فقد يكون لديك بعض أو كل السِمات التالية في مرحلة البلوغ:
- حاجة مستمرة للتواصل مع الشريك/الطرف الآخر أو التواجد بالقرب منه.
- شعور بالقلق وعدم الأمان عند غياب الشريك/الطرف الآخر.
- الشعور بأنك غير محبوب أو أنك لا تستحق الحب.
- رغبة مُفرِطة في إرضاء الآخرين مع قدر ضئيل من الاهتمام بالذات.
- التفكير باستمرار في الماضي.
- تُفرِط في العطاء ثم يزداد استياءك عندما لا يُرَد إليك مثلما قدمت أو عندما لا يُقدَّر عطائك.
- الاحتفاظ بسجل لجميع التداعيات التي حدثت نتيجة لتفاعلك مع الآخرين (تترصدها وتبقيها على سطح الذاكرة كي تُحلِلها).
- تخشى الهَجر وتجد السبل لإدامة العلاقة.
- قد يكون لديك تقدير متدني لذاتك، أو ثقة قليلة في العلاقات.
- لديك خوف مُعطِل من فقدان الطرف الآخر وخسارة علاقتك معه.
- غالبًا ما تتطور مشاعر القلق anxiety أو الإحباط وخيبة الأمل disappointment إلى مشاعر غضب أو حنق وغيظ عندما يخفق الطرف الآخر في التجاوب معك.
- قد تُضيِق الخِناق على الشريك دون وعي أو تدفعه بعيدًا عنك بمطالب أو توقعات غير واقعية.
التعافي من التعلق المُتناقض
Healing Ambivalent Attachment
كما هو الحال مع التعلق التجنبي/المُتحاشي، فإن كسر حلقة السلوك الذي اكتسبته بالتعلم في الطفولة -كمسألة هامة من أجل البقاء على قيد الحياة- هو أمر صعب، لكن ليس مستحيلاً. وكما هو الحال مع جميع العادات الجديدة، فمن شأن اتخاذ خطوات صغيرة بسيطة ومنتظمة نحو التعلق الآمن أن تؤدي إلى تحسينات وتغييرات إيجابية كبيرة في علاقاتك.
- ركِّز على تمييز احتياجاتك الخاصة وتلبيتها.
- افعل لنفسك ما قد تفعله بلا تردد للآخرين.
- مارِس التنظيم والتوافق الذاتي self-regulation.
- تعلَّم أن تطلب المساعدة. يمكن أن تبدأ بالأمور البسيطة. ضع في اعتبارك أن الناس يميلون لأن يكونوا متعاونين ومُساعدين.
- هَدِئ الصوت الداخلي المُنتقِد.
- اكتب سردًا دقيقًا لخبراتك لأجل إدراكها والتلامس معها.
- تجنب القيام بالتصرفات اليائسة من أجل جذب الانتباه، هذه التصرفات تدفع بشريكك بعيدًا.
- إسعى لطلب المشورة المتخصصة من معالج زواجي له خبرة في مجال التعلق.
- امنح شريكك الحرية (الوقت والمساحة الملائمة).
الارتباط بشريك من ذوي التعلق المتناقِض
على الرغم من أنك قد تجد أحيانًا سلوك الشريك مُبالغًا فيه ومُربكًا، إلا أنه من الهام أن تدرك أن نمط التعلق الذي كونه شريكك لم يكن من اختياره. في بعض الأحيان، يكون للسلوكيات غير العقلانية أساس فعلي حقيقي، كما أنه من المفيد أن تفهم احتياجات شريكك واستيعاب الطبيعة المعقدة لسلوكياته. على سبيل المثال، قد يكون هاتفك على الوضع الصامت، وفجاءه تجد كم من الرسائل النصية والمكالمات والتى تتصاعد تدريجياً بشكل مذعور ومتطلب. تواصل دائمًا مع شريكك، ليس لأنه شديد التشبث بك ولكن لأهمية البقاء مرتبطًا في العلاقة بالنسبة له. فالأشخاص ذوي نمط التعلق المُتناقِض يمكن أن يكونوا حساسين وفي حالة يقظة وتأهب مُفرِطة بشأن تخيلهم لأي احتمالية للتجاهل أو للرفض، حتى عندما لا يكون ذلك مفيدًا لهم. من الضروري بالنسبة لهم أن تتفاعل معهم وأن تكون جديرًا بالثقة، وأن تتحدث معهم بصراحة وتتجنب إخفاء الأسرار.
في الأغلب، يحتاج شريكك إلى المزيد من التشجيع والتطمين، وأن تساعده على تنمية الأمان الذي يتطلع إليه من خلال تزويده بما يحتاجه إليه. يمكنك أن تُصغي بإمعان له وأن تحترم احتياجاته وتكون متوافقًا معها، كل ذلك بينما تدعمه على أن يكون مستقلاً في علاقاته وأن تساعده كي يخصص وقت من أجل الاعتناء بنفسه ورعايتها. كن متسقًا وثابتًا على مبدأ، لأن التناقض قد يُحيي ويثير جروح التعلق. هذا يتضمن التأكد من تطابق كلماتك مع أفعالك. حافِظ على تعهداتك واتفاقاتك معه.
على الرغم من أن شريكك قد يحتاج إلى المزيد من التواصل والدعم كي يشعر بالأمان، إلا أنه من المرجح أيضًا أن يكون شديد الانتباه لاحتياجاتك بطريقة قد تُُشعرك بالإرهاق والاجتياح من نحوه. أخبر شريكك بأنه لا بأس بأن يعتني باحتياجاته الخاصة، وأن يعرض المساعدة بدلاً من يظل في العطاء بطريقة مسلّم بها، وأن ذلك لا يُعتبر عدم تقدير على الإطلاق.
التَكييف الخاص بنمط التعلق غير المنتظم (المضطرب)
Disorganized Attachment Adaptation
"يمكن للأشخاص أصحاب هذا النمط من التعلق أن يقعوا في فخ نوع من الاستجابات القائمة على الإحساس بالتهديد threat-response، أو يتأرجحون بين نمطيّ التعلق التجنبي والتعلق المُتناقِض، دون الكثير من التحديد (بلا نمط محدد يمكن التعرف عليه)."
الظروف النمائية التي تؤدي إلى تكوين نمط التعلق غير المُنْتَظِم Disorganized Attachment
ربما يكون نمط التعلق هذا هو أكثر الأنماط تعقيدًا، حيث يتأرجح نمط التعلق غير المُنتَظِم بين نمط التعلق التجنبي/المُتحاشي ونمط التعلق المتناقض. وهو غالبًا ما ينشأ عندما يكون مقدم الرعاية أو الوالد شخص مُهدد/متوعِد أو مخيف أو غير آمن/لا يوثق به. يؤدي هذا إلى تولد احتياج مزدوج؛ بأن يشعر الطفل باحتياج إلى الوالد كي يشعر بالأمان بينما يخشاه ويخاف منه في الوقت نفسه، مما يتسبب في تأرجحه بين التجنب والتناقض، بين التوقف عن البكاء تمامًا (نتيجة لليأس والاستسلام) وبين الصراخ باكيًا بشكل متواصل ودائم (في محاولة يائسة لجذب انتباه الوالد).
ورجوعًا لسيناريو الحديقة والنزهة العائلية، فهنا عندما يتجول الطفل للاستكشاف ويُجرح أو يتأذى، يُعَنّف الطفل وتُوجه إليه الاتهامات بعدم توخي الحذر، أو ما هو أسوأ من ذلك، يُعاقب بدنيًا بسبب سقوطه وتعثره. فبدلاً من أن يجد التعزية، يواجِه الطفل وضعًا فيه يصبح الشخص الذي يُتوقع منه التعزية (أي الوالد)، مصدرًا للتهديد والوعيد. مما يضع الطفل في موقف خاسر ويائس لا محالة؛ إذ قد صار مصدر الأمان هو نفسه مصدر الخطر والخوف والرعب. وفي كثير من الأحيان تصبح العلاقات بمثابة مخاطرة شديدة.
إن العديد من التصرفات التي تؤدي إلى التعلق المضطرب تقوم وتُبنى على الخوف، وهي تترك الأطفال يعانون من احتياجات وجدانية/عاطفية غير مُلباة unmet emotional needs ويعانون من التشظي/التفسخ النفسي dichotomy من جراء الاضطرار إلى الاعتماد على مقدمي رعاية غير جديرين بالثقة/لا يمكن الاعتماد عليهم ولا يمكن التوقع بما سيأتون به. قد يكون الآباء هنا يعانون أنفسهم من صدمة لم يتم التعامل معها بعد. وهذا الأمر الديناميكي/الفعال يقضي على الشعور بالأمان الضروري لتطوير التعلق الصحي عند الأطفال، وهو الأمر الذي ينتقل إلى علاقات البالغين فيما بعد.
إن الرغبة في التواصل هي سِمَة إنسانية فطرية. والرغبة الشديدة في إرضاء مقدمي الرعاية (الآباء)، والخوف من سوء المعاملة/الإيذاء أو الإهمال، من الممكن أن يؤديا إلى جعل الطفل مُفرِط في استقلاليته (مُتَجَنِبًا avoidant) وأيضًا مهموم وقلق (مُتناقِضًا anxious ambivalent) أثناء فترة الطفولة. فنجد في التكييف الخاص بنمط التعلق غير المنتظمdisorganized adaptation، يتشابك نظام التعلق المُصمم للتواصل من أجل الشعور بالأمان والحب، مع الخوف والتهديد المُفرطين.
سِمات نمط التعلق غير المُنتَظِم Disorganized Attachment لدى البالغين
لقد تعلَّم البالغون من أصحاب هذا النمط أن العلاقات مخيفة، ونتيجة لذلك يقرنون حميمية العلاقات بالخوف، بينما يقبع داخلهم التوق الحثيث إلى التواصل (وتكوين علاقات مع الآخرين) كحاجة إنسانية فطرية أصيلة.
من الممكن أن يكون لدى الأشخاص ذوي التعلق المضطرب بعض أو كل السِمات التالية:
- شيوع التفكك/انفصام الشخصية dissociation في حالات الإيذاء الجنسي والبدني.
- اللجوء إلى استجابات البقاء (البدائية للمملكة الحيوانية) في العلاقات والتي تفتقر إلى الحميمية؛ القتال أو الهروب أو التجمُد fight, flight or freeze.
- الاستغراق في الذات Self absorption والحاجة القوية للتحكم والسيطرة.
- الافتقار إلى التواجد والحضور في العلاقات.
- الافتقار إلى السيطرة على الاندفاع.
- قد يكون هناك ذكريات خاطفة من الماضي flashbacks، أو استدعاء للتجارب الصادمة المؤلمة المُخزنة في الذاكرة.
- صعوبة في التركيز أو التفكير في التسلسل الزمني لأحداث الماضي.
- سهولة الإجفال (الفزع) أو الشعور بالذعر.
- التيقظ/الترقب المستمر للخطر أو تغيرات المزاج.
- من الممكن أن يبدو منسحبًا checked-out.
يبدو أن المضي قدمًا في العلاقات والحميمية بالأخص بمثابة منطقة خطرة للأشخاص ذوي نمط التعلق غير المنتظم، لكن التحسن وإحراز التقدم في هذا الشأن أمر ممكنًا.
التعافي من نمط التعلق غير المُنتظِم
Healing Disorganized Attachment
يُعد تمييز التعلق المُضطرب، والتبصر بشأن التحديات الفريدة التي يفرضها، خطوة أولى قوية وعظيمة في طريق التعافي. ونظرًا لأن الإيذاءات أو الصدمات هي أمور شائعة مع هذا النمط من التعلق، فإن العلاج المختص بالصدمات specific trauma-related therapy أو حتى الدعم المقدم لكرب ما بعد الصدمة post-traumatic stress support، يمكن أن يكون هنا نافعًا. في العديد من الحالات، قد يتطلب التعقيد الحادث مساعدة معالج مهني محترف لديه خبرة فى التعامل مع العملاء أصحاب نمط التعلق غير المنتظم.
غالبًا ما يحدث نمط التعلق غير المنتظم نتيجة جروح وإيذاءات التعلق المتتابعة بين الأجيال inter-generational attachment injuries، والتي تنتقل من الطرف الوالدي إلى الطفل. ويبدأ كسر حلقة أذى التعلق هذاattachment injury cycle من خلال الإقرار بأثره الصادم على الأطفال والأثر الذي يتركه على العلاقات بين البالغين.
قد يكون من المفيد تحديد الأشخاص الموجودين في حياتك والذين تشعر معهم بالأمان. قد يكون صديقًا أو شريكًا أو حتى حيوانًا أليفًا محبوبًا. عندما تفكر في هؤلاء الأشخاص الآمنين (أي مصدر الآمان)، ما هي الأحاسيس التي تنشأ/تشعر بها في جسمك؟ هل تشعر بالدفء والرقة؟ الهدوء والسكون والاطمئنان؟ هل تشعر أنك أكثر استرخاء؟
إن الأمان والتعافي ممكنان، ومن شأن عملية تعيين الحلفاء (الأصدقاء) الذين يدعمونك أن يساعد على ضبط انفعالاتك ground your emotions (أي تأسيسها على أرض صلبة حقيقية)، وكبح الإستجابة التي يحثها التهديد وإبقائها تحت السيطرة، ومنحك مأوى آمن تنطلق منه للعالم.
الارتباط بشريك من ذوي التعلق غير المُنتَظِم Disorganized Attachment
إن الارتباط بشخص لديه نمط التعلق هذا قد يبدو أحيانًا مثل ركوب الأفعوانيةroller coaster بالملاهي. وبصفتك شريكًا له، يمكنك أن تعين هذا الشخص وهو في طريقه إلى التعافي، بالإضافة إلى دور العلاج الزواجي مع معالج متخصص في التعلق، بالإضافة إلى بعض التدريبات الشخصية في المنزل.
كن واضحًا في التواصل وتجنب الرسائل المختلطة، والتي يمكن أن تكون مُربكة لشريكك ذو نمط التعلق هذا. حاول أيضًا التحدث إلى شريكك بنبرة صوت هادئة ومُطمئِنة ومتسقة؛ فالصراخ أو الصوت العالي يمكن أن يتسبب في انكفاء شريكك وتراجُع حالته retreat أو دخوله في حالة العزل والانفصال dissociate. خذ الوقت الكافي كي تفسح المجال لعملية التنظيم والترتيب داخله regulation.
يُعد ممارسة اللمس الآمن -عندما يشعر الشريك بأنه قادر على تلقيه/قبوله- أمر هام على الدوام، لكنه هام بشكل استثنائي مع الأشخاص الذين لديهم تاريخ من الإيذاء. تحقق من الأمر مع شريكك عن طريق سؤاله: "هل هذا يناسبك ويُشعرك بالراحة؟" يمكنك أن تُرشِد وتُبَصِر شريكك إلى أنك المأوى الآمن له بلمسة مُحِبَة وآمنة.
انظر إلى شريكك مليًا بعين مُحِبَة. هذا ما يُطلق عليه تمرين "العيون الحنونة/الرحيمة Kind Eyes". من شأن ممارسة هذا التواصل الجوهري/التلامس الحيوي essential contactأن يساعد شريكك على التواصل والحضور.
ترجمة: مريام نبيل حبيب
د. مريم ميلاد
ترجمة خاصة لخدمة المشورة والنضج المسيحي