الشخص الذي يقبل نفسه يعي، أولاً، ما به من حاجات جسدية وعاطفية وثقافية واجتماعية وروحية. وهو يدرك، ثانياً، أن المحبة الحقيقة في مثل هذه الحال تبدأ بمحبة الذات… فإنني لا أستطيع أن أحب أحداً إن لم يكن فيّ حب لذاتي. ومن حاول أن يتجاهل وجود الحاجات التي فيه يضع نفسه في مسار انتحاري. عليّ أن أحب قريبي كنفسي ولكنني لن أتمكن من ذلك ما دمت لا أعرف كيف أحب نفسي محبة حقيقية صادقة. إن من يقبل نفسه يحاول أن يعيش حياة تتسم باتزان يمكنه من تلبية ما به من حاجات. فهو يأخذ من الراحة قسطاً كافياً ويعرف كيف يسترخي وكيف يتغذى وكيف يجد الوقت لما يكفي من تمارين بدنية. وهو يعرض عن الإفراط في الطعام أو التدخين أو تناول المسكرات وتعاطي المخدرات. وبإمكانه أن يخلق اتزاناً بين ما به من حاجات وما للآخرين عليه من حقوق. إنه يفطن لواقع الآخرين ويعاملهم بعطف وكرم. ولكن بإمكانه أيضاً أن يقول "لا" لما يتطلبه الآخرون من دون أن يشعر بذنب أو ندم. إنه يعرف حدود قدراته كما أنه يعي حقيقة حاجاته.
27 كانون الثاني
الأب/ جان باول اليسوعي
من كتاب : رحلة في فصول الحياة