ثم قال له عالم، هات حديثنا عن الكلام. فأجاب وقال: أنكم تتكلمون عندما تـُوصد دونكم أبواب السلام مع أفكاركم. وعندما تعجزون عن السكني في وحدة قلوبكم، تقطنون في شفاهكم، والصوت يلهيكم ويسليكم. وفي الكثير من كلامكم يكاد فكركم يقضى ألماًً وكآبة. لان الفكر طائر من طيور الفضاء، يبسط جناحيه في قفص الألفاظ ولكنه لا يستطيع أن يحلق طائراً.
أن بينكم قوماً يقصدون الثرثار المهذار، ضجراً من الوحدة والانفراد: لأن سكينة الوحدة تبسط أمام عيونهم صورة واضحة لذواتهم العارية يرتعدون لدى رؤيتها فيهربون منها.
ومنكم الذين يتكلمون، ولكنهم عن غير معرفة، وبدون سابق قصد، يظهرون حقيقة لا يدركونها هم أنفسهم. ومنكم الذي أودع الحق قلوبهم، ولكنهم يأبون أن يلبسوه حلة اللفظ. وفي أحضان هؤلاء تقطن الروح في هدوء وسكون.
فإذا رأيت صديقك علي جادة الطريق، أو جمعتك به ساحة المدينة، فدع الروح التي فيك تحرك شفتيك وتدير لسانك. أفسح المجال للصوت الذي في أعماق صوتك فيخاطب أذن أذنه.
لان نفسه تحتفظ بسر قلبك كما يتذكر فمه طعم الخمرة الطيبة، وإن تنوسى لونها وتحطمت الكأس التي حملتها.
جبران خليل جبران
من كتاب النبي
"تحتاج لإيجاد الله وهو لا يمكن أن يوجد في الضوضاء والقلق ...
الله صديق الصمت.
شاهد كيف هي الطبيعة ... أشجار، زهور وعشب تنمو بصمت ...
شاهد النجوم، الشمس والقمر ...، كيف تتحرك بصمت ...
نحن نحتاج إلى الصمت كي نكون قادرين على لمس الأنفس ..."
الأم تريزا