في مستقبل التلاميذ
على لسان "بطرس"
ذهب بنا يسوع مرة عند غروب الشمس إلى قرية بيت صيدا. وكان التعب آخذاً مأخذه من جماعتنا، وكان غبار الطريق محيقاً بنا. فأتينا إلى منزل كبير في وسط بستان جميل، وكان رب البيت واقفاً أمام البوابة.
فقال له يسوع: إن هؤلاء الرجال تعبون، وقد تقرحت أقدامهم من المشي، فدعهم ينامون في بيتك، فإن الليلة باردة وهم في حاجة إلى الدفء والراحة.
فأجاب الغني وقال: إنهم لن يناموا في بيتي.
فقال له يسوع: فاسمح لهم إذاً أن يناموا في بستانك.
فأجاب الرجل: كلا ولا أسمح لهم بالنوم في بستاني.
ثم التفت يسوع إلينا وقال: إن هذا مثال مما ستصيرون إليه في الغد، وهذا الحاضر يشبه مستقبلكم. إن جميع الأبواب ستقفل في وجوهكم، حتى إن البساتين المتكئة تحت النجوم ستقفل أبوابها دونكم.
فإذا صبرت أقدامكم على عناء الطريق وثبتم، تتبعوني، فإنكم قد تجدون طستاً وفراشاً، وربما خبزاً وخمراً أيضاً.. ولكن إذا حدث ولم تجدوا شيئاً من هذا فلا تنسوا في ذلك الوقت أنكم قد عبرتم صحراء واحدة من صحارى معلمكم.
هلم بنا نمضي من هنا.
أما الرجل الغني فإنه كان مضطرباً، وقد تغير لون وجهه، وكان ينطق بكلمات لم أسمعها، فتحول عنا وارتد إلى بستانه. وهكذا تبعنا يسوع على الطريق.
جبران خليل جبران
من كتاب يسوع ابن الإنسان