قد تكون طرق الله غير معلنة، ولكن قصده لنا معلن.
يحكم الله الكون بأعمال عنايته/إدارته السرية حتى أن ليس هناك أمر يحدث بعيداً عن ترتيب الله، وإنما تبقى يده إلى حد بعيد غير ظاهرة لنا.
لا يوجد شيء سوف يحفظنا بفاعلية في طريق مستقيم غير منحرف في هذا الزمان سوى قناعة ثابتة أن كل الأحداث في أيدي الله، وأنه رحيماً كما هو قدير. هذا سوف يقودنا للامتنان في أوقات الوفرة، والصبر في الضيقات، ولاطمئنان في أمان عجيب بالنسبة للمستقبل.
ولأن لدينا ميل للوم الله في أوقات الضيق ولمدح أنفسنا في أوقات الوفرة، فنحن نتذمر ضد الله إن لم يمنحنا راحات هادئة. ونحن نتخيل أن الضيقات يمكنها أن تأتي فقط من الشيطان – كأنه إلهاً آخر إضافياً – ولهذا نفشل في أن ندرك أنه لا شيء يحدث، حتى إن كان مدبراً بواسطة الشيطان للشر، لا يتم تحويله بواسطة الله لقصد أعظم يتعلق بخلاصنا. لا يوجد شيء يمكنه إحباط مفعول مقاصد الله التي بالنعمة تعمل لخيرنا في المسيح. لا يقول بولس أن كل الأشياء خيّرة، ولكن يقول أن الله يجعل كل الأشياء تعمل معاً للخير لشعبه (رو8: 28).
لذا فإنه من الخطأ أن نستنتج من الوفرة أن الله راضٍ عنا، أو من الآلام أن الله غاضب منا. لأن الله لا يعطي للمؤمنين في تأديبه ما يستحقون بل ما هو مفيد بالنسبة لهم في المستقبل. فهو يتخذ وظيفة الطبيب وليس القاضي. دائماً ما تضعنا الآلام في نهاية قوتنا، حتى ننظر لله في المسيح من أجل أماننا.
علينا أن لا ننسى أنه لا يوجد محكمة أعلى ، ولا عرش أكثر فخامة، ولا موكب انتصاري متميز ولا مركبات حربية رفيعة أعلى من انتصار المسيح على الموت والشر في الصليب. لم تكن حياته سوى صليباً دائماً. يشتمل صليب المسيح في ذاته دائماً على النصرة. ولكن، مثل التلاميذ في الجلجثة، نحن نهرب من الصليب – نهرب من صليب المسيح ومن صليبنا. نتخيل أنه بشكل ما نحن نستحق الوفرة والغنى. ولكن الوفرة والغنى دائماً ما يُسكرون الناس، حتى أنهم يتلذذون في بُطلهم الذاتي. وبدلاً من أن يؤديا للامتنان، يؤديا لإساءة استغلال سماحة الله الاختيارية في العطاء؛ وتصبح الوفرة والغنى سجناً خاصاً يحرمنا من عطايا الله العظمى.
لا يمكن فصل سيادة سلطان الله عن قصده الخلاصي. إن عناية الله وإدارته للكون تحرص على خلاصنا، حتى وإن ظهر بأكثر شدة أنها نائمة. تماما ً كما نجد الله في “منخفضات أو وديان” هذا العالم – مثلما كان في مزود حقير متسخ في بيت لحم، أو متعب في طريقه لأورشليم، أو وهو يصلي وهو في حالة الهجر الإلهي على الصليب- فنحن نثق أنه متواجد بأكثر شدة في حياتنا بدقة حيثما يبدو غير ظاهر على الإطلاق. هذا يصنع فرقاً هائلاً في حياتنا لما نثق أن ذات الإله الذي يجرح هو يعصب أيضاً.
ونحن نتبع مخلصنا، ونحتمل الصليب في هذه الحياة إلى أن نملك مع المسيح في المجد. فالله لا يدعو شعبه للنصرة قبل أن يدربهم في حروب الآلام والمعاناة.
إن خلاصنا ومصالحتنا على الله في المسيح هي أكثر أهمية من أي سعادة حالية. إنه من الأفضل بكثير لأبناء الله أن يتباركوا، رغم جراحهم وكسرهم، عن أن تكون لديهم الرغبة في ذلك السلام الذي فيه سوف يغطون في النوم. إن أسمى أمان لنا وغنى ليوجدا فقط في المسيح وسوف يتم إدراكهما بالتمام فقط في المجد.
مأخوذة بتصرف من جون كالفن )مُعاد كتابتها paraphrased) في:
http://hrefaat.wordpress.com/2011/08/29/prosperity-calvin/
"كان "برنارد جيلبن" (1517- 1583م) واعظاً حكم عليه بالحبس بتهمة الكرازة بالإنجيل في فترة اضطهاد الملكة ماري للبروتستنت (في إنجلترا) ومع أنه كان في طريقه إلى لندن لتنفيذ حكم الإعدام بحقه، فإن حراسه دهشوا لأنه كان يقول طوال الطريق "كل الأشياء تعمل معاً للخير". وفي الطريق، سقط برنارد عن ظهر الحصان فتأذى. وبسبب ذلك، لم يتمكنوا من مواصلة السير لبضعة أيام. وفي هذه الفترة، قال برنارد لحراسة المذهولين: "أنا على يقين بأن هذا الحادث المؤلم سيكون مصدر بركة". وأخيراً، تمكن برنارد من متابعة السفر.
وعندما اقتربوا من لندن في وقت متأخر عما كان متوقعاً، سمعوا أجراس الكنيسة تقرع. وعندما سألوا عن سبب قرع تلك الأجراس قيل لهم: "الملكة ماري ماتت، ولن يكون هناك مزيد من حرق المؤمنين البروتستنت!" حينئذ، نظر برنارد إلى الحراس وقال: "أترون؟ إن كل الأشياء تعمل معاً للخير".
وهكذا، فقد استخدم الله ذلك التأخير الناجم عن سقوطه المؤلم عن ظهر حصانه لإنقاذ حياته."
مقتبسة في "الثقة بالرب في مواجهة آلام الحياة"
جيري بريدجز
اضغط هنا للذهاب إلى الجزء الأول الذي نشرناه سابقاً عن "سيادة الله"