خواطر قارئة أمريكية

J. G. D, USA ٢٢ أكتوبر ٢٠٢٠

خواطر قارئة أمريكية

لقد قرأت كتاب الأم تريزا (بعد الاقتباس منه في الخواطر بتاريخ 15/11/2007ووجدته ممتعاً للغاية. فمن المشجع جداً للمرء أن يعرف أنه ليس وحيداً في هذا الصراع الروحي.

في هذا وجدت أنه من الصعب جداً علىَ التعامل مع أسلوبنا البروتستانتي الحالي في رؤية الحياة الروحية اليومية. لا أعتقد أنني اختلف عنكم كثيراً، فإنني على إدراكٍ تام بأن حياتي ليست سهلة روحياً، وليست كل الأمور رائعة...

السنوات الفائتة التي مضت دون أن أذهب إلى أي كنيسة كانت بمثابة فترة راحة لي. فلم يكن على أن أدعى بأنني على ما يُرام وبأنني فرحة بالرب. كما لم يكن على أن أفسر سبب عدم اهتمامي باجتماعات السيدات المتعددة التي كانت تُركز على أفضل أساليب التعامل مع الزوج والأولاد. فمعظمها كان يأخذني بعيداً عن الله بدلاً من أن يجعلني أقترب منه. وانتهيت في آخر الأمر إلى التساؤل إن كان هناك ثمة خطأ بي.

يتضمن موقعكم باللغة الإنجليزية على شبكة الإنترنت تفسير للشفاء الداخلي ولماذا لا يقودنا إلى الله. إن ما كتبتموه جد رائع. فالشفاء الداخلي يجعلنا نشعر بالرضا من نحو أنفسنا، ولكن حياتنا على الأرض كمسيحيين ليس محورها الشعور بالرضا. إن محورها هو أن نكون شبه الله. لقد كانت الأم تريزا تصارع لكي تصبح أكثر شبهاً لله! ولم يبرح هذا الهدف أبداً من أمام عينيها طوال حياتها. لقد عاشت لتكون شبه الله ولتحب يسوع!

بالرغم من كوني "بروتستانتية" لما يزيد على خمسون عاماً إلا أنني لم أعرف أبداً كيف أكون شبه الله. لقد كنت أستخدم كلمات وعبارات المؤمنين، وكنت أدرس الكتاب المقدس كل يوم، وكنت أصلي بسيل متصل من الكلمات، وكنت أشارك في جميع أنشطة الكنيسة، ولكن كل هذا السلوك لم يجعلني شبه الله. يبدو أن كل تلك الأشياء كانت خارجية فقط ولم تصل إلى إنساني الداخلي. لقد كنت أعرف أني خاطئة ولكنني لم أجد مخرجاً من ذلك. ومع مرور السنين لم أفعل سوى إضافة خطايا جديدة إلى قائمة خطاياي! لقد كان الأمر مريع ومهين ولكنني كنت في مأزق ويائسة جداً. ولم يكن لدى أي قوة على الإطلاق لأصبح شبه الله!!

الآن أدرك أن أمر أن أصبح واحداً مع الله هذا يتطلب الكثير من العمل. فهو صراع مستمر ضد أشياء نحن الأمريكيون نشعر بأحقيتنا في ملكيتها. إن القيام بعملي والعيش في هدوء يمثلان جزءاً من العيش مع الله. ولكن مؤمنينا الأمريكيين لديهم الشعور بأن لهم حقوق أخرى يجب أن يحصلوا عليها؛ أشياء تُسهل حياتهم بطرق شتى. لكني تعلمت أن الاهتمام كل يوم بأداء عملنا الداخلي وكذلك عملنا الجسدي، هذا ما يجب علينا فعله. لا مجال للشكوى حينما تصبح الحياة صعبة، أو التفكير بمنطق "لماذا أنا؟". فيجب أن أكون دائماً في يقظة فيما يتعلق بالأشياء التي حولي وبكل ما أفعله. فكوننا مؤمنين هذا لا يحدث في وقت فراغنا بل هو عمل 24 ساعة أسبوع بعد أسبوع، وسنة بعد سنة، إلى أن يحين موعد مغادرتنا هذه الأرض! الثراء المادي ليس من الإيمان في شئ. فالفقر إنما يصبح خطراً على حياتي الروحية إن كنت أرغب في أن أصبح أكثر ثراء مما أنا عليه! إن فرح الرب ثابت ومطلق، وهو ليس الفرح بالمنطق الذي ابتدعه الإنسان. إلا أنه لا يوجد قواعد أو قوانين محددة. فقط هناك الله وأسلوبه الخاص للحياة. الأمر كله في غاية البساطة ولكنه معقد جداً عندما تتحدث عنه! قسيسنا الحالي كثيراً ما كان يخبرني بأن هذه الأمور بمثابة لغز غامض، وعلينا أن نعيش هذا الغموض ونكون شاكرين!

لقد نموت عقلياً، أما روحياً فقد كنت متأخرة في النمو. في الأعوام الماضية كنت أهتم بنموي الفكري كثيراً ولكن ليس بمعرفة المزيد عن الله. الآن فقط أدرك أن الشعور بالرضا ليس هو محور الإهتمام. الإهتمام بالمظهر الحسن والمنزل الجميل أيضاً ليس هو محور الإهتمام. اقتناء الثروة كذلك ليس هو محور الإهتمام. الحصول على المزيد ليس هو محور الإهتمام. أدركت أن كوني مريضة بصفة دائمة ليس أمراً سيئاً. الرغبة في أن أكون وحيدة ليست أمراً سيئاً. عدم معرفة ما يجب أن أقوله وكيف أقوله ليس أمراً سيئاً. العديد من الأشياء التي تعلمتها في الكنيسة البروتستانتية أثبتت أنها هي ذاتها الأشياء التي أخذتني بعيداً عن الحياة الروحية الحقيقية والعميقة التي لم أعرف بوجودها إلا الآن ولم أستطع الوصول إليها. فأنا بالكاد أخطو أولى خطواتي نحو الله. ولأنني كبرت (61 عاماً الآن) فربما لن أتمكن من أن أكون مع الله كما تمنيت من كل قلبي أن أكون، لكنني بالتأكيد لن أضيع أي وقت آخر في أشياء لا تهم صحتي الروحية. وقد بدأت أتعايش مع مرضى الذي يجب أن أعيش به. فهناك عدة طرق أستطيع أن أظهر بها لله أنه محور اهتمامي بالرغم من مرضى. لم تنحاز الأم تريزا عن طريقها بسبب آلامها الجسدية ومشاكل القلب التي كانت تعاني منها، وقد شجعني ذلك كثيراً! لقد استمرت في رغبتها أن تحب وتمجد يسوع لآخر نسمة في حياتها.

لقد أعجبت كثيراً بقوة إرادة الأم تريزا الداخلية لاتباع الله  - إلهها – عوضاً عن أن تحاول حل مشاكلها. لقد تركت كل شيء في يدي الله وسمحت لخدماتها الخيرية أن تنمو حسب مشيئة الله، ولم تهتم بطلب المال. هل تستطيع أن تتخيل كل تلك الثقة في الله؟ لقد استطاعت أن ترى احتياج الكثيرين ومع ذلك كانت تقوم بواجبها الروحي والجسدي كل يوم وتركت كل ذلك لله.

J. G. D

أوريجون - الولايات المتحدة الأمريكية
(ترجمة ميادة منير)