بينما تشعر بالصحة والقوة جسدياً وعقلياً، لازلت تختبر تياراً قوياً من الحزن يسري في داخلك. فأنت تنام جيداً وتعمل جيداً، ولكن قلما تشعر بهذه اللحظات التي يختفي فيها هذا الألم النابض بقلبك والذي يجعل كل شئ يبدو ضائعاً في الهواء.
أنت تعلم أنك مستمراً في النمو، ولكنك لا تفهم لماذا هذا الحزن مستمر يغزو كل ما تفكر فيه أو تقوله أو تفعله. لازال هناك ألم عميق غير منتهي ولا تستطيع أن تنهيه أنت بنفسك. فهو أبعد من أن تستطيع أن تصل إليه يداك.
اصبر وثق. لابد وأن تغوص إلى أعماق قلبك شيئاً فشيئاً، حتى تصل إلى ذلك المكان العميق المضطرب كالنهر. هذا المكان يخيفك، ولكن لا تخف، فسيأتي اليوم الذي يهدأ فيه ويسوده السلام.
لابد وأن تستمر في هذه العملية، كما تفعل الآن. عش حياة أمينة ومنضبطة، حياة تكفل لك الإحساس بالقوة الداخلية، حياة فيها تستطيع أن تتقبل أكثر فأكثر ما يأتيك من حب. فحيثما يكون هناك محبة حقيقية لك خذها وتقو بها. وحين يشعر عقلك وقلبك وجسدك بالحب فسوف تنجذب مواطن ضعفك أيضاً إلى ذاك المكان. فما قد تـُرك منفصلاً وبعيداً سوف يأخذ في الاقتراب من الحب الذي تمكنت من تقبله. يوماً ما ستستيقظ لتجد أحزانك قد ولت. فأحزانك ستفارقك لأن ذاتك الضعيفة قد احتضنت تماماً من الحب.
إنك لم تصل بعد، ولكنك تمضي مسرعاً إلى هناك. فسيظل هناك بعض من الصراع والألم. لابد وأن تجرؤ على أن تحياه. استمر قائماً في مسيرتك. اعترف بحزنك، ولكن لا تدعه يأخذك خارج نفسك. تمسك باتجاهك الذي اخترته وبكل إشاراتك الإرشادية، تمسك بانضباطك وبعملك وصلاتك وثق أنه يوماً ما سيغلبك الحب كافياً حتى أن أكثر أجزائك خوفاً سوف تفسح له المجال.
الأب هنري نووين
من كتاب: "صوت الحب الداخلي"
ترجمة: مشير سمير
يُسمح بإعادة نشر المحتوى بشرط ذكر المصدر واسم الكاتب والمترجم