تأمل شخصي في حياة رجل الله موسي

عماد عاطف ٢٢ أكتوبر ٢٠٢٠

تأمل شخصي في حياة رجل الله موسي

 

 

 

(على ضوء محاضرات د. سامي فوزي "الحياة مع الله وطبيعة الانسان"

 

وكتاب "الالتقاء بالله" لفرنسيس شيفر

 

ومحضرات "دروس أساسية في الحياة المسيحية" لمشير سمير )

 

 

 

 

نشأ موسي وتربي في قصر فرعون 0 تعلم وتهذب بكل حكمة المصريين المتقدمة والعظيمة آنذاك , وفي سن الاربعين وجد موسي شيئاً بداخله يصارع في كيانه, أنه عبراني كما تعلم من مرضعته ( امه) وشعر أنه مسؤول عن رفع الظلم علي شعبه الذي ينتمي اليه , ودارت في كيانه بعض الصراعات منها :-

 

أ‌-الصرع ما بين ما هو عليه الآن وما سيؤول عليه الحال إذا اختار هذه المهمة ووقف ضد فرعون , وبعد صراع طويل ومرير قرر أن يُذل – وصل لأقصي حد من السوء نتيجة قراره – مع هذا الشعب الذي يعبد الاله القدير اله الاجداد ( ابراهيم واسحق ويعقوب) علي الاسترار في التمتع بكنوز مصر ووثنها

 

ب‌-لم يكن موسي يعلم الكثير عن الله وعن تعاملاته (فقط ما سمعه من امه عن اله ابراهيم واسحق ويعقوب ) , وظن في نفسه أنه جدير بإخراج الشعب من العبوديه ,وأنه كفء لهذه المهمة ولا يوجد مثله , وأن الدافع الذي تولد في داخله – حتي وإن كان من الله- فلكونه شخصاً قديراً ووحده هو المؤهل لهذا العمل , فخرج موسي وهو في عالمه الداخلي هكذا ظاناً ان اخوته العبرانيون سوف يفهمون أن الله (اله ابراهيم واسحق ويعقوب) هو مرسله , وسوف ينقادون وراءه وسينحازون له ويكون جبهة معارضة ضخمة ضد فرعون وقد يصل الامر الي الحرب, وبغيره مقدسة خرج بالاضافة لطبيعة مملوءة بالعطب والنقص والفساد 0

 

وحدث أنه قتل مصري يتشاجر مع عبري وفي اليوم التالي رفض العبرانيون سلطته عليهم , وعرف أن فرعون علم بالأمر , فهرب الي أرض مديان , وكأن موسي يحلم أو بشكل اصح في كابوس فما حدث لم يخطر له علي بال ولم يكن في حساباته , وبدأ رحلة تساؤلات مؤلمة استمرت اربعين سنة في البرية -(كثيراً ما نضع حد أقصي حسب نظرتنا وبالطبع ليست حد أقصي لله فنفاجأ بحد أقصي لم يكن في الحسبان ) –

 

لقد دارت حوارات داخلية بين موسي والله وصراع مكمل لمدة 40 سنة وتساؤلات لا حصر لها هل ما كان بداخلي مني ام من الله ؟ واذا كان من الله لماذا صمت؟ هل ما سمعته عن الله حقيقي؟ هل تكلم حقاً مع اجدادي؟ ما اشعر به الآن أنه لا يقين في أي شيء ,انه فقط كلمات , لم اري شيئاً عملياً ,هل جزاء قراري وقبولي الذل مع شعب اله ابراهيم واسحق ويعقوب أن أتحول لتائه في برية لا بداية ولا نهاية لها , حقاً أنا مخطيء في أمور كثيرة , فأنا عصبي قتلت شخص لمجرد التشاجر مع عبري ,تري ماذا كان سيحدث لو اكملت بهذه الشخصيه؟ كده احسن إن الله وقفني , كذلك بداخلي رغبة للتسلط واحساس عميق بالأنا. اشكرك يا رب لأنك بتهدمني . ما أحتاجه الآن هو أن يكون كل شيء من الله وبقيادته,اريد أن اكون وكيل فقط ,أريد أن أتغير وأغير كل دنيتي لتتوافق مع ما يريده الله,واكون تحت قيادته كل ثانية.

 

ساعدني يا رب مهما طالت مدة انتظاري في بريتي القاسية أن اطلبك وحدك لتكون انت السيد علي كل دنيتي وحدك, اطلبك لشخصك لا لأي شيء آخر حتي ولو كان تأييدي في خدمتك . وهكذا استمر موسي في بريته ورحلة تغيره حتي وصل الله بشخصيته الي الشكل المطلوب ( صار الله القائد الكل في الكل ,وماتت ذاته) وأخيراً قرر الله أن يظهر له ليسند إليه المهمه من جديد , ظهر له في عليقة مشتعلة وهي لا تحترق , وأخبره بالمهمة . فأجاب موسي أنا لا اصلح (من أنا حتي اذهب واخرج بني اسرائيل من مصر ) , وكان حقاً يعني هذه الكلمات بكل معناها , والرب يطمئنه انه في هذه المرة سوف يكون معه وكأنه يقول له : لقد وصلت للهدف والفهم الصحيح للامر نعم أنت لن تستطيع بقوتك لكني سأعمل فيك وبك , وهكذا انتهي الحوار بادراك موسي أن الله هو الذي يريد هذا وليس لذاته ورغباته الشخصيه اي مكان هنا . تحرك موسي نحو مصر وتقابل مع هارون والشعب , وكان فرح عظيم بهذا الخبر السار , ودخل هو وهارون الي فرعون ليطلق الشعب وكانت الصدمة , انعكست كل التوقعات واازدادت بلية الشعب , وزاد حملهم ورفضوا موسي وكلامه , فماذا كان رد فعل موسي ؟ لقد ذهب الي الله ( لم يهرب هذه المرة) , وأخبره بأنه يري عكس الوعد الذي أخذة منه , فرد عليه الرب بتأكيد الوعد وطمأنه , ويقتنع موسي بكلام الرب رغم الواقع لانه علي يقين ويعرف جيداً مع من يتكلم رغم أن من حوله لا يصدقون ولا يفهمون لكن المهم ما يقوله الهه ,ويطلب الله من موسي الدخول لفرعون ثانية , وفي اجابة موسي وكأنه يذكر الله بأنه ميت ولا يصلح لهذا والله يوكد له لست أنت بل أنا من سيصنع بك هذا الامر , الحوار هنا ليس تشكك لكنه توكيد مباديء معينه من قبل الله وموسي - بالطبع ظهرت أقوي مع السيدة العذراء "هوذا أنا أمة الرب ليكن لي كقولك" ما يسميه شيفر السلبية النشطة – ودخل موسي الي فرعون للمرة الثانيه رغم كل التحديات ممتلئاً ثقة في أن الله الذي دخل وليس هو , وكأن الله مستعلناً في موسي من قام بهذه المهمة من بدايتها الي نهايتها 0

 

 

 

لقد احتاج موسي 40 سنه ليصل لهذه الحاله ويمتلك هذه الشخصية بهذا الاسلوب 0 السؤال الموجه لنفسي كم سنة احتاج أنا لأكون هكذا؟ وهل أنا مستعد أن أحتمل في صبر هذه المدرسة التدريبية الالهية؟

 

(أُؤمن اني في هذا الوقت تحت الاعداد؟ فهل يصلح أن أقوم بمهام من قبل الله في هذا الوقت ؟ بالطبع فرصة الخداع كبيرة هنا لأني لا أمتلك الصبر الكافي والقدرة علي الانتظار والسبب يكمن فيما يلي:

 

انني يوم قبلت المسيح منذ أول يوم وصلت في نفس اللحظة للقمة لقد صار عندي الضمان الابدي, وبالتالي ليس لدي أي احتياج سوي بأن آتي بآخرين للملكوت ,ولا يهم كيف تسير حياتي (كلنا في الكنيسة اصبنا بهذا السرطان),الكل ينظر للخارج للبحث عن آخرين ليقودهم للملكوت,ولديهم الدليل الكتابي لما يفعلون:

 

1.الارسالية العظمي

 

2.المرأة السامرية

 

3.مجنون كورة الجدريين

 

لقد عشت سنين في شيزوفرينيا الحياة الروحية بطريقة عجيبة وقدرة هائلة علي خداع نفسي ترعبني كلما تأملت فيها ,وماتزال أثارها تعمل في كياني . كنت أعيش في صراع مرير في داخلي لا ألمس حضور الله ولا يوجد عندي اليقين بوجوده في الحياة , حياتي مملوءة بالخطايا والسقطات والفكر الخاطيء في الله ونفسي والآخرين , خلوتي متقطعة ,سطحية جداً تعتمد علي المشاعر , الكلمة بالنسبة لي حبر علي ورق تحبطني أكثر مما تدفعني , أمتليء بالغيرة من رجال ونساء الكتاب المقدس لأنهم رأوا الله وتكلموا معه وأنا لا أجده

 

ثم أذهب الي الكنيسة في خدمة , فألبس قناع (المفدي بالدم ,القديس , ضامن الحياة الابدية , المتمسك بوعود الله في كلمته, خادمالرب الامين ) , ليس فقط مؤمن بكل هذا بل اعلم الآخرين وأقنعهم بأن يكونوا هكذا !!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!

 

عماد عاطف