ايمان ام مجرد قناعه؟

مريم ٢٢ أكتوبر ٢٠٢٠

ايمان ام مجرد قناعه؟

 

 

 

 

 

يبدو ان تلك القناعة كافية فقط اذا كنت في نفس موقف اللص الايمن سارق الملكوت كما يطلقون عليه

 

لقد قرات وتعلمت وعرفت الكثير بما يكفيني لاكون قناعة ما. ان ما كنت عليه لا يمنحني العلاقة الحقيقة مع الله ولا يجعلني راضية عن نفسي وانتقلت الى قناعة اخرى كادت ان تمنحني تلك العلاقة لكنها تقف بي عند قمة جبل عال وتتحداني في علاقاتي بالبشر الذين لم استطع ان اقتلعهم من داخلي او اعرف ان اعيش بمعزل عنهم. انها قناعة في حد ذاتها وبمفردها بدون وجود التحدي البشري رائعة وتجعلني اتمنى الموت لحظة معرفتي للحقيقة، ان التحدي الحقيقي في ايماني هو الممارسة وليس المعرفة، فالقناعة العقلية والنفسية تكفيك فقط اذا كان الموت ينتظرك مثلما كان ينتظر اللص الايمن، فقد تقابل مع الحقيقة ومات، ويبدو لي انه لم يعاني كل تلك التحديات والصراعات البشرية التي تجعله يتردد ويشك ويفتر في ايمانه ثم يعود ويتعلم من جديد وهكذا، ربما... انا غير متاكدة لكن هكذا يبدو لي. ان معرفتي الحالية وقناعتي اليوم تكفيني للحظة فقط ولا تكفيني لكي اعيش اكثر من ذلك، فما اراه اليوم انني احتاج لأكثر بكثير من مجرد قناعة فكرية او منطقية ، حقا انها ليست بمرحلة هينة او سهلة ولا يمكنني ان اذهب للمرحلة التالية دون المرور بها، لكن خطئي كان في انني كنت اعتقد انها كافية

 

من يقول ان مجرد قناعتي بموت وصلب وقيامة المسيح تكفيني للحياه مع الله او حتى لدخولي السماء؟ الحقيقة ان قول المسيح عن الشياطين الذين يعرفون ذلك بل ويقشعرون ويخافون ايضا لا تترك بداخلي سوى معنى واحد هو انني لا اختلف عنهم في مرحتلي الحالية، فانا اعرف واخاف واقشعر من تلك القناعة، لكن ماذا فعلت بها ؟ لا شيء... لازلت مكاني ولا اعرف الى اين ينبغى ان تأخذني تلك الحقيقة، لكن بحسب ما جاء في الكتاب المقدس انني ان عرفت الحق قالحق يحررني، وحتى المعنى الحقيقي للحرية لم اعرفه بعد لكنه من المؤكد انه ليس ما انا عليه من سلوكيات قهرية وادمانية ومن بغضه ومحبه للشر كل يوم

 

بالرغم من هذا الشغف الذي احمله انا لا اتوقع ان اصبح انسانا صالحا حتى بعد ان يحررني الحق

 

ربما يحررني من فكرة انني صالح، او يحررني من انني سوف اصبح صالحا في يوم من الايام، وربما يحررني من تعلقي بالعالم

 

لا اعرف لكن هذا النوع من الحرية لابد وانه ذو مذاق خاص يختلف عن طعم الحرية من اي قيود اخرى نسعى للتحرر منها ونحن نعيش دنيانا

 

لقد تفاخرت كثيرا امام نفسي وامام الله بانني تحررت من افكار قديمة لم يمتلك الكثيرون الشجاعة لمواجهتها وانخدعت بتلك الفكرة سنينا طويلة واعترف بان تلك الخدعة قيدتني وجعلتني ادين الكثيرين واجلد ذاتي وانغمس في الكبرياء وابتعد يوما بعد يوم عن الحق وعن الله ذاته صاحب الفضل واليد المحركة لبذرة هذا الايمان التي لم تتنفس او تنبت حتى اليوم، واعتقدت خطئا ان مجرد هذا الادراك يرفعني درجات فوق البشر ويجعلني الاقرب الى الاله بل ويعطيني الحق في التشفع او يمنحني السلطان على الرياسات والسلاطين الشيطانية

 

لقد بات حلم الحقيقة في خيالي طول الوقت وعندما استيقظت وجدت نفسي بداخل بيتي ووسط مجتمعي ووجدت انني لم اخطو خطوة واحدة بعيدة عنهم او عن انانيتي او كبريائي، لقد قفزت بايماني بالفكر فقط دون اي ممارسة ودون امتحان حقيقي لجدية هذا الايمان في اعماقي

 

ولو سالتني في تلك اللحظة سوف اردد كلمات عظيمة -فقد اعتدت على انتقاء كلماتي- لكنني افضحها اليوم واوقفها واصرخ فيها كفاكي خداعا وانخداعا، فالحقيقة المحررة الغير معاشه وهم وضلال ، الحقيقة القاصرة على افكار نظرية كذبه تنمو مع الوقت