العلاقات البشرية
إن رغبات البشر وسلوكياتهم ومناهجهم فى التقييم والتصنيف، حتى وإن غلفت بالتضحيه والإيثار، كالصداقة والزواج وإنجاب ورعاية الأطفال، والشفقة والتعاطف، والتدين والتعبد، بل وحتى الاعتناق لمنظومة فكرية وقيمية معينة، لا تتشكل إلا من منطلق ذاتى أنانى، فالكائن البشرى أنانى بالفطرة. إن كافة العلاقات تتأسس على الخوف والاحتياج، فالخوف وقدرة تسديد الأحتياجات خاصةً الأقتصاديه والجنسية هو الخالق لكثير من المعتقدات والتصورات، والحاكم للعديد من العلاقات والممارسات والأفعال، فالحصول على الرفض أو التأييد والأمتثال ليس صعباً بالتخويف والترهيب، فالرغبة في تحقيق الهدف والغايه وأجتناب العقاب، هى القاعدة التى تبنى عليها توجهات البشر، خاصةً فى البلدان الأفتراسيه القاهرة والمقهورة، والتى يتوارث أعضائها نفسية العبيد وعقليتهم المقولبة والمبرمجة على طاعة وتقديس القوى حتى وإن كان جائر وظالم، لكنه يمنحها الشعور بالأمان ويعفيها من مسئولية أتخاذ القرار، فالحاكم المستبد القادر على أخصاء وتدجين محكوميه يلقى من الخضوع والأحترام أكثر مما يلقاه الحاكم العادل المتسامح، فالخوف أكثر فاعليه ودوام عن ما يسمى بالحب، فالحب ليس إلا مصطلح هلامى وخدعه قد أبتكرها البشر لأبتزاز وأستنزاف البلهاء والسذج والتعساء، ولتبرير رغباتهم وتجميل علاقاتهم القائمه فى حقيقتها على الأستغلال لتسديد الأحتياجات البيولوجيه أو ألأقتصاديه أو النفسية. وكذلك الاحتياج خاصةً في ألزواج والإنجاب، فالزواج ليس ما يروج له فى الدراما السطحيه الأستهلاكيه المفسده للعقول، والمتواطئة مع المجتمع للأبقاء على أنحطاطه وهمجيته وتبرئته من جرائمه ولكن الزواج هو نظام أبتكره المجتمع لتقنين وتنظيم شكل من أشكال العلاقات، وأكسبه الشرعيه والجوده والأفضليه ودوام الصلاحيه، بالرغم من أحتوائه بشكله الحالى على العديد من القيم القبليه الأبويه الذكوريه الأستعلائيه الأحتكاريه العبوديه. فالرجل يتزوج ليدعم شعوره برجولته، وليحققها ويؤكدها ويثبتها أمام نفسه ومجتمعه، ويحصل على الجنس بكثافه وسهوله وبصوره مقبوله، ويمتلك شخص أخر أضعف منه ـ جسدياً وأقتصادياً وأجتماعياً ـ وهو زوجته بعد دفعه ثمنها لأبيها أو لأى ذكر من عائلتها وحصوله على عقد ملكيتها الجنسيه والإنسانيه، ثم أبنائه ليشعر بالقوه والفوقيه والقدره على العقاب والغفران والمنح والمنع. إن سعى الرجل نحو الزواج وأنجاب الأطفال هو أحدى تجليات الرغبه فى الأنتصار على الموت وأقتناص الخلود بأستمرارية أنتقال وتوارث جيناته ودوام حفظها وبقائها، وكذلك الأنتساب لأسمه، فالطفل تلقائياً ينسب إلى أبيه، وأمتلاك السلطه والسياده والألوهيه المتمثله فى القدره على الصناعه لكائن أخر والأتيان به الى الوجود، وحيازة حق الوصايه عليه وتسخيره والأنتفاع به، والأستمتاع بممارسة القذف والتقيئ الجسدى والنفسى والفكرى به وفيه وعليه، وتشييئه وتشكيله والتحكم فى مصيره ومشاعره وأنفعالاته، فالكثير من أرباب الأسر يشعرون بمتعة فى تأديب و تحقير أطفالهم وفى خوفهم وضعفهم وأنكسارهم، وبلذه عند التسبب لهم فى الألم والحزن ثم الفرح والبهجه، وأيضاً عندما يخشى الطفل أباه ويرتعب من عقابه ويرتجى رضاه وعفوه وغفرانه، فيغفر له بعد بكاء وأستعطاف وتوسل وتذلل ليحصد الطاعه والشكر والعرفان. وتتجلى هذه الرغبه بوضوح فى التعريف الدراج المقدس للزوج وهو رب الأسرة، وكذلك المرأة التى لا تعمل يطلق عليها ربة منزل، بينما يتم حرمان المرأة العاملة من هذا الشرف والتعظيم! والمرأة تتزوج لأن مجتمعاتنا قد روجت لفكره خزعبلية شديدة الضرر وهى حتمية الزواج وقدريته، وخلقت أرتباط شرطى حتمى بين أرتباطها برجل وحصول كيانها على القيمة، فالمرأة قيمتها مكتسبة وليست ذاتية، وتعلو قيمتها بأنجابها فهى مجرد رحم تختلف قيمته بأختلاف درجه الخصوبه ونوع المنتج، فالمنجبه للذكور أفضل من التى تنجب الأناث. ولكى تنطلى هذة الخدعه تم ربط الزواج والأنجاب بالعديد من الطقوس المبهجه كأطلاق الزغاريد وتلقى التهانى، والكرنفال الهزلى المدعوا "السبوع"، وتخصيص يوم كعيد للأم، والتأكيد المكثف على المكافأه التى ستحصل عليها بعد وفاتها، وتحقير من لم تتزوج ونعتها بالعانس، وتأويل المؤسسات الدينية للعديد من النصوص لخدمه هذة الفكرة التى ظاهرها الرحمه وباطنها العذاب، والتى تهدف لأختزال المرأه لكائن قد وجد فى الحياه لخدمة الرجل وأمتاعه، ووعاء لأفراغ شهوته ومنيه، وتقزيمها وحرمانها من القوه الفكرية والنفسية والأقتصادية التى تمكنها من الأستقلال وأقتناص المساواة، وصنع القرار والندية مع الرجل، وأدارة حياتها وأمتلاك زمامها، وحرمانه من مركزيته كسيد وأله يملك أمكانية تقرير مصيرها. وأيضاً تتزوج لأشباع غريزتها الراغبه فى الأمومه، وأمتلاك أطفالها والسيطره عليهم بأسم الحب والحنان، وتلبية وتسديد أحتياجاتهاالجنسيه المكبوته والمقموعه فى أطار أعطاه المجتمع التفرد بالصواب والشرعيه يحميها من التشهيروالقتل
سامح سليمان