تـُعتبر العبادة بالنسبة للكثيرين مجرد مرادف للموسيقى. فإنهم يقولون، "في كنيستنا لدينا فترة العبادة أولاً ثم التعليم." تلك إساءة فهم كبيرة، إذ أن كل جزء من الخدمة الكنسية هو فعل عبادة: الصلاة، قراءة كلمة الله، الترنيم، الاعتراف، الصمت، السكون، الاستماع إلى العظة، تدوين الملاحظات، تقديم العطاء، المعمودية، التناول، توقيع بطاقة تعهد، بل وحتى تحية المتعبدين الآخرين.
إن العبادة هي في الواقع أقدم عهداً من الموسيقى. فقد عبد آدم الله في جنة عدن، بينما لم يرد ذكر الموسيقى حتى تكوين 21:4 عند ميلاد يوبال. لو كانت العبادة مجرد موسيقى، لما أمكن لكل غير الموسيقيين أن يعبدوا على الإطلاق. العبادة هي أكثر جداً من مجرد الموسيقى.
بل الأسوأ من ذلك، إنه قد يساء استخدام كلمة "عبادة" للإشارة إلى أسلوب خاص من الموسيقى: "لقد رنمنا أولاً نشيداً ثم ترنيمة تسبيح ثم ترنيمة عبادة". أو "أنني أحب ترانيم التسبيح السريعة الإيقاع، لكنني أستمتع أكثر بترانيم العبادة البطيئة". بحسب ذلك الاستعمال، تـُعتبر الترنيمة "تسبيحاً" إن كانت سريعة الإيقاع أو صاخبة أو تـُستخدم فيها أدوات موسيقية نحاسية. لكن لو كانت بطيئة وهادئة وشجّية ومُصاحبة بالقيثارة (أو الجيتار) فهي "عبادة". ذلك استخدام خاطئ شائع للفظ "العبادة".
ليست للعبادة أي علاقة بأسلوب أو صوت أو سرعة الترنيمة. إن الله يحب جميع أنواع الموسيقى لأنه هو الذي اخترعها كلها – البطيئة والسريعة، الصاخبة والهادئة، القديمة والحديثة. إنك ربما لا تحب أياً منها، لكن الله يحبها! وإن قدمتها ‘إلى الله بالروح والحق، فذلك يُعتبر فعل عبادة.
كثيراً ما يختلف المسيحيون في نوع الموسيقى المستخدمة في العبادة، وهم يدافعون عن نوعيتهم المفضلة في شغف باعتبارها الأكثر مطابقة للكتاب المقدس أو الأكثر إكراماً لله. بيد أنه لا توجد نوعية مطابقة للكتاب المقدس! لا توجد نوتات موسيقية في الكتاب المقدس، بل أننا لا نملك نفس الآلات التي استخدموها في أزمنة الكتاب المقدس.
في الحقيقة إن نوعية الموسيقى التي تفضلها تعكس الكثير عنك – عن خلفيتك وشخصيتك – أكثر مما تعكس عن الله. إذ يمكن لموسيقى إحدى المجموعات العرقية أن تبدو ضوضاء بالنسبة لمجموعة أخرى. لكن الله يحب التنوع ويستمتع بكل الأنواع.
لا يوجد شيء يُسمى موسيقى "مسيحية"، توجد فقط ترانيم مسيحية. إن الكلمات، وليس اللحن، هي التي تجعل الأغنية مقدسة، إذ لا توجد ألحان روحية. فإن عزفت لك أغنية بدون كلمات، لن تجد هناك طريقة لمعرفة إن كانت الأغنية "مسيحية" أم لا.
يساوى الكثيرون اليوم بين التأثر العاطفي بالموسيقى والتأثر بالروح، لكنهما ليسا نفس الشيء. فالعبادة الحقيقة تحدث عندما تستجيب روحك لله، وليس لبعض النغمات الموسيقية. بل أن بعض الترانيم العاطفية – التي تغوص في أعماق النفس – تعيق العبادة، حيث أنها تبعد الأضواء عن الله وتركّزها على مشاعرنا. إن أكبر مصدر للتشتيت أثناء العبادة هو نفسك – اهتماماتك، ومخاوفك بخصوص ما يظنه الآخرون عنك.
ريك وارين
من كتاب: "الحياة المنطلقة نحو الهدف"
ص 65،66،102