يا لها من مأساة نعيشها في يومنا المظلم هذا، حيث أنهى لنا معلمونا بحثنا عن الله. فقد جُعِلَ كل شئ ينصب حول الفعل الأولي لـ "قبول المسيح" (المصطلح الذي، بالمناسبة، لا وجود له في الإنجيل)، فلا يُتوقع منا أن نتوق لأي إعلان أكثر من الله لنفوسنا فيما بعد. لقد أوقِعنا في شرك التفافات المنطق الزائف الذي يصر على أنه إن كنا قد وجدنا الله فلا حاجة لنا للبحث عنه فيما بعد. لقد وُضع هذا أمامنا بمثابة الكلمة الأخيرة القويمة، وصار من المسلم به أنه لا يوجد تعليم كتابي آخر مختلف يؤمن به المؤمنون.
إن لاهوت القلب الاختباري لدى الجمع الغفير العظيم من القديسين العطرين رُفِض في سبيل تفسير منمق متأنق للكلمة كان بالتأكيد سيبدو غريباً على مسامع أناس مثل القديس أغسطينوس أو القديس رزرفورد، أو القديس برنارد.
في وسط كل هذا الفتور الهائل يوجد البعض – يبهجني التعرف على وجودهم – من الذين لن يقنعوا بالمنطق الضحل. سوف يسلموا بقوة الحجة ثم ينصرفوا في دموع ليفتشوا عن موضع منفرد ويصلوا قائلين: "يا رب، أرنا مجدك". هم يريدون أن يتذوقوا وأن يلمسوا بقلوبهم وأن يروا بعيونهم الداخلية روعة حضور الله.
إن "حضور الله" هو الحقيقة المركزية للمسيحية. ففي قلب الرسالة المسيحية نجد الله نفسه منتظراً أبناءه المفديين ليدفعوا بأنفسهم دفعاً في إدراك واعي لحضوره.
أما هذا النمط المسيحي الرائج الحادث اليوم فيعرف هذا "الحضور" فقط كنظرية، وهو يفشل في التوكيد والتنبير على أن هذا الإدراك الحاضر هو الامتياز المسيحي. فبحسب تعاليم هذا النمط الدارج نحن الآن في "محضر الله" وضعياًفعلياً. إن الحافز والدافع المتقد والذي له أن يحركنا اختفى بالكامل، والجيل الحالي من المؤمنين يقيسون أنفسهم على تلك القاعدة الناقصة والقاصرة. قد حلت القناعة الخسيسة محل الغيرة الملتهبة، فنحن راضيين بالاستقرار في وضعياتنا القانونية الحصيفة هذه ولا نؤرق أنفسنا في معظم الأحيان بشأن غياب الاختبار الشخصي. (كمقام)، ولا يُقال شيئاً عن الاحتياج إلى اختبار هذا "الحضور"
---------------------
"أ. و. توزر"
من كتاب "The Pursuit of God"
ص 16، 17، 37
ترجمة: مشير سمير
يُسمح بإعادة نشر المحتوى بشرط ذكر المصدر واسم الكاتب والمترجم