"قال لسمعان، أبعد إلي العمق وألقوا شباككم للصيد. فأجاب سمعان وقال له، يا معلم قد تعبنا الليل كله ولم نأخذ شيئاً، ولكن علي كلمتك القي الشبكة ولما فعلوا ذلك أمسكوا سمكاً كثيراً جداً" (5 : 4-6)
متي يكون الدين لعنةً؟ يكون الأمر كذلك حين نسمح لله بجزء واحد من الحياة بينما الأبواب الأخرى نكتب عليها "للعالم" ونغلقها أمام الله. ومثل هذا التدين يرفض يسوع الاعتراف به بكلمات قوية كما سنرى.
لما كانت سفينة سمعان تـُستخدم كمنبر، لم يعترض صاحبها علي يسوع وتركه يقول ما يريد لكن لما رجعت لتصبح مركب صيد، فقد عادت لسمعان مرةً أخرى، ولم يعد ليسوع بعد ذلك أن يتحدث عن كيفية استخدامها لأن الصيد هو وظيفة سمعان. هكذا البشر يستمعون ليسوع، ويقدرون أقواله، وفي مرضهم قد يطلبون منه أن يحسن صحتهم، لكن أن يعمل ما يريده، كما في هذه الحادثة الرابعة، ويتدخل في أعمالهم وبيوتهم، وأوقات فراغهم، فهذا شيء آخر تماماً. فهذه الأشياء بكل تأكيد، ليس لها دخل بالدين.
إن يسوع، النجار الذي تحول إلي واعظ نجده يقول لسمعان الصياد، كيف يقوم بالصيد. ويمكننا أن نخمن نغمة إجابة سمعان (5: 5) ونتصور تعبيرات وجهه! وربما كانت هناك بعض الأمثال اليهودية التي خطرت علي باله فيما يتعلق بهذا الأمر! إلا أن كلمة المسيح القوية تبين أن يسوع يعرف عن وظيفة سمعان أكثر ما يعرف سمعان نفسه، وقد كان لها تأثير مادي قوي علي ظروف الأخوة (5 : 6-7).
كثيرون لابد أن يعترفوا أنهم عند نقطة معينة قبلوا كلمة يسوع حرفياً، لأنها غزت أعماق أعمالهم اليومية المعتادة. إن تعلم البشر من يسوع يقودهم إلي الاعتراف والشكر للأب لعطاياه اليومية من وجود الشمس والمطر ومن الطعام واللباس، ومن الحياة والتنفس، وسلطانه علي كل الخليقة، وعمل روحه القدوس في تقديس كل جانب من جوانب حياتهم ومن بداية تأثير الإنجيل عند دخوله إلي قلوبهم. وبالنسبة لنا نحن الذين لا نرى فيه فكراً جديداً، وإنما لمجرد أن يذكرنا، وقد يكون لازماً لنا نحن أيضا وسبباً لتبكيتنا كذلك.
مايكل ويلكوك
من تفسير "الكتاب المقدس يتحدث اليوم"
( إنجيل لوقا )