لا تغفل ما قد أتممته بالفعل. لقد حققت خطوات هامة نحو الحرية التي تبحث عنها. لقد قررت تكريس نفسك بالكامل لله وأن تجعل يسوع هو مركز حياتك، وأن تكون أداة في يدي نعمة الله. نعم أنت لازلت تختبر انقسام داخلي واحتياج شخصي للحصول على الموافقة والاستحسان، ولكنك في ذات الوقت ترى أنك اتخذت اختيارات هامة تظهر ما تريد الوصول إليه.
يمكنك أن تنظر إلى حياتك على أنها مخروط يضيق كلما مضيت قدماً فيه. وهناك أبواب كثيرة في هذا المخروط تعطيك الفرصة لمغادرة الرحلة متى شئت. ولكنك كنت تغلق هذه الأبواب واحداً تلو الآخر لكي ما تمضي أعمق وأعمق في رحلتك نحو مركز حياتك الداخلي. فأنت تعلم أن يسوع بانتظارك في نهاية الطريق، كما تعلم أنه يقودك متى عزمت المضي في ذلك الاتجاه. وفي كل مرة تغلق فيها أحد هذه الأبواب، سواء باب الحصول على الشعور الفوري بالرضا، أو باب التسلية والإلهاء، أو باب المشغولية، أو الذنب والقلق، أو حتى رفض الذات، ففي كل مرة تغلق فيها أحد هذه الأبواب فأنت تـُخضِع ذاتك للمضي في أعماق قلبك وبالتالي إلى أعماق قلب الله.
إن هذا يعد بمثابة حركة نحو تجسيد كامل، يقودك لتصير إلى ما أنت عليه بالفعل؛ ابن لله. حركة تجسم أكثر فأكثر حقيقة كينونتك، تجعلك تعلن الله في داخل نفسك. أنت مُجرب بأن تفكر في نفسك على أنك لا شئ في الحياة الروحية، وأن أصدقائك متقدمين عنك كثيراً في هذه الرحلة. وهذا خطأ.
لابد وأن تثق في عمق حضور الله بداخلك وتحيا من هذا المنطلق. فهذا هو الطريق للتقدم نحو تجسيد كامل.
من كتاب: "صوت الحب الداخلي"
(الأب: هنري نووين)
(صفحة 51، 52)
ترجمة: مشير سمير
يُسمح بإعادة نشر المحتوى بشرط ذكر المصدر واسم الكاتب والمترجم