كلما شعرت بالوحدة، فعليك البحث عن مصدر هذه المشاعر. فأنت ميال إما للهروب من وحدتك هذه وإما أن تقيم فيها. حينما تهرب من وحدتك فهي في الحقيقة لا تقل، انت فقط تدفعها مؤقتاً بعيداً عن ذهنك. وحينما تقطن فيها فمشاعرالوحدة لديك إنما تزداد قوة، وتنزلق في الاكتئاب.
إن المهمة الروحية الموضوعة عليك ليست هي الهروب من الوحدة ولا الغرق فيها، وإنما أن تجد مصدرها. وهذا ليس بالأمر الهين أبداً. ولكنك متى بدأت في التعرف على المصدر الذي تبزغ منه تلك المشاعر، فإنها تفقد جزءاً من سلطانها عليك. إن هذا التعرف ليس بالمهمة العقلية، بل هو دور للقلب. يجب أن تبحث بقلبك عن هذا الموضع دون خوف.
إن هذا البحث هام جداً لأنه يقودك لتعرف شئ جيد عن نفسك. فألم وحدتك قد يكمن في الدعوة العميقة لحياتك. فربما تجد أن وحدتك مرتبطة بدعوتك لأن تحيا بالكامل لله. وهكذا فقد تـُستعلن وحدتك على أنها الوجه الآخر للعطية الخاصة لك. متى استطعت ان تختبر هذا الحق في أعماق كيانك، فقد تجد وحدتك ليست فقط محتملة بل أيضاً مثمرة. فما بدا بالأساس مؤلماً، قد يتحول عندئذ إلى إحساس، بالرغم من كونه مؤلماً، يفتح لك الطريق إلى معرفة أعمق لمحبة الله.
الأب هنري نووين
من كتاب: "صوت الحب الداخلي"
ترجمة: مشير سمير
يُسمح بإعادة نشر المحتوى بشرط ذكر المصدر واسم الكاتب والمترجم